دعمت مؤشرات وإحصاءات رسمية وخاصة، وتصريحات مسؤولين حكوميين، توقعات مراقبين بموسم حج ذي كثافة عددية عالية هذا العام، بعد تراجع ملحوظ في أعداد الحجاج خلال العامين الماضيين 2008 و 2009 على التوالي، بنسبة قدّرها تقرير حديث بنحو 20 في المئة، جراء مواجهة السعودية فيهما عامليْن قويين هما الكساد العالمي الذي ضرب السياحة العالمية وفيروس «h1n1» أو أنفلونزا الخنازير، التي كانت تخشى السلطات السعودية احتمال انتشارها بشكل سريع خلال أكبر تجمع ديني في العالم. وإذا كانت السعودية سجلت رقماً غير مسبوق في أعداد الحجاج القادمين من الخارج بحسب إعلان وزارة الداخلية السعودية إذ تجاوزوا 1.7 مليون حاج، وتقدير عدد الحجاج كافة في ذلك العام بناء على إحصاءات غير رسمية بنحو 3.5 مليون حاج، فإن العامين التاليين شهدا تراجعاً حاداً في تلك الأعداد، إذ لم يتجاوز فيهما حاجز المليونين ونصف المليون. وكشف التقرير الذي أعده الدكتور «جون اسفيكياناكيس» وتركي بن عبدالعزيز الحقيل من البنك السعودي الفرنسي، أن المقابلات التي أُجريت مع العاملين في القطاع السياحي السعودي أكدت أن أعداد المعتمرين واصلت الخفض خلال النصف الثاني من العام الماضي، حتى خلال شهر رمضان المبارك الذي بدأ في أواخر شهر أغسطس، إذ يزور ملايين المسلمين مكةالمكرمة خلال شهر رمضان لأداء العمرة لكن أعداد المعتمرين خفضت خلال العام الحالي، إذ دفعت المخاوف من أنفلونزا الخنازير الكثير من المسلمين إلى الإحجام عن أداء العمرة، ووضع بعض الدول شروطاً صارمة لمواطنيها الراغبين في زيارة الديار المقدسة. واستمرت المخاوف وانسحب الخفض على موسم الحج العام الماضي بحسب تصريحات المسؤولين حينها، إلا أن موسم حج هذا العام تحرر من تلك العوامل الخطرة المؤثرة التي فرضت قيوداً صارمة على الحج والعمرة تحسباً لتفشي أنفلونزا الخنازير، ومن ذلك منع وزراء الصحة العرب جميع الأطفال والمسنين وأصحاب الأمراض المزمنة من أداء فريضة الحج في العام الحالي، إضافة إلى منع بعض الدول مواطنيها من الحج هذا العام مثل تونس والعراق ومصر التي منعت المرضى والمسنّين والحوامل من السفر لأداء الفريضة، وغيرها من الدول. وتأكيداً لتلاشي أزمة العامين السابقين، أوضح رئيس لجنة الفنادق والسياحة في غرفة تجارة مكةالمكرمة خليل بهادر، أن الأرقام الحالية المتوافرة والتوقعات المبنية على الخبرة والملاحظة تؤكد عودة الحج إلى وضعه الطبيعي ما قبل عامي الأزمة. وقال بهادر ل «الحياة»: «لا يوجد ما يشير إلى تأثر أعداد حج هذا العام بأي عوامل خارجية، ونعتقد أن الحجاج سيستوفون الأعداد الرسمية المقرر لهم هذا العام». وحول ما إذا كان لعامل أنباء الفيضانات والسيول التي انتشرت أخبار احتمال تعرض منطقة مكةالمكرمة لها وخصوصاً العاصمة المقدسة والمشاعر، أبان بهادر أن الأمر ليس بهذا الخطر، ولم تلتفت إليه الدول كثيراً في ظل عدم وجود تأكيدات رسمية سعودية بشأنه. وأضاف: «هؤلاء ضيوف الرحمن وهو سيتولى أمرهم، موضحاً أن الحج تظاهرة كبيرة معرضة لعوامل الخطر، إلا أن المؤشرات العامة تبشر بعودة الحج إلى طبيعته». وبالاستناد إلى تأكيد رئيس لجنة الفنادق والسياحة في غرفة تجارة مكةالمكرمة فيمكن توقع كسر حجاج هذا العام حاجز المليونين ونصف المليون، قياساً إلى إحصاءات الأعوام الأربعة السابقة، مع حساب 500 ألف حاج مخالف على الأقل يدخلون المشاعر المقدسة كل عام، و250 ألف حاج من الداخل حجزوا تصاريحهم بشكل مؤكد هذا العام (بحسب تصريح رئيس لجنة الحج والعمرة سعد جميل القرشي). وأبدى القرشي تفاؤلاً كبيراً بعودة الأمور إلى طبيعتها في موسم حج هذا العام، مؤكداً من المشاعر المقدسة ل «الحياة» أول من أمس أن «كل الاستعدادات تسير بشكل رائع، يقر العين».