اختتم الرئيس السوري بشار الأسد وعقيلته السيدة أسماء أمس «زيارة دولة» الى قبرص، أسفرت عن توقيع خمسة اتفاقات حكومية وتفاهمات بين القطاع الخاص وانعقاد المجلس السوري - القبرصي لدفع العلاقات، لافتاً الى انه لا يمكن مواجهة التحديات في المنطقة «من دون الحوار والتعاون والشراكة النابعة من التفاهم والتطلعات المشتركة». وجدد «سعي سورية المتواصل لتحقيق السلام على رغم عدم وجود أمل حقيقي في المستقبل القريب». وكان الرئيس الأسد افتتح ونظيره القبرصي ديمتريس خريستوفياس منتدى رجال الأعمال بحضور حوالى 70 شخصاً من كل طرف. وذكرت «الوكالة السورية للأنباء» (سانا) أن الأسد وعقيلته سيزوران الأسبوع المقبل كلاً من بلغاريا ورومانيا تلبية لدعوة من الرئيس البلغاري جيورجي بارفانوف والرئيس الروماني ترايان باسيسكو، وسيجري الرئيس الأسد محادثات مع كبار المسؤولين في البلدين تتناول تطوير العلاقات الثنائية والمستجدات الإقليمية والدولية». ويضم الوفد الرسمي وزير الخارجية وليد المعلم والمستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان ووزيرة الاقتصاد والتجارة لمياء عاصي. ونوه الأسد خلال افتتاح مجلس الأعمال ب «التاريخ الطويل للعلاقات التي تجمع الشعبين والبلدين وبحضارتيهما المتفاعلتين لآلاف السنين»، مؤكداً أن «دول المنطقة تواجه عدداً من التحديات المتشابهة وانه لا يمكن مواجهتها من دون الحوار والتعاون والشراكة النابعة من التفاهم والتطلعات المشتركة». وتابع: «الشرق الأوسط هو قلب العالم الجغرافي، وسورية يمكن أن تكون قلب الشرق الأوسط وهي في الواقع في قلب الشرق الأوسط سياسياً. وفي السياق نفسه الذي تحدد به البلدان بحدودها فإنه يمكن تحديد المناطق ببحارها فعلى الساحل الشرقي للمتوسط تشكل سورية مدخلاً لمنطقة أوسع وأكبر تحدها بحار خمسة: المتوسط والأحمر وقزوين والأسود والخليج. وهذه المنطقة التي تجري فيها معظم عمليات التبادل في السلع والطاقة حيث تقع بين قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا». وأكد أن «الرؤية الاستراتيجية لسورية تقضي باستثمار موقعها المحوري لتأسيس شبكة مترامية الأطراف للتجارة والنقل وتوزيع الطاقة ما سيسمح بتدفق الغاز والنفط والكهرباء والسلع في شكل أكثر كثافة وأقل كلفة»، لافتاً الى «أهمية المبادرات الاستراتيجية التي تمهد الطريق للمؤسسات الوطنية الصغيرة والمتوسطة كي تعمل وتزدهر اعتماداً على برنامج واسع وشامل لبناء القدرات البشرية الذي يعد جوهر التنمية». والتقى الأسد أمس في بلدية نيقوسيا عمدة المدينة ايليني مافرو وأعضاء المجلس البلدي بحضور المعلم وشعبان، واطلع على «التاريخ العريق والنهضة العمرانية التي شهدتها المدينة في العقود الأخيرة والنشاط الاقتصادي والسياحي والمستوى الثقافي والتعليمي الذي حققته العاصمة القبرصية». وكان الرئيس السوري قال خلال مأدبة عشاء رسمية أقامها على شرفه خريستوفياس انه «على مدى قرون مديدة من الاحتكاك الحضاري استطاع الشعبان في البلدين تحقيق وحدة حضارية ما زلنا نلمس آثارها الإيجابية حتى وقتنا الراهن»، لافتاً