تشهد تركيا الآن أزمة حقيقية مع الغرب تتمثل في شقين: الأول علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي مع اقتراب موعد القمة الدورية في بروكسيل منتصف الشهر المقبل، وبعد تقرير المفوضية الأوروبية الذي خيّب آمال حكومة «حزب العدالة والتنمية»، والثاني مشروع الدرع الصاروخي الذي تبنّاه حف شمال الأطلسي، والذي تبدو تركيا حتى الآن الدولة الوحيدة التي تعارض أو تعرقل البدء في تنفيذه، قبل قمة الحلف التي ستتخذ قراراً في هذا الشأن في لشبونة في 19 من الشهر الجاري. في هذا الاطار، حملت تصريحات رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لوكالة «رويترز»، في توقيتها وتفاصيلها، مدلولات مهمة، إذ اعتبر أن رحلة تركيا مع الاتحاد الأوروبي ستستمر فقط لسنة ونصف، وبعدها يجب حسم الأمور من دون تسويف، فإما أن تحصل تركيا على العضوية، أو تنتهي هذه الرحلة. وأكد أن الأتراك سئموا «الانتظار أمام أبواب الاتحاد الأوروبي طيلة 50 سنة»، وباتوا يشعرون ب «الاهانة من هذا الوضع». وجاء هذا التصريح موازياً لتصريح آخر للرئيس عبد الله غل لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، قال فيه إن الشعب التركي قد يرفض الانضمام إلى الاتحاد إذا تأخر موعد الانضمام أكثر من ذلك، لأن مركز قوى العالم بدأ ينتقل من أوروبا إلى آسيا. في المقابل، اعتبر وزير الدولة التركي المسؤول عن ملف الاتحاد الأوروبي أغامان باغش، إن التقرير الدوري للمفوضية الأوروبية حول تقدّم تركيا في تطبيق الإصلاحات الأوروبية، كان محايداً، على رغم ما تضمّنه من انتقادات شملت للمرة الأولى السياسة الخارجية لتركيا، بسبب تغريدها خارج السرب في ما يتعلق بسياسات الاتحاد إزاء إيران وإسرائيل. وعلى رغم مساندة التقرير التعديلات الدستورية التي أقرتها الحكومة في استفتاء شعبي أخيراً، وإقراره بتراجع الدور السياسي للجيش، إلا أن التقرير شدّد على تراجع حرية الإعلام والصحافة في تركيا، والحريات الدينية أيضاً. وطالب التقرير بتطبيق الإصلاحات على الأرض، وتحويل محاكمات الضباط الانقلابيين إلى فرصة لإقرار دستور جديد مدني لتركيا، وعدم تحويل المحاكمات إلى عملية انتقام. في المقابل، يربط مراقبون أتراك بين موقف تركيا من مشروع الدرع الصاروخي، وموقف الاتحاد من عضوية تركيا فيه، لجهة أن الغرب لا يتذكر تركيا إلا في القضايا الأمنية، ولا يعتبرها جزءاً منه إلا في «الأطلسي»، وعند الحاجة إلى تعاونها العسكري، فيما يصرّ على إبقائها خارج النادي الأوروبي عندما يتعلق الأمر بعضوية الاتحاد. لكن أوساطاً في الاتحاد تسعى إلى تجنب أزمة مع تركيا قد تنفجر خلال قمة لشبونة، بسبب ملف قبرص. وعلمت «الحياة» أن ثمة مفاوضات سرية على مستوى بارز بين الخارجية التركية والمفوضية الأوروبية، لإيجاد تفاهم من أجل تجاوز الأزمة التي قد تنتج عن عدم التزام تركيا بالبروتوكول الإضافي لحرية التجارة بين دول الاتحاد، ورفضها فتح موانئها أمام السفن القبرصية، قبل أن يكسر الاتحاد أو بعض دوله الحصار الاقتصادي المفروض على شمال الجزيرة التركي.