قال مصدر وزاري لبناني ل «الحياة» إن جلسة مجلس الوزراء التي عُقدت الأربعاء الماضي حفلت بالإشارات والمواقف السياسية المهمة، فضلاً عن أهمية عقدها والنتيجة التي خلصت إليها ونجاح الرئيس ميشال سليمان في تجنيب المشهد السياسي المزيد من الانقسام بسبب الخلاف حول إحالة شهود الزور على المجلس العدلي أو تركه للقضاء العادي. فالجلسة كانت مرشحة، بحسب المصدر، لو لم تسبقها اتصالات حثيثة تولاها سليمان، بالتعاون مع رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط قبل وأثناء زيارته دمشق مع وزير الأشغال غازي العريضي، في اليوم نفسه لعقدها، «لمواجهة سياسية كانت ستقود كل الأطراف الى مأزق ينزلق بكل منهم الى تصعيد جديد نتيجة ردود فعل متبادلة». وأشار المصدر الوزاري الى أن رئيس الحكومة سعد الحريري كان أبلغ سليمان وجنبلاط، قبل الجلسة بأيام، أنه إذا شعر بأن هناك نية للتصويت على إحالة الملف، فإنه سينسحب من الجلسة مع الوزراء الحلفاء (12 وزيراً) بحيث يفقد الجلسة نصابها وتسقط بذلك إمكانية التصويت. ومن جهة ثانية فإن سليمان كان على علم بأنه لو طرح الأمر على التصويت، فإن وزراء جنبلاط كانوا سيقفون ضد هذا الخيار. وذكر المصدر الوزاري أن من الإشارات المهمة في الجلسة أن سليمان «لم يخضع للضغوط التي مورست عليه خلال الأسبوعين الماضيين» وأهمها مقاطعة المعارضة جلسة الحوار في 4 الجاري نتيجة ما وصف بأنه «موقفه الرمادي» (هو وجنبلاط). ففي افتتاحه الجلسة أصر على تحميل جميع الأطراف مسؤولية الوضع في البلاد، قائلاً: «ليس رئيس الجمهورية وحده المسؤول، المسؤولية تقع على الجميع. فالمشاركة في السلطة ليست فقط بالحصص بل بالمسؤولية. والأمر كذلك لأننا في حكومة وحدة وطنية مهيأة لمعالجة الأمور الأساسية الواردة في البيان الوزاري، لا سيما شؤون الناس التي تتطلب اقرار الموازنة». وأيده الحريري آسفاً لأن حكومة الوحدة الوطنية «بلغت مرحلة لا تستطيع تنفيذ ما وعدت به في البيان الوزاري، والطابع السياسي للأمور المطروحة على الحكومة والعراقيل يجب ألا تحول دون تحقيق أولويات المواطنين والنجاح في يدنا والفشل في يدنا». وتلاه وزير التربية حسن منيمنة الذي رأى أن ملف شهود الزور أخذ حجماً كبيراً، «والمسألة ليست قانونية بل سياسية، ونسمع داخل مجلس الوزراء خطاباً وخطاباً آخر خارجه في ما يخص الحرص على تجنب الفتنة، الموضوع الموقف من المحكمة الدولية التي وضعتها المعارضة مرادفاً للفتنة وهذا خطأ كبير. وليس صحيحاً أن المحكمة ضد المقاومة ونعتبر أنه مثلما دور المقاومة ردع إسرائيل فإن المحكمة دورها ردع الاغتيال السياسي». وعرض وزير الزراعة حسين الحاج حسن موقف «حزب الله» من شهود الزور والمحطات التي مر فيها الموضوع، مشيراً الى أن الإفادات الكاذبة التي قدمها هؤلاء أدت الى التأزم السياسي مع سورية والى وضع اللبنانيين في مواجهة بعضهم. وأشار الى إخلاء الضباط الأربعة ثم تخلي المحكمة الدولية عن ملاحقة شهود الزور وكذلك تخلي القضاء اللبناني عن ذلك، «لكن القضية تمس السلم الأهلي نظراً الى ما سببه هؤلاء الشهود من تناقضات لبنانية والرئيس الحريري عبّر عن ذلك في تصريحاته وعلى رغم ذلك فإن قوى 14 آذار تقول إن لا ملف اسمه شهود الزور». وتحدث عن خطورة توجيه اتهام للمقاومة مستنداً الى تسريبات من «دير شبيغل» و«لو فيغارو» ومسؤولين