منحت مصادر قضائية عاملة في المشاعر المقدسة «المحامين» فرصة ممارسة دورهم في الدفاع عن «المتهمين» داخل الدوائر القضائية خلال موسم الحج، مشيرة إلى أن أنظمة القضاء السعودي لا تمنع المحامين من القيام بمهمتهم في هذا الشأن، وقالت المصادر ل «الحياة»: «لذا فإن المجال مفتوح أمام المحامين الحاصلين على تراخيص رسمية لحضور الجلسات والترافع عن أي متهم سجلت عليه قضية خلال الموسم». في المقابل، بدأ عدد من الدوائر القضائية المستعجلة بالمشاعر المقدسة في استقبال عدد من القضايا الجنائية من سرقات وغيرها، وكشفت المصادر القضائية تكليف ثلاثة قضاة استئناف في حال استعداد للنظر في اعتراض بعض المحكومين على أحكام صدرت بحقهم، إذ يتم إرسال ملف القضية حال صدور الحكم ويتم بتها من الاستئناف إما بالتصديق أو نقض الحكم، لا فتاً إلى أن الدوائر المقررة ستنظر في قضايا المحاكم الشرعية المستعجلة فقط، فيما ستتم إحالة القضايا الكبيرة التي بحاجة إلى ثلاثة قضاة إلى ما بعد موسم الحج ليتم البت فيها. وأضافت المصادر: «إن أحكام الجلد التي ستصدر في حق الجناة ستنفذ في أماكن وقوع الجريمة، أو داخل مقر الدائرة القضائية»، مؤكدة أنها ستنفذ الأحكام وفق حدود الشريعة الإسلامية، بينما ستفتقد محاكمات الحج أحد أهم العناصر المفترض وجودها، إلى جانب القاضي وعضو هيئة التحقيق والادعاء العام وهو «المحامون» المختصون بالدفاع عن المتهمين، في الوقت الذي يكون فيه المتهم مواجهاً في القضايا التي سيتم ضبطها أثناء فريضة الحج من دون محاماة أو مرافعات قانونية كما يحدث في المحاكم الشرعية خلال الأيام العادية. على الطرف الآخر، اختلف جمهور الفقهاء حول عدم جواز إقامة الحدود أو التعازير في الحرم، بحق من ارتكب موجبها فيه حتى يخرج إلى الحل، إذ لم يفرقوا بين مَن جني خارج الحرم ثم لجأ إليه، وبين مَن جني داخل الحرم، ففي الحالين يمتنع التنفيذ ويتأجل إلى أن يخرج من الحرم. وأوضح محامون وقانونيون ومختصون في القضاء أن جمهور الفقهاء ذهبوا إلى جواز استيفاء العقوبات التعزيرية على من ارتكب موجبها في الحرم لقوة أدلتهم، معتبرين الجاني في الحرم متجرئاً عليه منتهكاً لحرمته، أما الملتجئ إليه بعد ارتكابه الجريمة خارجه فهو معظم لحرمته، ولهذا ترجح تأجيل الحد عليه حتى يخرج منه. بدوره، رأى عضو هيئة التحقيق والادعاء العام سابقاً الدكتور إبراهيم الأبادي أنه لو لم يعاقب من جني في الحرم لعظم الفساد فيه، لأدى ذلك قصده إلى السكن فيه بهدف فعل الفساد وما تتقاضاه شهوته. وكشف إجماع جمهور الفقهاء على إقامة الحد على مَن ارتكب جناية في الحرم سواء كانت موجبة للقصاص أو الحد، أو التعزير، مشيراً إلى أن «المعقول» استدلوا به من وجهين، الأول أن الجاني في الحرم هاتك لحرمته، إذ لا ينتهك الحرم لتحريم ذمته وصيانته، أما الثاني فإن أهل الحرم يكونون كغيرهم بحاجة إلى الزجر عن ارتكاب المعاصي حفظًا لأنفسهم وأموالهم وأعراضهم، ولو تركت إقامة الحدود والتعازير على مَن فعل موجبها في الحرم لعظم الفساد فيه، ولتعطلت حدود الله، وفاتت هذه المصالح التي لا بد منها، ولا يجوز الإخلال بها، مبيناً أن الدوائر القضائية خصصت لنظر القضايا التي تنشأ داخل حدود الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة وحماها ومرافقها خلال مدة التكليف. وعلى الصعيد نفسه، قال المحامي أحمد جمعان المالكي: «إن تنفيذ عقوبة الجلد مرتبط بما ينص عليه منطوق الحكم القضائي الصادر بشأنه في جانب تحديد مكان الجلد من جهة، ومن جهة أخرى لا يوجد مانع شرعي أو نظامي من تنفيذ العقوبة ذاتها في المشاعر المقدسة، إذ ستحقق معه مشاهدة أكبر عدد من الناس وبالتالي يتحقق الردع الخاص والعام.