من يتابع حجم الإقبال على حفلات الفنان فارس كرم، والقاعدة الجماهيرية العربية التي تنتظره في أوروبا والولايات المتحدة، لا يتصور أن الفنان اللبناني لم يوفق في ألبومه الأخير «الحمد لله» الذي أثار موجة من النقد لم تطل أي من ألبوماته السابقة. الألبوم، من وجهة نظر المتابعين، أوقع كرم في فخ الاستسهال. فقد ضمت كلماته تعابير شعبية لبنانية في شكل مبالغ فيه ما يحجب عنها أية رسالة يمكن أن يقدمها كرم في الأغنية، على غرار موضوعات الأغاني التي قدمها في ألبومات سابقة. هذا التكرار المتمادي في أكثر من أغنية، لا يرقى، بحسب المتابعين، الى أسلوب فارس كرم الشعبي الذي قدم في «ختيار عالعكازة» و «شفتا بشارع الحمرا» و «التنورة». المنظار الذي ينظر من خلاله فارس كرم الى عمله، يختلف عما يراه الجمهور. الناس يرون الألبوم خفيف الظل، يعبر عن رأيهم، ويتحدث لغتهم. لكن نظرة المغني اللبناني التي يوافقه إياها عدد من الملحنين والمتابعين، تفيد بأن مستوى الألبوم لم يكن على حجم التوقعات. ويرى ملحنون أن المجد الذي حققه فارس كرم خلال السنوات الماضية، كاد يخسره في ألبوم «الحمد لله» لولا رصيده الجماهيري الكبير. لم يتضمن الألبوم أية أغنية تحاكي مزاج الناس. فالأركيلة مثلاً، مهما تعلق الناس بها، لا ترتقي لأن تكون من مستوى أغنية تسمع في كل الأوقات، إضافة الى أن تشبيه كرم نفسه بالتنباك، يجعله يتخطى لغة الشارع المتعارف عليها في الأغاني الشعبية. على رغم ذلك، بقيت أغنية الأركيلة الأكثر نجاحاً في الألبوم، وهو صورها على طريقة الفيديو كليب. أما أغنية «الحمد الله» التي حملت عنوان الألبوم، فلم ترتق الى مستوى أن تكون واحدة من أغاني «الحشي» التي تعتمد عادة لإكمال عدد أغاني الألبوم، بعد اختيار الأغاني الرئيسية، ما يطرح تساؤلات عدة عن مستوى التطور الذي يعتمده كرم في كل ألبوم جديد. فهل نجاح اللون الشعبي أوقفه عن التفكير بالتغيير؟ لا يبدو هذا الأمر واقعاً، ففارس كرم من أذكى الفنانين الذين يجسّون نبض الشارع ويراعون مزاجه، وإذا كان لكل جواد كبوة، فان هذا الألبوم لا يعدو كونه «كبوة فارس» آن له أن ينهض من جديد، مرتكزاً الى قاعدته الجماهيرية ومحافظاً على ما وصل إليه من نجاح. وعلمت «الحياة» أن كرم يجري اتصالات مع شعراء وملحنين يتعاون معهم للمرة الأولى بغرض غناء نمط جديد لم يقدمه في السابق، أو تطوير اللون الذي درج على تقديمه. القرار الأخير، يفيد بأنه بات من الضروري أن يستعيد فارس كرم بريق الألبومات السابقة، من خلال تعاونات جديدة. فقد دخلت وساطات رفيعة المستوى على خط التعاون مرة أخرى مع ملحنين وشعراء أمثال سليم سلامة وفارس إسكندر، خصوصاً أن خلافاً حصل في وجهات النظر بين كرم من جهة، وإسكندر وسلامة من جهة أخرى حول نسب نجاح أغنية «التنورة»، وحصلت بعض التطورات الإيجابية في الفترة الأخيرة على صعيد هذه العلاقة، إذ عُلم أن الملحن سلامة اتصل بالمغني كرم مطمئناً على صحة والده، ما يبشّر بعودة المياه الى مجاريها. الاستراتيجية الجديدة، تقضي بأن يتجنب كرم السقوط الذي حصل في ألبوم «الحمد الله»، واستعادة الانطباع الأول بأن كرم هو نجم الأغنية الشعبية. وهذا ما يبدو أنه سيحصل في ألبوم بدأ يعدّ له العدة، ومن المنتظر أن لا يطول أمد إصداره أكثر من ثمانية أشهر.