عاد الحديث عن نظام الكفالة بقوة إلى الواجهة أخيراً بعد إعلان البحرين إلغاء الكفيل، وهو ما أكسب دعوة الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان لإلغائه مزيداً من الزخم، وبخاصة بعد الدراسة التي أعدتها حول نظام الكفالة وإعدادها نظاماً بديلاً. ومن المقرر، بحسب رئيس الجمعية الدكتور مفلح القحطاني ل«الحياة»، عقد اجتماع بين الجمعية ووزارة العمل خلال الأيام المقبلة، لبحث موضوع الكفالة من خلال الدراسة التي قدمتها. وعلى رغم الفوائد المتوقعة من إلغاء نظام الكفيل وتطبيق نظام بديل يقضي على عيوب النظام الحالي، فإن تلك الفوائد باتت محل جدل بين رجال الأعمال، فهناك مَنْ يخشى أن تشهد سوق العمل في منطقة الخليج حالاً من الفوضى في التنقل، والإضرار بمصالح بعض الشركات، متوقعين أن تشهد البداية حالاً من عدم الاستقرار وارتفاع الأجور.وقالوا إن المحصلة في النهاية ستصبّ في مصلحة سوق العمل، والتخلص من العيوب الراهنة، المتمثلة بإقصاء المواطن عن مهن معينة، ومعالجة تدني الأجور، الذي أسهم في مشكلات اجتماعية وأمنية. وتطبق السعودية نظام الكفيل مع بعض من الدول العربية وبخاصة الخليجية، لتأمين استقدام العمالة الوافدة من الخارج، وبموجبه تُقيّد حرية تنقل المكفول خارج البلد والحرية في العمل لدى أية جهة أخرى إلا بموافقة الكفيل. وفيما ترى الدول التي تطبق هذا النظام أنه يضمن حقوق العمال وأصحاب العمل، يشكو بعض العاملين من السلطات التي يتمتع بها الكفيل، إذ يعد النظام دولياً انتهاكاً لحقوق الإنسان. وعلى رغم الرفض الخليجي للتقرير السنوي السابع للاتجار في البشر لعام 2007 الذي أصدرته وزارة الخارجية الأميركية، واعتبرت أنه «يهدف إلى ممارسة ضغوط غير مبررة لأهداف سياسية»، وأن المعلومات الواردة في التقرير «مغلوطة وغير صحيحة»، إلا أن التقرير أثر كثيراً في دول الخليج وسمعتها، لأنه وضع أربع دول خليجية على اللائحة السوداء التي تضم 14 بلداً حول العالم. وترى جمعية حقوق الإنسان في السعودية أن من عيوب «نظام الكفيل» تشويه سمعة المملكة في الخارج، وإتاحة الفرصة أمام الآخرين للنيل من مكانتها، إذ أكد القحطاني أن الجمعية تسعى إلى تصحيح العلاقة بين العامل ورب العمل من جهة وتصحيح علاقتهما مع الوطن من جهة أخرى، وأنها تراعي حقوق رب العمل، وحقوق العامل، وحقوق الوطن. وقلل من أن يؤدي إطلاق الحرية للعامل الأجنبي في اختيار العمل وتبديل الكفيل الذي يريد، إلى منافسة السعوديين في الحصول على وظائف، وقال إن نظام «السعودة» يتيح توفير الفرص الوظيفية للسعوديين، وتوقيف مهن على السعوديين. وفي حين يرى اقتصاديون ورجال أعمال أن هناك إيجابيات في إلغاء نظام الكفالة من خلال تحسين صورة السعودية خارجياً، وجعل بيئة الاستثمار أكثر جذباً للكوادر المميزة إلى السعودية، وبالتالي التأثير بالإيجاب في تنمية الموارد الاقتصادية بشكل كبير، يقول آخرون إن إلغاء النظام سيضر بالاقتصاد، خصوصاً مع وجود مشاريع عملاقة يجري تنفيذها، وسيقود إلى رفع أسعار العمالة، إضافة إلى زيادة العمالة السائبة. وترصد «الحياة» في هذا التحقيق الجدل الدائر حالياً حول نظام الكفيل الحالي، ما له وما عليه، ومدى إمكان إلغائه واستبداله بنظام بديل.