أعلنت القوات العراقية تحقيق تقدم سريع بعد ساعات من إعلان رئيس الوزراء حيدر العبادي إطلاق المعركة «الفاصلة» لتحرير جنوب الموصل، وتهدف الحملة، في مرحلتها الأولى، إلى السيطرة على الضفة الغربية لنهر دجلة، ليتسنى للجيش نصب جسور وعبور قواته المتمركزة في الضفة الشرقية. وتواجه القوات تحديات كبيرة وأشرس معركة لتحرير أهم معاقل «داعش» في العراق، خصوصاً أن الأهالي يسكنون في أحياء مكتظة تفصلها شوارع ضيقة، عكس الجانب الشرقي، حيث الطرقات مفتوحة والأحياء بعيدة من بعضها. ويقدر عدد السكان في غرب الموصل ب750 ألفاً، يحتجزهم في المدينة القديمة ما بين 3 آلاف و5 آلاف من عناصر «داعش»، غير أن بعض المصادر المحلية يؤكد أن عدد الإرهابيين المسلحين تراجع في الأسابيع الماضية، وانسحب كثيرون منهم إلى تلعفر القريبة من الحدود السورية، وحيث يتوقع أن تكون المعركة فاصلة في السيطرة على كل محافظة نينوى. وأكد قادة عسكريون اتصلت بهم «الحياة» أمس، أن عبور دجلة من الجانب الشرقي إلى الغربي مهمة محفوفة بالأخطار، على رغم توافر نحو 5 جسور معدة للنصب بعد تدمير كل الجسور التي تربط الضفتين خلال المعارك الأخيرة. وقال ضابط برتبة عقيد إن قدرة «داعش» على «ضرب الجسور والقوات التي تعبر النهر غيرت خطة الهجوم لتبدأ من جنوبالمدينة، وستصعد من حمام العليل، وصولاً إلى المطار الدولي، وتنطلق منه للسيطرة على الضفة الغربية، بما يسمح بمد الجسور والعبور إلى الجانب الغربي». ودعا العبادي، في خطاب متلفز أمس، عقب محادثات أجراها مع مبعوث التحالف الدولي بريت ماكغورك، القوات إلى «حماية المدنيين واحترام حقوق الإنسان، لأن مهمتنا تحرير الإنسان قبل الأرض». وأكد قائد قوات التحالف ستيفن تاونسند في بيان أن «قسوة داعش ووحشيته على المدنيين أظهرتا أنهما ليستا مجرد تهديد في العراق وسورية وحدهما، بل للمنطقة والعالم بأسره، وأثبتت القوات العراقية أنها قادرة، وهائلة، وجدية ومهنية وصمدت في وجه الإرهاب، وفعلت ما وسعها لحماية المدنيين». وأضاف أن «التحالف وجه 10 آلاف ضربة جوية ضد داعش، ودرب وجهز أكثر من 70 ألف جندي، وسيستمر في مهاجمة التنظيم في القيادة والسيطرة وقطع إمداده وقتل مسلحيه»، مشيراً إلى أن «معركة الجانب الغربي من الموصل صعبة لأي جيش في العالم». إلى ذلك، قال وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس الذي يزور دولة الإمارات إن «التحالف يؤمن الدعم لهذه العملية». وأضاف أن «القوات الأميركية تضطلع بالدور الذي لعبته في شرق الموصل، وسنواصل جهودنا لتدمير الإرهابيين» الذين على رغم النكسات التي تصيبهم، ما زالوا قادرين على شن هجمات دامية في العراق. ويقول خبراء إن القوات ستلجأ إلى دفع عناصر «داعش» بعيداً من الأحياء المكتظة إلى المناطق المفتوحة إلى الغرب، وصولاً إلى «تلعفر» التي تسيطر قوات «الحشد الشعبي» على مطارها، فيما يتمركز عناصر التنظيم وسط المدينة التي تشكل حلقة مهمة في سعي الإرهابيين إلى البقاء قريباً من صحراء «الجزيرة»، وهي منطلق أساسي لحركته وتربطه بمعاقله في الرقة السورية. وقال قائد الحملة الفريق الركن عبد الأمير يارالله إن «القوات تتقدم بحذر شديد حرصاً على سلامة المدنيين، وأعددنا خطة أمنية لفتح ممرات آمنة لاستقبال حوالى 200 ألف نازح في معسكر حمام العليل ومنطقة السلاميات»، مشيراً إلى أن «دور القوات الأميركية يقتصر على الجهد الاستخباراتي والدعم الجوي فقط».