توقع تقرير اقتصادي أن يواصل الاقتصاد السعودي تباطؤه في 2017، متأثراً بالنمو السلبي لقطاع النفط، إلا أنه أشار إلى إمكان انتعاش القطاع غير النفطي، ولو في شكل متواضع. وأشار التقرير الخاص بملامح الاقتصاد السعودي ل2017، إلى التوقعات بأن يتحول النمو السنوي في قطاع النفط إلى الخانة السلبية، وذلك نتيجة لتراجع متوسط إنتاج النفط بدرجة طفيفة. ويأتي التراجع نتيجة التزام المملكة باتفاق أوبك، القاضي بخفض الإنتاج خلال النصف الأول من 2017. ومن ناحية أخرى، ينتظر أن يتسارع النمو في القطاع الخاص غير النفطي من أدنى مستوى له خلال 25 عاماً، لكنه يبقى ضعيفاً نسبياً. وأشار تقرير صادر عن شركة «جدوى» للاستثمار، إلى أن الحكومة ستواصل التزامها بالأهداف المتضمنة في برنامج تحقيق التوازن المالي، ما يتيح المجال لتكييف الموازنة المالية بطريقة سلسة، وفي الوقت نفسه تخفيف الآثار المترتبة على نمو القطاع الخاص غير النفطي. كذلك توقع التقرير أن يتباطأ النمو الاقتصادي السعودي إلى 0.2 في المئة عام 2017، متراجعاً من نسبة نمو بلغت 1.4 في المئة عام 2016، وسيسجل النمو في قطاع النفط تراجعاً طفيفاً نسبته 0.3 في المئة عام 2017، مقارنة بالنمو عام 2016 الذي بلغ 3.4 في المئة، بينما يتسارع النمو في القطاع الخاص غير النفطي من 0.1 في المئة، وهي أدنى نسبة نمو منذ 1990، ليصل إلى واحد في المئة عام 2017. وتوقع التقرير أن يتقلص العجز في الحساب الجاري بدرجة كبيرة، كما توقع أن يتراجع عجز الموازنة إلى رقم أحادي، وذلك بفضل انتعاش أسعار النفط. وبيّن التقرير إمكان نمو قطاع التعدين غير النفطي بنسبة 7.5 في المئة، ما يجعله أسرع القطاعات نمواً عام 2017. ويعود ذلك إلى التوقعات بأن يستفيد القطاع من الإضافات الكبيرة المقبلة، وأهمها مشروع إنتاج الفوسفات المشترك بين شركة «سابك» وشركة «معادن» وشركة «موزايك»، الذي تبلغ كلفته 96 بليون دولار. وسيصبح هذا المشروع، بعد اكتماله في 2017، أحد أكبر مجمعات الفوسفات المتكاملة في العالم. كما يُنتظر أن يكون قطاع امتلاك المساكن من القطاعات الأسرع نمواً، مستفيداً من المبادرات الرئيسة الرامية إلى ترقية تطوير العقار السكني. وسيشكل كل من الإنفاق الحكومي والقروض المصرفية للشركات، وبدرجة أقل الاستهلاك المحلي، المحفزات الرئيسة للنمو في القطاع الخاص. وفيما يخص الموازنة السعودية ل2017، أشار التقرير إلى أنها تضمنت زيادة في إجمالي الإنفاق، على أساس المقارنة السنوية، إذ ارتفع الإنفاق المقدّر من 840 بليون ريال في 2016 إلى 890 بليون ريال في2017. وتوقع أن يشهد 2017 خفضاً كبيراً في العجز المتوقع، والذي تقدّر قيمته ب198 بليون ريال. ورأى التقرير أن هذه الزيادة في الإنفاق المقرر تؤكد استعداد الحكومة، وكذلك قدرتها على دعم الاقتصاد، كما أن انخفاض العجز يعكس عزمها على أن تصبح أكثر فعالية وأشد حرصاً على حماية احتياطاتها المالية. وترى شركة جدوى للاستثمار، أن هذا الإنفاق الإجمالي يشكل دعماً للاقتصاد غير النفطي، وسيبقى مهماً في ظل احتمالات أن تضر الأحداث العالمية والإقليمية بمستويات الثقة وسط المستثمرين. ويتوقع التقرير أن تزول الفجوة بين قيمة الإنفاق المقدر في الموازنة وقيمة الإنفاق الفعلي، ما يؤدي إلى عجز بقيمة 162 بليون ريال (6.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي). ويضيف التقرير: «سيأتي تضييق الفجوة بين الإنفاق التقديري والإنفاق الفعلي نتيجة للتحسن في كفاءة الإنفاق العام، إذ أنشأت الحكومة مكتب «ترشيد الإنفاق»، الذي يشكل جزءاً مهماً من برنامج تحقيق التوازن المالي للمملكة، إلا أن العجز في ميزان الحساب الجاري وميزان الحساب المالي المستبعد منه الاحتياط سيبقيان يشكلان نقاط ضغط على الاحتياطيات الأجنبية». وتطرق التقرير كذلك إلى العوامل الخارجية، التي تربك خطط الاقتصاد المحلي والعالمي، وذكر منها التباطؤ الكبير في نمو الاقتصاد العالمي، والتوترات الجيوسياسية، إذ أوضح أن بقاء أسعار النفط منخفضة ربما يؤدي إلى عجز في الموازنة أكبر من المتوقع، كما أن غموض الأوضاع السياسية في المنطقة سيبقى يلقي بظلاله على الاقتصاد، وستؤدي أية زيادة في التوترات إلى الإضرار بالثقة لدى الشركات والأفراد. وركز التقرير على أهمية المضي قدماً في خطة الإصلاح الاقتصادي، إذ إن أي تأخير في الإصلاحات الرئيسة، وبخاصة تلك المرتبطة بتعزيز النمو والتي تشكل الجزء الأهم من برنامج التحول الوطني 2020، يعد عامل مخاطرة على ازدهار القطاع الخاص. وهناك مخاطرة أخرى، تتمثل بتأخر الحكومة في تسديد مستحقات القطاع الخاص، الذي ربما ينعكس على الحال المزاجية عموماً، وتدفقات رأس المال باتجاه المملكة، والثقة وسط الشركات والأفراد، وإن كان هذا الأمر ليس مرجحاً. وانتهى التقرير إلى أنه، على رغم التوقعات بتباطؤ النمو الكلي للناتج المحلي الإجمالي، فإن هذا التباطؤ يعود في الدرجة الأولى إلى النمو السلبي في قطاع النفط، إذ يتوقع انتعاش النمو في القطاع غير النفطي، وإن كان سيبقى متواضعاً خلال 2017.