اسرائيليين وصولاً الى حديث وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير «ومحاولته طمأنتنا بأن الاتهام لأفراد وليس لطائفة أو حزب فكيف يقول وزير خارجية دولة كبرى كلاماً كهذا ولا تريدوننا أن نعتبر المحكمة مسيسة؟». ورأى أن سجن الضباط الأربعة «كان بمثابة اغتيال سياسي»، داعياً الى البت بإحالة شهود الزور على المجلس العدلي بالتصويت، «ونرضى بنتائجه، إذا تعذر التوافق». لكن وزير الشؤون الاجتماعية سليم الصايغ اعتبر أن رد غرفة الاستنئناف في المحكمة الدولية اعتراض المدعي العام الدولي على طلب اللواء جميل السيد إفادات من التحقيق الدولي ليستند إليها في مقاضاته الشهود، ينهي السجال ويبرهن أن المحكمة الدولية صاحبة الولاية الشاملة في شأن هذا الملف. واشار وزير الدولة عدنان قصار الى انعكاس التأزم على الوضع الاقتصادي، وقال أن اتحاد غرف التجارة العربية طلب إليه تأمين بديل لمقره غير لبنان. وأشار وزير الدولة ميشال فرعون الى أن عدم التوافق «أوصلنا الى التصويت الذي سيسبب كباشاً سياسياً وبتنا أمام مخاطر الفتنة. والشجاعة أن نواجهها بالحوار». اللجنة البرلمانية وهنا قدم سليمان اقتراحه بتأليف لجنة برلمانية لمعالجة ملف شهود الزور كحل ثالث، فأشار الى أن إسرائيل «دخلت على الخط قبل الآن وهي في الظرف الراهن تدخل على خط الفتنة». وقال: «قضية شهود الزور بعضنا يعتبرها غير مهمة وبعض آخر مهمة وعندما بحثنا بالحل وجدنا أن مبدأ فصل السلطات لا يتيح إحالتها على القضاء، إلا إذا أحيلت على المجلس العدلي، وهناك تجاذب على صعيد القانونيين والسياسيين»، شارحاً الآراء المختلفة، ومضيفاً: «أنا رأيت أن اللجنة البرلمانية حل ثالث، ووجدت أن من مسؤوليتي لتفادي الانقسام أن أسوّق له». وعدّد 9 اسباب موجبة له منها أن البرلمان سلطة فوق كل السلطات ورئيس الحكومة قال إن شهود الزور سببوا خلافاً مع سورية وان القضية سياسية وبالتالي البرلمان له صفة سياسية خلافاً للمجلس العدلي، في ظل وجود منحى سياسي لا يمكن إنكاره، وهذا ملف استثنائي واللجان البرلمانية تعالج إمكان وجود خلل في المؤسسات، ولها صلاحيات واسعة وتنجز عملها في وقت محدد بينما الوقت مفتوح أمام القضاء، «وفي بلدان كثيرة واجهت أزمات من هذا النوع اعتُمد هذا الحل فضلاً عن أن تشكيلها يراعي كل مكونات البرلمان، والمناخ الإقليمي المحيط بلبنان يدعونا الى هذا الخيار». وذكر الحريري «بأننا حين تكلمنا في آب (أغسطس) الماضي كان القرار أن نطرح الأمر على طاولة مجلس الوزراء. لسنا مختلفين على قضية شهود الزور وما سببوه، لكن هناك فريقاً يرى ان القضية موجهة ضد فريق سياسي. وفي هذا المناخ هل نجمد البلد ونعمل منها أزمة، عبر وضع الجميع أمام خيار إما تحال على المجلس العدلي أو يحصل تصويت؟ ولماذا لا تذهب الى القضاء العادي؟ ما يحصل أننا نضع قضية شهود الزور بموازاة الفتنة. وأنا قلت إن القضية لا تنحصر بموضوع الضباط الأربعة وقيل أيضاً: إذا أردنا البحث في هذا الملف فلتطرح كل أسماء شهود الزور. إضافة الى أن هناك اتهامات وجهت الى السعودية في جريمة الاغتيال من قبل البعض. هل يحل المجلس العدلي هذه القضية أيضاً؟ لماذا هذا الإصرار؟ منذ أسبوعين ناقشنا موضوع برنامج تلفزيوني أجمع مجلس الوزراء على أنه يسبب فتنة ولم نتخذ في شأنه قراراً. هل يحال الموضوع على المجلس العدلي؟». ورد على الحجة القائلة إن شهود الزور سببوا خلافاً كبيراً مع سورية بالقول: «الاتهام السياسي لسورية لم يبدأ مع شهود الزور، هؤلاء ظهروا من بعده. والاتهام السياسي حصل منذ اللحظة الأولى للاغتيال. لكن هذه الصفحة طويناها وأصررنا على صفحة جديدة مع سورية وعلاقة مميزة معها. وما زلت مصراً على ذلك، وعلى حكومة الوحدة الوطنية». وأضاف: «فكرة اللجنة البرلمانية وجهة نظر جديرة بالدرس. وأدعو الى عدم تضخيم الأمور وحجب نظرنا عن هموم الناس والخطورة هي في أن نضع ملفاً ونقول مهما كان هناك من مشاكل أخرى نربط حلها به». وتابع الحريري: «أمر آخر هو أن هناك حواراً سعودياً - سورياً يحصل في هذه المرحلة وجميعنا يعرف به. إنه حوار طويل عريض يجري، وفي المقابل هناك فريق يريد أن تحصل مشكلة على طاولة مجلس الوزراء. لماذا؟ الجميع يعلّق آماله على هذا الحوار ونحن نريد أن نغرق في شبر مياه؟». وقال: «نحكي عن إسرائيل وأنها تنتظر المحكمة لتمارس عدوانها، هل كانت تنتظر المحكمة في عدوان 1993؟ وفي عدوان 1996 هل كانت هناك محكمة؟ وفي عدوان 2006 هل كانت المحكمة قامت؟». شاطرون في اعطاء الابعاد وزاد الحريري: «ليس هناك أشطر من سياسيينا. إذا وقع حادث في وادي خالد أو في برج البراجنة نعطيه أبعاداً دولية. أنا أقول إن هناك فريقاً اعترف (بوجود شهود زور) ويا إخوان نحن اعترفنا لكم (بوجود هؤلاء الشهود) وقبلنا بطرحه وقلنا لوزير العدل أن يبحث لنا عن حل. لكن نحن لم نضعه على الطاولة من أجل التصويت عليه. تريدون أن نصوت ونقسّم البلد أكثر؟ قد لا يرى الفرقاء في ذلك مشكلة. لكن المواطن يدفع الثمن». ورأى أن اقتراح اللجنة البرلمانية «فكرة لم ندرسها بعد، لكن في السنوات الست الماضية حصلت أمور كثيرة يجب أن تحال على لجان برلمانية». وتناول وزير العمل بطرس حرب القضية من زاوية أن فيها شقاً سياسياً وآخر قضائياً، مشيراً الى اجتهادات في هذا الصدد، «واستمعت الى تصريح (لوزير العدل السابق) القاضي عدنان عضوم قال فيه إن القضية يجب أن تحال على المجلس العدلي ثم تصريح آخر قال فيه إنها جرائم افتراء والمحكمة الدولية يمكن أن تبتها. ويبدو أن المواقف باتت تصدر على الطلب». وسأل حرب في ما يخص اقتراح لجنة برلمانية: «هل اللجان تقوم بعملها؟ ما نراه من لجنة المال والموازنة لا يبدو ذلك، إذ تتعرقل الموازنة». وذكّر بلجنة فضيحة صواريخ كروتال (في السبعينات) التي لم تصل الى نتيجة. وقال: «إذا أردنا محاكمة شهود الزور والزعران فهذا ضروري. أما إذا كان هناك شيء آخر فالقضية مختلفة. وسمعت تصريحين للنائبين أحمد المقداد ونوار الساحلي (حزب الله) يقولان إنهما لا يمانعان إحالة القضية على القضاء العادي». فرد عليه وزير التنمية الإدارية محمد فنيش بأن تصريحيهما لم ينقلا بدقة. وأضاف حرب: «حولت القضية الى القضاء السوري. وأقترح مخرجاً أن يتصل القضاء اللبناني بالقضاء السوري ويطلب نقل القضية الى هنا». ولاحظ نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع إلياس المر أن قضية شهود الزور «باتت موجهة ضد الرئيس الحريري وهو الذي كان صرح مديناً هؤلاء، والمشكلة ليست قضائية وقانونية، بل بالسياسة. لست ضد المجلس العدلي لكن يا أخوان قضيتي (محاولة اغتياله عام 2005 التي نجا منها بأعجوبة) محولة على المجلس العدلي ولم يصلني أي ورقة في الملف». وقال: «إذا عيّنا قاضي تحقيق عدلي للقضية سيقال لا نثق به. وأنا ألتزم في كل الأحوال قرار الكتلة الوزارية التي أنتمي إليها (رئيس الجمهورية) لكننا أمام معضلة أنه إذا فريق صوّت ولم يربح انكسر البلد وإذا فريق انسحب من الجلسة انكسر البلد. ولذلك فكرة رئيس الجمهورية جيدة». ورفض الوزير فنيش القول إن الموضوع ليس قضائياً، وقال: «إنه قضائي لكن السياسي اختلط به. القضاء الدولي سماهم شهود ملك... وتسببوا بتضليل التحقيق وبالإساءة للعلاقة مع سورية ولن أزيد على ما قاله الرئيس الحريري. التحقيق الدولي قال لا علاقة لي بالأمر. لكن حصل شيء للضباط الأربعة والهدف هو إحالة الأمر على القضاء لجلاء الحقيقية». ورفض الاستناد الى المحكمة الدولية في متابعة شهود الزور، «وعندما يقال إن ملف شهود الزور فهذا غير صحيح، هناك شهود والآن يقال إن القرار الاتهامي سيتهم أفراداً لا جماعات ويحاولون أن يقنعونا بأن «حزب الله» لن يتهم إذا اتهم أفراد منه». فرد الوزير حرب: «الجانب الفرنسي نفى أن يكون (كوشنير) قال ذلك». فأجاب فنيش: «لكن نحن لم ننف». وأضاف: «كيف نصبح أمام البحث عن حقيقة مشوبة بعيب؟ لذلك نحن ندعو الى التصويت على إحالة الملف على المجلس العدلي. أما اقتراح اللجنة البرلمانية فنحن نرى أن الانقسام السياسي نفسه موجود في البرلمان». وتبعه وزير الدولة يوسف سعادة (المردة) فسرد تاريخ مناقشة القضية داعياً الى حسم الأمر بالتصويت. ورفض مقولة أن لا وجود لملف شهود الزور، والتصويت لا يعني الفتنة». وقال وزير الإعلام طارق متري إن القضية «يجب ألا يقلّل أو يعظّم من شأنها والتضليل للتحقيق حصل في أوله ولا ينسحب على آخره، ومع أنه يُنسب لشهود الزور أنهم تسببوا بالإساءة للعلاقة مع سورية فإن هذا حصل نتيجة خلاف سياسي». وذكّر وزير العدل إبراهيم نجار بتقريره بأن القضية من صلاحية القضاء العادي «حين أجريت اتصالاتي السابقة كان هناك إجماع عند عدد من القادة السياسيين بألا يتم تحويل القضية على المجلس العدلي». ثم لفت الى أن رئاسة الجلس العدلي «ستتغير (إحالة الرئيس على التقاعد) وسيتولى المنصب الأكبر سناً، والى أن هذا الأمر أثاره البعض، ثم أن المدعي العام التمييزي هو الذي سيكون المدعي العام العدلي، ونصيحتي أن تبقى القضية في القضاء العادي، لأنه حتى اليوم ليس هناك من ملف في شأنها إلا ادعاء النيابة العامة ضد بعض شهود الزور». واعتبر وزير الطاقة جبران باسيل أنه «لو عولجت القضية وغيرها لما كانت طرحت على مجلس الوزراء. ومما نسمعه فإن ما هو آت خطير جداً. وإذا كانت هناك من فرصة لتبقى الحكومة متماسكة، وماسكة للبلد يجب أن تحال القضية على المجلس العدلي، وأنا آمل في أن يجرى التصويت». وإذ أيد وزير الداخلية زياد بارود اقتراح رئيس الجمهورية متمنياً التوافق، عاد الوزير حسين الحاج حسن للرد على طروحات سليمان وآخرين، فأوضح أن القول إن الحكومة لم يسبق أن صوتت لأن الأولوية للتوافق «ليس دقيقاً فقد سبق أن صوتنا». ورد سليمان قائلاً: «في مواضيع تحتاج الى الثلثين لأنني كنت حريصاً على ذلك». وأضاف الحاج حسن: «ليس صحيحاً أن ليس هناك ملف قضائي بل أكثر، مدعي عام التمييز ادعى على بعض شهود الزور وذهبت القاضية جوسلين ثابت الى باريس لجلب الشاهد محمد زهير الصديق ولم تنجح». وقال إن اللواء جميل السيد رفض مقابلة شهود الزور لرفضه الذهاب مكبلاً، «وبالنسبة الى اتهام «حزب الله» فإن كوشنير قالها، نحن لسنا قادرين أن نحمل أكثر من ذلك، نحن إذا سافرنا الى أوروبا يجردوننا من ثيابنا، والصديق له حرية الحركة، ونحن لا نحمل اتهاماً مثلما ذكرت «دير شبيغل» وغيرها، ونأمل التصويت ولا مانع أن نخسر». وتدخل الحريري قائلاً: «لماذا وافقتم على البيان الوزاري وكان صدر ما صدر في «دير شبيغل»؟ أنا أفهم أن القرار الظني هو الموضوع، وأنا قلت لكم ولا أزال أقول إنني مستعد للحكي بهذه الأمور. بالهدوء نتكلّم. بالحوار نناقش هذه الأمور. وحين طرحنا الموضوع على مجلس الوزراء قصدنا إيجاد حل له. لكننا صرنا أمام خيار بين أن يمر هكذا أو لا يمر. المحكمة وضعت في البيان الوزاري ووافقتم. نحن لا نريد وضع أي إنسان في موقع اتهام ولا نريد أن نظلم أحداً. نحن المظلومون. طُرح الأمر على مجلس الوزراء من أجل التعقيد. تريدون التصويت لينقسم البلد؟ من الواضح أن هناك هواة قسمة. إذا طُرح على التصويت في الشكل الذي تتجه إليه الأمور فهذا يعني أن البلد سينقسم. لماذا سبق أن طلبنا رأي وزير العدل؟». ورد فنيش على الحريري قائلاً: «نحن قبلنا بالمحكمة لأننا مع العدالة وكي لا ينتقدنا أحد في هذا الشأن، لكن هذا لا يعني ألا نرى المسار الانحرافي للمحكمة. وعلى كل حال نحن أساساً لم نكن معها وسبق أن استقلنا من الحكومة (برئاسة فؤاد السنيورة) من أجل المحكمة (آخر 2006). لكننا مصرّون على العدالة وأيضاً نطالب ببت ملف شهود الزور». الحريري: «أنتم استقلتم من الحكومة بسبب المحكمة أم من أجل الثلث الضامن؟». فنيش: «استقلنا من أجل الثلث الضامن والمحكمة لأنه كانت لدينا خشية من تسييس المحكمة». وهنا تحدث وزير الاتصالات شربل نحاس الذي اعتبر أن «المجتمع الدولي ليس معنا ونحن لسنا سذجاً وتجب إحالة شهود الزور على المجلس العدلي. أما لماذا هو موضوع خلاف؟ فلأن هناك ضغوطاً خارجية». فسأله الحريري: «على من ومن يضغط؟». فقال نحاس: «قوى عدة». فكرر الحريري السؤال: «من هي؟». فقال نحاس: «أطراف عدة لا تضمر الخير للبنان منها إسرائيل». فأجابه الحريري: «تقول ضغوط إسرائيلية على أطراف في البلد؟ هذا الضغط يحصل عليك أنت وليس علينا وهذا غير مقبول». وكان سليمان غادر القاعة لدقائق ثم عاد فقال الحريري لنحاس: «نعرف من يضغط عليك. وإما أن تحترم نفسك ومجلس الوزراء أو تسمع كلاماً آخر». وطلب الوزير العريضي الكلام قائلاً: «باستثناء الدقائق الأخيرة كان النقاش هادئاً ومسؤولاً وتلاقينا مرات عدة ولنركز على النقاط الإيجابية. والمشكلة هي في الخطاب السياسي خارج مجلس الوزراء الذي يتسم بأنه من «السرماية» نزولاً وليس صعوداً بالتهديد والوعيد ووضع الناس بصناديق السيارات وبالتخويف». وأشاد بحرص سليمان على لملمة الوضع «بعيداً من التشكيك والقطيعة وإسقاط الحوار ومقاطعته والقول إن موقف الرئيس رمادي». وثمن طرح سليمان للحل الثالث، «وإذا استغرب البعض كيف لم يجتمع مجلس الوزراء (في جلسته السابقة) فهذا ليس نهاية الدنيا وسبق أن حصل لكن المهم أن نسعى لحل الأزمة». وأضاف: «هناك أمور إيجابية حصلت لم نستثمرها فرئيس الحكومة قام بخطوات جبارة حين تحدث كولي للدم عن شهود الزور ويقول ما قاله في هذه الجلسة وغيرها ويؤكد وضع الملف على الطاولة لا لإضاعة الوقت ولا للتسويف». وتوجه الى الحريري قائلاً: «ما قلته