تتكثف اتصالات دولية وإقليمية لحل «عقدة» تمثيل المعارضة السورية في مفاوضات جنيف المقررة نهاية الشهر الجاري بتشكيل وفد عسكري- سياسي معارض، بعدما لوح المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا بأنه سيشكيل وفد المعارضة بحسب تفويض القرار 2254، في وقت تتم استعدادات لتحضير جدول أعمال اجتماع آستانة بعد غد بين مسؤولين روس وأتراك وإيرانيين وربما فصائل معارضة، الأمر الذي دل إلى احتمال منافسة بين «مسار عسكري» ودفع بعض الدول إلى تجميد الصراع عبر تثبيت وقف النار وآلية الرقابة في منصة آستانة، وبين «مسار سياسي» وتمسك دول وازنة بالبحث في جنيف عن حل يتضمن الانتقال السياسي. وبعد مشاوراته مع أعضاء مجلس الأمن والمجموعة العربية والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في نيويورك، أجرى دي ميستورا أمس محادثات مع وزير الخارجية الأميركي ريكس تيليرسون بعد يومين من تثبيته في الكونغرس، وسط توقعات بأن يلتقي تيليرسون مع نظيره الروسي سيرغي لافروف على هامش مؤتمر الأمن الدولي في ميونيخ يومي 17 و18 الجاري، الذي يشارك فيه أيضاً دي ميستورا لحشد دعم لمسار مفاوضات جنيف المقررة في 20 الجاري مع احتمال تأجيله. ووفق مسؤول غربي، فإن بعض مسؤولي الخارجية الأميركية ليسوا متحمسين حالياً لاستعجال مفاوضات جنيف، في انتظار بلورة إدارة الرئيس دونالد ترامب سياستها إزاء سورية وتحديد مفهومها لإقامة مناطق آمنة قرب الأردن وقرب تركيا، وعلاقة الحل السياسي بمحاربة «داعش» وإمكانات التعاون مع روسيا وما إذا كانت سورية ستكون «مسرحاً لتقليص النفوذ الإيراني» في المنطقة، مع وجود قناعة بأن إدارة ترامب تخلت عن مبدأ «تغيير النظام». وأضاف ل «الحياة» أن بعض المسؤولين الأميركيين يدفع باتجاه التريث في إطلاق العملية السياسية الذي تستعجله موسكو للبناء على مسار آستانة و «شرعنة» مرجعياتها السياسية واستغلال «المرحلة الانتقالية» في واشنطن، لذلك قد تفضل واشنطن التركيز على ترك مسار آستانة يأخذ مداه بالتركيز على تثبيت وقف النار وإيجاد آلية رقابة و «تجميد» الصراع بين القوات النظامية والمعارضة وإدخال مساعدات إنسانية عبر مسار مجموعة العمل في جنيف. في المقابل، أعربت موسكو عن الانزعاج من «المماطلة» في عقد جنيف، إذ أعلنت الخارجية الروسية أن موسكو «تبذل قصارى جهدها من أجل تشجيع الأممالمتحدة على تحريك عملية المفاوضات وتعتبر محاولات المماطلة في هذه العملية غير مقبولة». لكنها تبحث في الوقت ذاته تشكيل وفد للمعارضة بديل من «الهيئة التفاوضية العليا» المعارضة التي تمثل أوسع كتل للمعارضة السياسية والعسكرية. وبعد لقاء لافروف شخصيات معارضة في موسكو الجمعة المعارضة، عقد ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي سلسلة مشاورات في سلطنة عمان، ركزت على تسوية أزمات سورية، وسط أنباء عن «مؤتمر إنقاذ وطني» دعت المعارضة إلى عقده في مسقط ما لم يعقد في دمشق ب «ضمانات دولية». وقال المنسق العام ل «هيئة التنسيق الوطني» حسن عبدالعظيم ل «الحياة» أمس، إنه يتم العمل على تشكيل لجنة تحضيرية لعقد «مؤتمر إنقاذ وطني» في دمشق ب «ضمانات