فيينا - أ ب - كشف تقرير سري منسوب إلى «هيئة الطاقة الذرية» في مصر «مخاوف» لدى القاهرة من وضعها في الخانة نفسها مع إيران وسورية إذا لم ينته سريعاً التحقيق الذي تجريه الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مصدر آثار يورانيوم عالي التخصيب عثر عليها مفتشوها في العامين 2007 و2008. وتؤكد مصر أن جزيئات اليورانيوم المخصبة إلى درجة قريبة من تلك المطلوبة لتسليح صواريخ نووية، استوردت من الخارج من دون علمها، لكن الوكالة لم تقتنع بهذه الإجابة. وكانت الوكالة كشفت في أيار (مايو) 2009 للمرة الأولى في تقرير سري حصلت عليه وكالة «اسوشييتد برس» أنها تتحقق في الآثار التي عثرت عليها في موقع أنشاص، شمال شرقي القاهرة، حيث يقع مفاعلان بحثيان يعودان إلى الستينات. وأشارت إلى أنها عثرت أيضاً على آثار يورانيوم منخفض التخصيب في الموقع. ويستخدم اليورانيوم، المنخفض التخصيب والعالي التخصيب على السواء، في صناعة نظائر مشعة لها تطبيقات طبية وبحوث علمية أيضاً، ولا يشترط أن يرتبط وجودهما بأي نشاط عسكري. غير أن التقرير الأخير الذي اطلعت «أسوشييتد برس» على جزء منه، يعكس شعوراً متزايداً بأن المدير العام للوكالة الدولية يوكيو امانو، يبدي تسامحاً أقل من سلفه محمد البرادعي مع الدول التي تُخضع ملفاتها النووية لتحقيقات. ونقلت «اسوشييتد برس» عن ديبلوماسي كبير على صلة بالتحقيقات في الملف المصري، قوله ان «تبعات العثور (على اليورانيوم) في مصر تبقى مقلقة، لأنها قد تشير إلى تجارب سابقة غير معلنة باستخدام تكنولوجيا يمكن استخدامها في برنامج تسلح». لكنه أضاف أن مصر أعطت خبراء الوكالة العينات المطلوبة، «وإن كان بإمكانهم التعاون أكثر». ولم يتضح بعد عمر هذه الجزيئات التي عثر عليها المفتشون في انشاص، لكن إذا ثبت أنها دخلت عن غير قصد على متن حاويات النظائر المشعة، كما تقول القاهرة، وانها تعود إلى عقود مضت، فإن الوكالة ستتجه غالباً إلى إعلان غلق الملف. في المقابل، فإن الملفين الإيراني والسوري سيبقيان على رأس الأولويات، إذ تحاول الوكالة إقناع كلا البلدين بوقف عرقلة جهودها للتحقق من «معلومات استخباراتية قوية» عن محاولتهما إخفاء تجارب لتطوير برامج تسلح نووي، وهو ما تنفيه دمشق وطهران. وكرر أمانو منذ توليه منصبه انتقادات مباشرة للبلدين، ما يبدو أنه أثار قلقاً مصرياً. ويشير ملخص التقرير المنسوب إلى هيئة الطاقة الذرية المصرية الذي شكك السفير المصري لدى الوكالة إيهاب فوزي في صدقيته، إلى أن هدفه «حساب الأضرار المحتملة لمصر في حال استمر تحقيق الوكالة الدولية في برنامجها النووي». ويرى أن أمانو قد لا يتبنى النهج «المتسامح نسبياً» لسلفه البرادعي، متسائلاً: «هل كان خطأً عدم إبلاغ الوكالة بهذا النشاط في المقام الأول وتقديم إجابات غير مرضية؟». ويخلص التقرير إلى أنه «من الضروري منع أي مقارنة مع سورية وإيران في المجتمع الدولي، ولا بد من بذل كل جهد لإقناع الوكالة الدولية بإغلاق الملف المصري نهائياً». وقال مسؤول من إحدى الدول الأعضاء في الوكالة الدولية إن التقرير المصري المزعوم يعود إلى أيلول (سبتمبر) الماضي، مشيراً إلى أنه أعد تحت إشراف رئيس هيئة الطاقة الذرية المصرية محمد طه القللي. لكن سفير مصر في فيينا مندوبها لدى الوكالة الدولية شكك في صدقية التقرير، معتبراً أن الانطباع بأن أمانو أكثر تشدداً مع مصر «خطأ». وقال إن «التعاون مع الوكالة يسير في شكل جيد للغاية».