في جريدة «الشرق الأوسط» وفي مجلس الوزراء وفي إحدى الجلسات في السراي بعد أن صدرت مذكرات التوقيف السورية التي تركت أثراً فضلاً عن أن تصريحات (لرئيس الحكومة السورية محمد ناجي) العطري، فطلبت من الوزراء جميعاً أن يتركوا هذه المواضيع جانباً وأكدت أنك لا تريد أن ينعكس هذا على العلاقة مع سورية وتابعوا العلاقة مع نظرائكم. وكان هذا موقفاً كبيراً. وفي لندن قلت إن لا علاقة لسورية باغتيال الرئيس الشهيد في موقف يبنى عليه لأنه متقدم جداً ويعزز العلاقة مع سورية». وذكّر العريضي بمواقف الحريري في الخارج حين ذكّر بأسلحة الدمار الشامل في العراق وحين اتهمت سورية بإرسال صواريخ «سكود» ل «حزب الله» وحين اعتبر أن تصريحات الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ضد إسرائيل بأنها رد على التهديدات الإسرائيلية. وسأل العريضي: «ماذا نريد من رئيس حكومة لبنان أن يقول أكثر من ذلك في قلب الغرب؟ نعتز بك وقدرك صعب وقرارك صعب لكننا معك في مواجهة قدرك وشجاعة قرارك. ونريد منك على رغم ما جرى في الدقائق الأخيرة أن تبقى رئيساً لحكومة كل اللبنانيين. تحمّلنا واقبل منا بعقلك الكبير ودوّر الزوايا ونحن الى جانبك». ازمة ثقة وطالب العريضي في مداخلة طويلة الجميع بمساعدة الحريري والوقوف الى جانب سليمان، «والحمل ثقيل فيما تستهدفنا إسرائيل والدعم الأميركي لها وآخره القنابل الذكية لها». واعتبر أن الموضوع «ليس تصويتاً أو عدم تصويت، إنها أزمة ثقة بين فريقين أساسيين، واحد يقوده دولة الرئيس وليّ الدم وما يطلب إليه صعب ويجب فهم موقفه، وفريق يقوده الاخوان في «حزب الله» ووضعه صعب ولا يتحمّل اتهام أي من عناصره ليكون حامل الدم والجانبان في وضع صعب». ولفت العريضي الى «شيء مهم قاله الحريري في الجلسة سبق أن سمعته منه في أكثر من جلسة وأعلنه الآن أمام مجلس الورزاء، حين قال إنه مستعد أن يحكي في القرار الظني وبكل شيء بالهدوء والحوار وهذا موقف متقدم جداً يبنى عليه ولا أحد تناوله على الطاولة». كما لفت الى ما قاله الحريري عن الحوار السعودي - السوري «وهو يتم للبحث في الخلاف الحاصل في لبنان». وأشار الى أن «الرئيس سليمان يواكب وكذلك الحريري ونحن أيضاً ولا نزال، هذا الحوار ونحن سبق أن قلنا هذا الكلام لكن قيمته تكون أكبر حين يصدر عن رئيس الحكومة». ودعا الى الحوار الداخلي ومواكبة ما يجري بين السعودية وسورية والى تفعيل عمل الحكومة «لأن البلد من دونها يعني أنه مكشوف وبلا مرجعية». وكرر أكثر من مرة التمسك بالحكومة «واي كلام آخر لا نوافق عليه». واضاف: «قيل إن جنبلاط في 14 آذار، نحن لسنا فيها لكن نأخذ الموقف الذي نقتنع به ونفضل التوافق الذي لا نصل إليه بالقول لا نتوافق معكم إلا على الإحالة للمجلس العدلي، بل عبر تقدم كل طرف خطوة نحو الآخر». واقترح رفع الجلسة من دون تجميد عمل الحكومة. وانتهت الجلسة بأن شكر الحريري لسليمان رحابة صدره كما نوّه بكلام العريضي. وقال الحريري: «إذا أراد أحد أن يتكلم بشيء شبيه بالذي سمعته اليوم لا يتكلن أحد على حكمة سعد الحريري فأنا معروف بالهدوء ومستعد لأن أحاور بروية، نحن معروفون من نحن وما نتحمله في البلد ليس من أجلي أو أي أحد آخر. فأنا في غنى عن أكون موجوداً في هذا المكان الذي أنا فيه». ورفع سليمان الجلسة «لأن لا جدوى من التصويت ويجب أن نبحث عن التوافق».