وعدت مرشحة اليمين الفرنسي المتطرف مارين لوبن اليوم (الأحد)، بأنها ستكون رئيسة تعتمد سياسة «فرنسا أولاً» مع إطلاقها رسمياً حملتها الانتخابية التي تضمنت شعارات عدة أوصلت دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. وقبل حوالى 80 يوماً من الانتخابات الرئاسية تجد مارين لوبن نفسها في موقع جيد، في حين أن منافسها الرئيس فرنسوا فيون يغرق في فضيحة الوظائف الوهمية لزوجته واثنين من أولاده. وهاجمت لوبن في خطاب ألقته خلال مهرجان انتخابي في ليون (وسط شرقي فرنسا) سياسة «الهجرة الكثيفة» والعولمة «والتطرف الإسلامي» قائلة إنها تريد أن تجعل فرنسا بلداً «لا يدين بشيء لأحد». وقالت زعيمة «الجبهة الوطنية» أمام نحو ثلاثة آلاف شخص «لقد فهمتم، والأحداث الأخيرة قدمت الدليل القاطع ضد يمين المال ويسار المال، وأنا مرشحة فرنسا الشعب». وتابعت لوبن (48 عاماً) «بعد عقود من الأخطاء والجبن والتسيب وصلنا إلى مفترق طرق». وأشادت ببريطانيا لأنها اختارت الخروج من الاتحاد الأوروبي وحضت الفرنسيين على اعتماد نموذج ناخبي ترامب الذين «يريدون أن يضعوا مصالحهم الوطنية أولاً». وقالت لوبن «سنركز على الوضع المحلي وليس العالمي» وسط تصفيق الحاضرين. وأضافت خلال التجمع الذي أنهى يومين من اللقاءات مع أنصارها في مدينة ليون «أنا أدافع عن الجدران التي تحمي مجتمعنا، بمواجهة قادتنا الذين اختاروا العولمة الفوضوية والهجرة الكثيفة». وقالت أيضاً «لا نريد أن نعيش تحت نير الأصولية الإسلامية»، مضيفة «أن فرنسا هي فعل حب ولهذا الحب اسم: الوطنية. يحق لكم حب بلادكم ويحق لكم الافتخار بذلك، حان الوقت لتحريك المشاعر الوطنية». ورد أنصارها بهتافات «نحن هنا في بلادنا، نحن هنا في بلادنا». وساهم تصويت البريطانيين إلى جانب «بريكزيت» ووصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في إعطاء دفع للأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا. وأظهرت استطلاعات الرأي أن لوبن ستحصل على ما يكفي من الأصوات في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية المرتقبة في 23 نيسان (أبريل)، تخولها خوض الدورة الثانية. لكن الاستطلاعات تشير إلى هزيمتها أمام مرشح الوسط إيمانويل ماكرون المستفيد الرئيس من أزمة فيون، إذ سجل ارتفاعاً ملحوظاً في استطلاعات الرأي. وكان ماكرون (39 سنة)، الوزير السابق في الحكومة الاشتراكية، دعا خلال تجمع انتخابي أمس في ليون إلى التصدي لليمين المتطرف، واصفاً نفسه بأنه حامل لواء التقدمية في بلد بحاجة إلى العودة لشعاره الوطني «حرية، مساواة، أخوة». وبعد المرشحين الثلاثة الرئيسين، يأتي مرشح اليسار المشرذم، الاشتراكي بونوا آمون، ومرشح اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون، الذي يعقد بدوره مهرجاناً انتخابياً اليوم في ليون بموازاة تجمع انتخابي في باريس يطل فيه عبر صورة مجسمة، في الحدث الأول من نوعه في انتخابات فرنسية. وتجري هذه المهرجانات الانتخابية بعد عشرة أيام على فضيحة ألقت بثقلها على الحملة، لا سيما من جانب اليمين، إذ طاولت زوجة فرنسوا فيون وأدت إلى فتح تحقيق في قضية اختلاس أموال عامة. والمرشح المحافظ متهم بتدبير وظائف وهمية لزوجته واثنين من أبنائه لقاء حوالى 900 ألف يورو، وهو يحاول التصدي للقضية متهماً السلطات الاشتراكية بالسعي «للقضاء عليه». وبعدما جعل من النزاهة في السياسة شعاراً أساسياً في حملته، صرح فيون الجمعة أنه «يتفهم الاضطراب» الذي أثارته الفضيحة في الرأي العام، واعداً ب «الصمود»، فيما تتزايد الدعوات إلى الانسحاب داخل معسكره. وتواجه مارين لوبن نفسها اتهامات بتدبير وظائف وهمية، تتعلق بمساعدة لها تقاضت راتباً من أموال أوروبية، وهي أيضاً تنفي حصول أي تجاوزات وتندد ب «معركة سياسية» يخوضها البرلمان ضد حزبها. وتحدثت صحيفة «لوموند» في افتتاحية أمس، عن «أجواء ضارة من المحاباة والمحسوبية والمكاسب غير المستحقة»، معتبرة أنه «لشدة ما يعامل الفرنسيون على أنهم سذج (...) سنزيد في نهاية المطاف من اشمئزازهم من الشأن العام». وبعدما لزمت ابنة مؤسس «الجبهة الوطنية» جان ماري لوبن حتى الآن التكتم في حملتها، تراهن الآن على رفض الفرنسيين الأحزاب التقليدية، وتعد بالاستجابة للمخاوف المتعلقة بالهجرة والإسلام والأمن في بلد شهد سلسلة من الاعتداءات المتطرفة غير المسبوقة في 2015 و2016. وفي هذا السياق، فإن الهجوم الذي نفذه شاب مصري مسلح على دورية عسكرية الجمعة في متحف «اللوفر» يدعم الخطاب الأمني الذي تعتمده لوبن منذ سنوات.