يتنامى الاهتمام في السعودية بتقنية «بلوك تشين»، مع تصاعد أرقام التجارة الإلكترونية في البلاد، فعلى رغم أنها صناعة ناشئة إلا أنها حققت العام الماضي نمواً كبيراً، مع ارتفاع عدد مستخدمي الإنترنت في المملكة من 19.6 مليون إلى 24 مليون بين عامي 2014 و2016، وفقاً لتقرير هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات عن الربع الثالث للعام 2016. وأوضحت بيانات الشبكة السعودية للمدفوعات (مدى) أن العام 2015، شهد تسجيل أكثر من 1.1 بليون عملية مالية بقيمة إجمالية فاقت 626.3 بليون ريال، بمتوسط عمليات شهري يفوق 52 بليون ريال. وتلعب «بلوك تشين» دور «الضامن» في عمليات البيع والشراء الإلكترونية. ونظمت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية أخيراً، فاعلية «بلوك تشين هاكثون»، لتشجيع المبرمجين والمهتمين بهذه التقنية على المشاركة في هذه الفعالية، وزيادة مهارة وقدرة المشاركين على استخدام التقنيات الحديثة في هذا المجال. وتجعل «بلوك تشين» التعاملات الرقمية أكثر آماناً في كل المجالات، خصوصاً التجارة الالكترونية والتعاملات المصرفية وتبادل البيانات، في ظل عدم وقوف التكنولوجيا عند حد في تطورها واتجاهها إلى تجريد المعاملات كافة من تدخل البشر بشكل مباشر. وبدأت «بلوك تشين»، التي ابتكرت في العام 2008 لتؤدي دور «الضامن»، بقاعدة بيانات موثوقة وآمنة، تكتسح عالم الأفراد والمؤسسات والحكومات منذ العام 2016 إذ أعلنت حكومات عدة ومؤسسات خاصة في المنطقة العربية عن نيتها في تبنيها منها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وحكومة دبي التي أطلقت استراتيجية «بلوك تشين» للعام 2020. وتعرف هذه التقنية بأنها أسلوب جديد لتنظيم البيانات وتبادلها بين طرفين من دون الحاجة إلى وسيط أو نظام تسجيل مركزي، ويمنحهما صورة شاملة عن كل ما يحصل في العملية بطريقة تشبه «دفتر الأستاذ» (أحد السجلات المحاسبية الأساسية)، بحسب ما يعرفها موقع مخصص لعرض تطبيقات ال«بلوك تشين» وشرح تفاصيلها. ويخاطب الموقع زائره بأمثلة مبسطة لفكرة «الضمان» التي تحل محل الضمانات التقليدية خصوصاً المالية، قائلاً: «عندما كنت تريد استيراد بضاعة من أي بلد، كان عليك أن تودع لدى مصرفك «كتاب اعتماد» (Letter of credit) كثمن للبضاعة حتى تتسلمها من المورد، إلا أن «بلوك تشين» من خلال قاعدة بياناتها الموثوقة، أصبحت بمثابة الضامن لسلامة الإجراءات وخصوصيتها ولم يعد هنا ما يستدعي تأمين ثمن البضاعة لدى المصرف وأصبح الاتصال مباشر بين المستورد والمورد من دون أي إجراءات روتينية معقدة». وبحسب تقرير ل«رويترز»؛ فإن المصارف والمؤسسات المالية تتبى هذه التقنية بوتيرة أسرع ما هو متوقع، وأن حوالى 15 في المئة من أكبر المصارف العالمية تحولت إلى طرح منتجات «بلوك تشين» التجارية في العام 2017. ومن هنا يتوقع أن تسهم في مضاعفة حجم التجارة الالكترونية عالمياً وخليجياً، بما توفره من إجراءات حماية للتجارة الإلكترونية التي نمت في الخليج خصوصاً في السعودية والإمارات، بنسبة 23.3 في المئة خلال العالم 2016، وفي تقرير حديث لشركة «بيفورت» عن «حالة التجارة الإلكترونية في العالم العربي». وتوقع التقرير أن تشهد منطقة الشرق الأوسط، نمواً إيجابياً مع مرور الوقت وحتى العام 2020. ويعد أصحاب «بلوك تشين» بأن تقنيتهم ستسهم في القضاء على القرصنة والهجمات الإلكترونية التي تأتي في الصف الأول باعتباره أكبر التهديدات لقطاع الأعمال، إذ «50 في المئة من ممارسي التجارة الالكترونية يرون أن التهديدات الإلكترونية من بين أكبر ثلاثة مخاطر لقطاع الأعمال»، بحسب دراسة أجرتها شركة الحماية الروسية «كاسبركي لاب» ونشرتها في موقعها. وتجاوزت الخسائر السنوية للشركات عالمياً نتيجة للهجمات الالكترونية 7.7 ملايين دولار في معدل عام لكل شركة، وفق تقرير صادر عن شركة الاستشارات والتقنية العالمية «بوز ألن هاملتون». وتقول رئيس الاتصالات والتسويق في مجموعة «بيتفوري» جيمي سميث: «عند اخترع الإنترنت، لم يكن الأمن المعلوماتي أولوية، وكانت جميع البيانات مركزية وكان اختراق إحداها يعني إمكانية الوصول إليها جميعاً، إلا أنه مع تقنية بلوك تشين لا يمكن اختراق كل المجمعات إذا أخترقت إحداها». وأفادت سميث في تصريحات أدلت بها خلال فاعلية «مجالس المستقبل العالمية» التي استضافتها دبي أخيراً، أن «بلوك تشين هي الطريقة الأكثر أمناً التي تمكننا من إجراء التبادلات، لأنها توفر نظاماً غير مركزي للبيانات، وتتيح لنا إرسال الأصول من دون استخدام مبعوث ثقة، وبالتالي فهي تنشئ سوقاً رقمية عالمية مشتركة للتبادل». وعددت سميث المجالات التي يمكنها تطبيق تقنية «بلوك تشين» أبرزها الرعاية الاجتماعية، والتصويت الآمن، ونقل ملكية الأراضي، والموسيقى، والأفلام، والسندات الذكية وحفظ السجلات بشكل آمن، إضافة إلى إمكان توقيع العقود الذكية من بعد ومن دون وسطاء. ويمكن لتقنية «بلوك تشين» أيضاً أن تكون عاملاً مساعداً في تطبيقات «إنترنت الأشياء»، من خلال تشكيل قاعدة بيانات مهمة لكل الأجهزة المربوطة بالإنترنت (كالمركبات الذكية) والتي يتوقع أن يبلغ عددها 50 بليوناً بحلول العام 2020، وفقاً لشركة «سيسكو».