في كل يوم تسرق 38 سيارة في السعودية، وتستعيد أجهزة الأمن أقل من نصفها، وبحسب تقديرات رسمية فإن 50 سرقة مماثلة لكل 100 ألف من السكان. ولا تقتصر خطورة هذه الجريمة على السرقة في حد ذاتها، إذ قد تستعمل المركبات في جرائم أخطر، وخصوصاً الإرهابية. وزادت معدلات سرقة السيارات في السنوات الأخيرة بشكل مثير، لتتصدر قائمة الجرائم الأكثر انتشاراً في المملكة، بعدما أصبحت هدف كثير من الإرهابيين واللصوص من المراهقين والشبان في أعمالهم الإجرامية. وكشف إحصاء أصدرته وزارة الداخلية العام 2016، سرقة 1134 سيارة في شهر كانون الثاني (يناير) فقط، وقع معظمها في المدن الرئيسة في الرياض، والدمام، وجدة، ومكةالمكرمة. وأحصت الوزارة خلال 2014 وقوع أكثر من 15 ألف سرقة. وتصنف أعلى الجرائم الاقتصادية انتشاراً في حق الملكية الفردية. وارتكب معظم هذه الجرائم مراهقون وشبان ذوو مؤهلات علمية متدنية. ومن بين أكثر من تسعة آلاف مركبة سرقت في العام 2013، استردت أجهزة الأمن 4200 منها فقط، بما يعادل 46 في المئة من إجمالي السيارات المسروقة. ويعمد اللصوص إلى تغيير معالمها ولوحاتها لبيعها، أو تفكيكها وبيع أجزائها، وخصوصاً إن كانت ثمينة، فيما يستخدمها آخرون في تنفيذ جرائم أخرى مثل التفحيط والخطف وسرقات أخرى، ولجأ إلى هذا الأسلوب إرهابيون لتنفيذ عملياتهم، لتصبح السيارات المسروقة عنصراً ضرورياً لا يمكنهم الاستغناء عنها في تنفيذ الجرائم. وعزا مهتمون زيادة هذه السرقات إلى «ضعف الانتشار الأمني للدوريات الجوالة والتراخي في التعامل مع البلاغات المقدمة من المجني عليهم، والتقاعس في تنفيذ الأحكام في حق المجرمين». وألقى آخرون بالمسؤولية على شركات تأجير السيارات التي «تبحث عن المال فقط»، وينفذ اللص سرقات كثيرة بمجرد الحصول على بطاقة هوية واحدة، فيما حمّل البعض المجني عليهم من أصحاب المركبات المسؤولية، «لتقاعسهم في التبليغ، لعدم ثقتهم في جدوى البلاغات». وأرجعت دراسة أمنية أصدرتها جامعة الأمير نايف العربية للعلوم الأمنية شهر يناير الماضي، انتشار سرقات السيارات في الرياض إلى «التفحيط» و«البطالة» وإهمال مالك المركبة، مشيرة إلى أن أبرز المعوقات التي تحول دون منع السرقات هي ضعف الرقابة على محال بيع أجزاء المركبات المستعملة، وقلة استخدام التقنيات الحديثة في حماية السيارات، وإهمال مالكيها. وأوصت الدراسة بوضع كاميرات مراقبة مخفية في الشوارع الرئيسة والجانبية للرجوع إليها عند وقوع الحوادث، مشددة على الأجهزة الأمنية باستخدام التقنيات الحديثة في تعقب السيارات المسروقة وإيقافها. وكثرت حوادث ضبط جناة تخصصوا في سرقة سيارات وتغيير معالمها واستخدامها لسرقات أخرى، إذ ضبطت شرطة المنطقة الشرقية العام 2014، عصابة تضم مواطنين، سرقوا 12 سيارة للعبث بها وإحراقها بعدما غيروا معالمها لممارسة التفحيط، ثم تركوها في مواقع مختلفة. وتورط مراهقون في ارتكاب هذه الجريمة، إذ ضبطت شرطة منطقة مكةالمكرمة في العام نفسه عصابة مكونة من خمسة سعوديين أعمارهم تراوح بين 16 و22 عاماً، سرقوا وأحرقوا 53 سيارة، فيما ضبطت أجهزة الأمن في محافظة جدة عصابة أفارقة أعمارهم بين 14 و18 عاماً، سرقوا 18 مركبة. ويعمد اللصوص إلى تنفيذ جرائمهم في أوقات متأخرة من الليل بعد مراقبة المكان، وفي هذا الشأن ضبطت شرطة الرياض أوائل العام الحالي، عصابة من سبعة مقيمين تخصصوا في سرقة قطع السيارات الثمينة ليلاً، وعثر في حوزتهم على قطع مسروقة، وأقروا بالسطو على أكثر من عشر مركبات ليلاً باعوا أجزاءها وتقاسموا ثمنها. وتزعم بعض تلك العصابات فتيات، إذ ضبطت شرطة جازان أواخر العام 2014، عصابة من عشرة أشخاص تتزعمهم امرأة كانت تستدرج مالكي السيارات للنزول من مركباتهم، لتتمكن بقية العصابة من سرقتها أثناء انشغال المالك مع السيدة. ونفذ بعض هذه الجرائم متحدو إعاقة، إذ ضبطت شرطة تبوك في العام ذاته، ثلاثة من ذوي الاحتياجات الخاصة (صم)، احترفوا سرقة السيارات وتغيير معالمها خلف هضبة جبلية في تبوك. ولا تخلو الجرائم من لحظات إنسانية، اضطر فيها مواطن إلى سرقة سيارة إسعاف، بعدما غافل مسؤولي أحد المستشفيات، ليوصل زوجته التي كانت تعاني من آلام المخاض إلى مستشفى تبوك من دون طاقم تمريض، ليعيد السيارة بعدها، ولكن ألقي القبض عليه. وكشفت وزارة العدل في العام 2014، وجود 1433 قضية سرقة مركبات تنظرها المحاكم، وطالب آنذاك وزير العدل السابق محمد العيسى قضاة المحاكم بتقدير العقوبات الشرعية الرادعة لمرتكبي تلك الجرائم وسرعة الحكم فيها ومراعاة «الظروف المشددة».