«فوضى عارمة» أحدثتها مجموعة من المحتسبين في عدد من الأماكن العامة، بحجة أنهم «يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر»، وأنهم «يساعدون» جهاز الهيئة. بيد أن مثل هذه التصرفات غيرت الصورة التي رسمت في أذهان الكثير من الأشخاص، بعد صدور هذه التصرفات من الذين يطلقون على أنفسهم «محتسبين». إذ فوجئ المستوقون في أحد المجمعات التجارية الشهيرة في الظهران، بأصوات عالية، تطالب النساء بتغطية وجوههن، والمحال بالإغلاق وقت الصلاة بطريقة «متشددة»، ما سبب لهم «صدمة» من حدوث مثل هذه الأفعال، من أشخاص غير منتمين إلى جهاز الهيئة. وعلى رغم تلك المزاعم التي يطلقها «المحتسبون»، إلا أن الكثير من الأشخاص عبّروا عن استيائهم من وجود أشخاص يتعاملون مع الناس بطريقة «خشنة، وغير لائقة»، بحجة أنهم يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر. حوادث متكررة شهدتها المنطقة الشرقية خلال الفترة الماضية، كان أبرزها وجود عدد من المحتسبين في أحد المجمعات التجارية الشهيرة في محافظة الظهران، موجهين النصائح والإرشادات بطريقة غريبة للمتسوقين، إضافة إلى قيامهم بالتدخل في صلب عمل الهيئة، وفي شكل متكرر، وقيام بعضهم بإلقاء القبض على أشخاص وتوجيه اتهامات لهم، إضافة إلى قيام أحد أفراد المجموعة بإيقاف فتى يبلغ من العمر 12 سنة، بعد أن قاموا بنزع غترته السوداء، بحجة أنها «بدعة»! فيما تعتبر الحادثة الثانية والتي حدثت في غرفة الشرقية خلال فترة الانتخابات أكبر دليل على التصرفات المزعجة التي تصدر من هذه المجموعة، إذ فوجئ الناخبون والمرشحون بدخول ثلاثة أشخاص من ذوي اللحى والثياب القصيرة، يقومون بالنهي عن الاختلاط بين النساء والرجال في الغرفة أثناء عملية التصويت، ما أحدث فوضى وذعراً لدى عدد من الناخبين، إضافة إلى قيام المحتسبين بإجبار الموجودين في مقر الغرفة على الاستماع والإنصات لهم. واعتبر مواطنون ومقيمون تحدثوا إلى «الحياة»، مثل هذه التصرفات «دخيلة على المجتمع، وتشوه صورة رجال الهيئة، من خلال التصرفات الغريبة التي يقوم بها هؤلاء المحتسبون». وقال خالد عبدالله: «إن قيام أشخاص بدور رجال الهيئة، والتعامل مع الناس على أنهم محسوبون على جهاز حكومي، قد يضر بسمعة هذا الجهاز، ويحدث مشكلات عدة»، لافتاً إلى أنه شاهد بنفسه تصرفات «المحتسبين» في عدد من الأماكن العامة، التي وصفها ب«غير اللائقة برجال دين». ولم يختلف إبراهيم فالح عن رأي سابقه في وصف تصرفات المحتسبين وتعاملهم مع الناس ب«الفضاضة»، مشيراً إلى أنهم «يجبرون الناس على الاستماع لهم، ويقومون بمهام رجال الهيئة، بحجة أنهم يطبقون تعاليم الدين». إلا أنه أكد على أن مثل هذه التصرفات «قد تسبب للناس الذعر والخوف، وتدفعهم إلى ترك المكان الذي يوجدون فيه من غير رجعة»، لافتاً إلى ضرورة «تدخل المعنيين، لوقف مثل هذه الأفعال والتصرفات، من أشخاص لا ينتمون إلى أي جهاز في الدولة». ومع اختلاف آراء الناس حول طبيعة عمل «المحتسبين»، وازدواجيتها مع دور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يضع عدد كبير من الناس سؤالاً وعلامة تعجب حول «عدم قيام الهيئة بالحد من انتشار هذه المجموعات في الأماكن العامة، من خلال توضيح ملابسات وحقيقة هذه التصرفات من المحتسبين في وسائل الإعلام والأماكن العامة، ما يحد من انتشار المحتسبين، ومنع تحولهم إلى ظاهرة». وقال سامي محسن: «إذا كانت الأجهزة الأمنية تعلن بين الحين والآخر عن إيقاف أشخاص ينتحلون صفة «رجال أمن»، فلماذا لا تبادر الهيئة إلى إيقاف من ينتحلون صفة محتسبيها، لحماية المجتمع منهم، ولحماية سمعتها من التشويه على أيدي هؤلاء؟». في المقابل، يشعر عبدالعزيز الشمري، ب«راحة قصوى»، عندما يشاهد سيارات أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أمام المجمعات التجارية، فهو يصفهم ب«صمام الأمان»، مضيفاً «لا أقصد وأسرتي مجمعات تجارية، أو أسواقاً لا يوجد فيها عناصر من الهيئة». وعزا ذلك إلى «تصرفات غير مسؤولة تشهدها المجمعات التي يغيب عنها أعضاء الحسبة، تصدر من جانب بعض المتسوقين، أو مرتادي تلك الأماكن، تضعني في موقف حرج أمام أبنائي وبناتي». ويتذكر الشمري موقفاً شهده وأسرته لشاب «اشتبك مع سيدة، رفضت الحديث معه، وقبول عرض نزواته في أحد المجمعات التجارية، ما دعاها إلى ضربه بحقيبتها اليدوية». وأضاف: «اضطررت حينها إلى الكذب على أبنائي، في تفسير تلك الحادثة، للهرب من أسئلتهم التي لم تتوقف، وذكرت لهم بأن التصرف الذي قامت به السيدة كان نتيجة عصيان شقيقها لها، ما دعاها إلى أن تنفجر وتنهال عليه ضرباً»، مشيراً إلى دهشة اكتست بها وجوه أبنائه نتيجة تصرف السيدة. وكانت «الحياة» حاولت مراراً الحصول على وجهة نظر المسؤولين في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في ما يخص المحتسبين العشوائيين، لكن المتحدث باسم الهيئة عبدالمحسن القفاري، فضل التوقف عن الاجابة.