تزامنت جولة الرئيس الاميركي باراك اوباما في آسيا مع سعي وزارة الدفاع الاميرکية الى تعزيز النفوذ الاميرکي في شبه القارة الهندية، أي في جنوب آسيا وآسيا الوسطى والقوقاز وجنوب شرق آسيا، استعداداً لمواجهة تحديات عالم متعدد الاقطاب. وترمي الاستراتيجية الجديدة الى مواجهة القوة الصينية والى التصدي لتوسع النفوذ الروسي. واستعاضت الولاياتالمتحدة عن انشاء قواعد عسكرية تثير الشكوك بإبرام تفاهمات استراتيجية مع عدد من الانظمة المختلفة تحثها على انشاء قواعد عسكرية لا تبعث ريبة الصين. والقواعد هذه هي في صلب ديبلوماسية دول المنطقة الدفاعية لمواجهة المخاطر المحتملة. ويحاول البنتاغون تنفيذ مشروعه من طريق نصب انظمة الدروع الصاروخية الاستراتيجية، وعقد اتفاقات عسكرية وامنية ونووية، وابرام اتفاقات لشن حروب معلوماتية. وعلى رغم ان واشنطن لم توضح دور اليابان والفيليبين وكوريا الجنوبية في سياستها الجديدة، يرى بعضهم أنها تريد خلط اوراق القواعد العسكرية في هذه المنطقة لتخرج من العزلة في اماكن معينة، ولترسي انتشارها في مناطق مختلفة من طريق الاتفاق مع عدد من دول آسيا الوسطى وجنوب آسيا وجنوب شرق آسيا . والحق ان واشنطن ترغب في إحكام الطوق العسكري على الصين وروسيا، على رغم أن روابط سياسية ديبلوماسية تجمعها بهذين البلدين. ولعل أبرز انعطاف في سياسة الولاياتالمتحدة هو تغيير سياستها ازاء حلفائها التقليديين، على غرار باكستان. فهي صارت تميل الى عدو باكستان التقليدي، الهند. والميل هذا ينبئ بتطورات جديدة على صعيد توازن القوى السياسية والعسكرية في المنطقة. فالرئيس اوباما دعا عشية زيارته الهند، باكستان الى مواجهة الارهاب والتطرف، متهماً الحكومة الباكستانية باللامبالاة، والى تحمل مسؤولياتها. وتناغمت تصريحات أوباما مع تصريحات رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، خلال زيارته الهند. وكاميرون لم يتورع عن اتهام باكستان بتصدير الارهاب الى الهند . وعلى رغم ردها الديبلوماسي على اوباما وكاميرون، ومطالبتها البلدين بتفسير موقفيهما، انتقلت باكستان من موقع الحليف (الاميركي) الى موقع المتهم. وتسعى الولاياتالمتحدة وحلفاؤها في دعم الهند إلى تسويغ انتشارها العسكري في هذه المنطقة «الملتهبة». وتستخف واشنطن بمترتبات تأجيج العداوة التقليدية بين باكستان والهند. والتنافس بين الهند والصين لا يرتقي الى حالة العداء. ولكن واشنطن لن توفر جهداً من اجل تأجيج العداء بين البلدين . ودافع وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس امام المسؤولين الصينيين عن المساعي الاميركية الرامية الى تعزيز تواجدها العسكري وراء الحدود الساحلية الصينية. ولا يخفى على أحد أن المناورات العسكرية الاميركية - الكورية الجنوبية في البحر الاصفر وبحر جنوب الصين، وجّهت رسالة تهديد مباشرة الى الصين، على رغم انها كانت موجهة في الظاهر الى كوريا الشمالية. ولم تعلن الولاياتالمتحدة عن أبرز مآربها، وهو ترجيح كفة الهند. فهذه مرشحة الى اداء دور مؤثر وكبير في عالم متعدد الاقطاب . * افتتاحية الصحيفة، عن «جمهوري اسلامي» الايرانية، 13/11/2010، إعداد محمد صالح صدقيان