دولية- روسية»، مشابه لذلك الذي عقد في أيلول (سبتمبر) 2012 ل «تشكيل حبهة لقوى التغيير الديموقراطية» و «وضع رؤية لجمع القوى والشخصيات والناس الذين يؤمنون بالحل السياسي ويرفضون التدخل الخارجي ويعارضون القبول باستمرار النظام في نهج الاستبداد والانفراد ومقتنعون بعدم صلاحيته للإصلاح والتغيير». ومن المتوقع أن يدعى إلى هذا المؤتمر كل من «هيئة التنسيق» و «تيار الغد السوري» برئاسة أحمد الجربا و «تحالف وطني كردي» يضم خمسة أحزاب و «مجلس سورية الديموقراطي» الذي يضم «الاتحاد الوطني الديموقراطي الكردي» برئاسة صالح مسلم، وقوى من «إعلان دمشق» و «حزب التضامن» المرخص من دمشق و «منصة القاهرة». وفي حال تعذر انعقاد المؤتمر في العاصمة السورية ورفض دمشق «ضمانات روسية»، قد يعقد في القاهرة أو مسقط أو عاصمة عربية أخرى، بحسب قرار اللجنة التحضيرية والاتصالات الخارجية. لكن عبدالعظيم رفض الحديث في موسكو عن قائمة بديلة من «الهيئة التفاوضية» لتمثيل المعارضة إلى مفاوضات جنيف، ذلك أن «الهيئة»، بحسب قناعته، تضم أوسع تمثيل ممكن للمعارضة السياسية والفصائل المسلحة، وإن كانت تمكن إضافة ممثلين من «مجلس سورية الديموقراطي» وشخصيات من «منصة موسكو» إليها. وعقد في الخارجية التركية في أنقرة أمس اجتماع بين مسؤولين أتراك والمنسق العام ل «الهيئة» رياض حجاب ورئيس «الائتلاف» أنس العبدة ورئيس «المجلس الوطني الكردي» إبراهيم برو والتركمان وقادة فصائل مسلحة شاركت في اجتماع آستانة برئاسة محمد علوش، تناول التحضير لاجتماع آستانة الإثنين والثلثاء ومفاوضات جنيف وبحث إمكان «تشكيل وفد موحد يضم المعارضة الحقيقية، الهيئة التفاوضية وفصائل آستانة، وإبعاد المعارضة المزيفة أو تلك التي تحمل أجندة إقصائية أو أحادية، مثل جبهة النصرة والاتحاد الديموقراطي»، وفق مصدر معارض. وأضاف ل «الحياة» أن المعارضة أكدت استعدادها لتشكيل وفد عسكري- سياسي يضم «الهيئة» وفصائل آستانة إلى جنيف ومعالجة تحفظ الفصائل العسكرية بعدم المشاركة قبل وقف النار ومعالجة الخروق، مع ضرورة وفاء الضامن الروسي بالتزاماته وقف الخروق و «التحفظ على إقحام إيران بصفتها طرفاً ضامناً». وإذ وجهت «الهيئة» انتقادات إلى إعلان دي ميستورا نيته تشكيل وفد المعارضة وطالبته بالتركيز على جدول أعمال المفاوضات، لا يزال فريق دي ميستورا يأمل في عقد مفاوضات جنيف آخر الشهر بعدما دفع جميع الفرقاء إلى التفكير بحل «العقد» أمام انعقادها وتشكيل وفد «وازن» يضم عسكريين وسياسيين، لبحث جدول أعمال من ثلاث نقاط بموجب تفويض القرار 2254: أولاً، تشكيل «حكم تمثيلي غير طائفي» من الحكومة والمعارضة ومجموعات أخرى (ليس «هيئة انتقالية») للإعداد ل «الانتقال السياسي» بموجب 2254. ثانياً، صوغ دستور جديد، خصوصاً بعدما وضعت موسكو مسودتها على الطاولة. ثالثاً، إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية بإدارة الأممالمتحدة، بحسب 2254. والأسئلة التي تستهدف الاتصالات إيجاد أجوبة عنها، ما إذا كانت المفاوضات بين وفدي الحكومة والمعارضة تتم في شكل مباشر وما إذا كانت البنود الثلاثة تبحث بالتوازي أم في شكل متسلسل.