ترك رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الباب موارباً امام مزيد من الأخذ والرد تجاه «الصفقة» التي بحثها مع الادارة الاميركية في شأن تجميد الاستيطان، والتي تتضمن حوافز امنية طويلة الامد مربوطة بتسوية دائمة مع الفلسطينيين. وأكد نتانياهو قبل الجلسة الاسبوعية لحكومته ان الصفقة «لم تتبلور نهائياً»، وان العمل جار بين طواقم اميركية واسرائيلية لانهائها، في وقت تكشف ان العقدة الجديدة امام استئناف المفاوضات هي مطالبة واشنطن اسرائيل بإعطاء الاولوية لترسيم الحدود. من جانبه، اعتبر اليمين الاسرائيلي هذه الصفقة «مصيدة عسل»، مهدداً بإسقاط الحكومة، في وقت تمسكت السلطة الفلسطينية بوقف شامل للاستيطان، بانتظار وصول مساعد المبعوث الاميركي السفير ديفيد هيل الى رام الله اليوم للقاء الرئيس محمود عباس واطلاعه على تفاصيل الخطة الاميركية. وتكشفت امس تفاصيل عن رزمة الحوافز والامتيازات الاميركية لاسرائيل، وتشمل اتفاقاً للتعاون الامني المعزز لمدة 10 سنوات قالت وكالة «فرانس برس» انه سيتم توقيعه بالتزامن مع توقيع اتفاق تسوية دائمة بين اسرائيل والفلسطينيين. كما تشمل الحوافز تزويد اسرائيل مقاتلات بقيمة ثلاثة بلايين دولار، ودعم سياسة الغموض النووية الاسرائيلية، واحباط اي قرار بحق اسرائيل في المنظمات الدولية، وتشديد العقوبات على ايران بسبب برنامجها النووي. وفي مقابل هذه الرزمة الطويلة، طلبت واشنطن من اسرائيل أمرين: تجميد الاستيطان مدة ثلاثة اشهر، بما فيه البناء الذي بدأ بعد انتهاء مهلة التجميد نهاية الشهر الماضي (نحو 1649 مبنى جديدا بحسب حركة سلام الآن)، في وقت أعلنت اسرائيل ان التجميد المطروح لا يشمل القدس وغير قابل للتمديد. اما الطلب الثاني، والذي لم يتوافق عليه نتانياهو مع وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون خلال محادثاتهما الماراثونية اخيرا في نيويورك، فيتعلق بمطالبته بإعطاء الاولوية لبحث ترسيم حدود الدولة الفلسطينية المقبلة. فمن وجهة النظر الاميركية والفلسطينية يستوجب ترسيم الحدود من نتانياهو توضيح موقفه من مصير المستوطنات المنتشرة في قلب الضفة الغربية والتي يحول استمرار بقائها دون تواصل جغرافي فلسطيني. وكان نتانياهو رفض خلال مفاوضاته الاخيرة مع الفلسطينيين بحث مسألة الحدود، مشددا على اولوية بحث الترتيبات الامنية. وافادت التقارير انه لم يتحقق اختراق في هذه المسألة خلال لقائه كلينتون. واستقبلت اوساط اليمين الاسرائيلي انباء الصفقة بغضب وهددت بإسقاط الحكومة، في وقت اعتبرها نائب رئيس الحكومة موشي يعالون «مصيدة عسل ستؤدي الى ازمة اخرى مع الادارة الاميركية مع انتهاء فترة التجميد المقترحة». كما حذر نائب رئيس الحكومة سلفان شالوم من الخوض في مسألة الحدود. من جانبها، ابدت السلطة الفلسطينية تحفظاً وفتورا ازاء الصفقة الاميركية بانتظار تسلم تفاصيلها رسميا من الجانب الاميركي خلال زيارة المبعوث الاميركي ديفيد هيل، ثم عرضها على القيادات الفلسطينية والعربية. وقال الناطق الرئاسي نبيل ابو ردينة ان «الجانبين الفلسطيني والعربي ملتزمان ما تم الاتفاق عليه في لجنة المتابعة العربية والقمة العربية في ليبيا في شأن الموقف الرسمي من اجل العودة الى المفاوضات»، في اشارة الى الوقف الشامل للاستيطان. في الوقت نفسه، اعلنت مصر رفضها العرض الاميركي، وقال الناطق باسم وزارة الخارجية المصرية السفير حسام زكي ان «مصر لا ترى ان تجميد الاستيطان في الضفة يعد هدفاً بحد ذاته يستوجب دفع اثمان باهظة في المقابل»، مشددا على ان النشاط الاستيطاني غير شرعي ويخالف القانون الدولي. واكد «ضرورة التفاوض على الارض والحدود اولا، والتركيز على ذلك بحيث يتم حسم مسألة النشاط الاستيطاني وعدم تحويله الى مدخل للعملة التفاوضية يتحكم فيه احد الاطراف».