إلى أن «كل ذلك يحملنا أمانة كبيرة في ضرورة تعزيز ما أسس له أجدادنا». وعن أوضاع الشرق الأوسط، قال الأسد أن «ما يعوق تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة هو استمرار إسرائيل في احتلالها للأراضي العربية واستمرارها في مقابلة دعوات السلام بمزيد من الاعتداءات والاستيطان» مع إشارته الى أن «شعوب العالم نظرت بأمل كبير إلى سفن كسر الحصار عن شعبنا الفلسطيني المحملة بأدوية ومواد غذائية ما كان ليحتاجها لولا الحصار الإسرائيلي اللاإنساني الذي دام طويلاً عليه». وكان موضوع الشرق الأوسط والدور الأوروبي في عملية السلام ضمن الأمور التي بحثت خلال لقاء الأسد ورئيس البرلمان القبرصي ماريوس، و «تم تأكيد ضرورة تفعيل هذا الدور والتوصل إلى حل عادل وشامل في المنطقة». ونقل بيان رئاسي عن الأسد تأكيده «سعي سورية المتواصل لتحقيق السلام على رغم عدم وجود أمل حقيقي في السلام في المستقبل القريب بسبب الممارسات الإسرائيلية ورفضها القبول بقرارات الشرعية الدولية». وأشار البيان الى قول غارويان إن «قرب سورية من قبرص ليس فقط قرباً جغرافياً وتاريخياً وإنما هو قرب اجتماعي أيضاً، مؤكداً أن سورية تلعب دوراً حيوياً ومهماً في العالم العربي وفي التوصل إلى سلام عادل وشامل، مجدداً حرص بلاده على أفضل العلاقات مع سورية وتنسيق المواقف في المحافل الإقليمية والدولية». وأكد الجانبان السوري والقبرصي أن «الموقع الجغرافي للبلدين في منطقتي الشرق الأوسط وأوروبا يشكل فرصة أمام البلدين لبناء علاقات اقتصادية متميزة تكون نواة تشمل دولاً أخرى خصوصاً أن البحر الأبيض المتوسط يمكن أن يكون صلة وصل حقيقية بين الغرب والشرق تسهل حركة البضائع والأشخاص أيضاً». كما أكد خريستافيوس أن «الموقع الجغرافي المتميز للبلدين والدور الهام لسورية في العالم العربي ولقبرص في أوروبا يشكلان ميزة حقيقية تدفع نحو تطوير أكبر للتعاون ولتعزيز النشاط الاقتصادي والتجاري». واضاف البيان أن الأسد «أطلع من غارويان على آخر مستجدات الجهود المبذولة لحل المشكلة القبرصية وأكد أهمية استمرار الحوار وتكثيف الجهود للوصول إلى حل يرضي الطرفين». ووصفت شعبان زيارة الأسد وعقيلته الى نيقوسيا انها «مهمة في بعدها الثنائي وكذلك على مستوى القضايا الإقليمية التي تم بحثها». ونقلت «الوكالة السورية للأنباء» (سانا) عن شعبان أن قبرص «جارة والعلاقات بيننا وبينها تاريخية منذ الأمد إلى الآن ونشترك معها بحكم الجوار والمصلحة المشتركة والمودة بين الشعبين، وهناك مجالات كبيرة للتعاون مع قبرص في السياحة والاقتصاد والتجارة والصحة، وأن هذه المجالات لم يتم استغلالها بالشكل الأمثل لأن حجم التبادل الاقتصادي ما زال متواضعاً على رغم القرب الجغرافي». واشارت الى البحار أصبحت «نافذة مهمة للتواصل بين الدول والشعوب وعادت أهمية السفن كما كانت في القديم، وبذلك نحن نستكشف هذه الأبعاد أيضاً بهذه الزيارة»، وانها «تأتي ضمن رؤية الرئيس الأسد بربط البحار الخمسة، وبالأحرى أن نكون مع قبرص التي نتشاطأ معها ونتجاور معها في كثير من الأمور».