منح البرلمان التونسي حق التصويت لرجال الأمن والجيش في الانتخابات البلدية والمحلية المقرر إجراؤها خلال العام الجاري، وسط تخوف من إمكان تأثير هذا القانون على حياد المؤسستين الأمنية والعسكرية وأخطار إقحامهما في التجاذبات السياسية. وصادق مجلس النواب مساء أول من أمس، على تعديل القانون المتعلق بالانتخابات والاستفتاءات بغالبية 144 نائباً (من أصل 217) تم بموجبه السماح للقوات الحاملة للسلاح بالتصويت في الانتخابات البلدية والجهوية (المحلية)، في سابقة هي الأولى من نوعها في تونس، حيث لم يسبق لتلك الفئة من المواطنين أن صوّتت منذ الاستقلال. وتمّت المصادقة على مشروع القانون بعد خلاف استمر منذ العام الماضي بين الكتل النيابية في شأن منح حق التصويت لرجال الشرطة والجيش، الذي يحظى بدعم كتلة حزب «نداء تونس» و«الجبهة الشعبية» اليسارية المعارضة وأحزاب أخرى، في مقابل اعتراض كتلة «النهضة» الإسلامية وكتل صغيرة أخرى. وفسرت «النهضة» موافقتها على تصويت القوات الأمنية والعسكرية بعدم رغبتها في تعطيل المصادقة على القانون الانتخابي وإجراء الانتخابات البلدية والمحلية، بخاصة في ظل اتهامها من قبل الكتل النيابية الأخرى بتعطيل المسار الانتخابي عبر تمسكها ب «حرمان الأمنيين والعسكريين من حقهم في التصويت». ووضع القانون الجديد ضوابط تحدد مشاركة الجيش والشرطة في الانتخابات أبرزها التصويت في الانتخابات البلدية والجهوية من دون سواها (أي عدم مشاركتهم في الانتخابات البرلمانية والرئاسية)، إضافة إلى عزل كل أمني أو عسكري من وظيفته في حال الترشح للانتخابات أو المشاركة في الحملات الانتخابية والاجتماعات الحزبية. ونصّ القانون على أن تخصص هيئة الانتخابات يوماً قبل الاقتراع العام، لتصويت الأمنيين والعسكريين مع منع نشر أسمائهم. ويبلغ تعداد قوات الأمن في تونس نحو 75 ألفاً (بين شرطة ودرك)، في حين يبلغ عدد قوات الجيش 60 ألفاً، مع احتساب جنود الاحتياط. وأثار هذا القانون حفيظة جزء من الرأي العام الذي حذر من «تسييس» المؤسستين الأمنية والعسكرية وإدخالهما في التجاذبات السياسية، حيث يشدد الدستور التونسي على أن الجيش والأمن مؤسستان جمهوريتان تلتزمان الدفاع عن الوطن وتطبيق القانون في إطار الحياد التام. من جهة أخرى، أعلنت النيابة العامة التونسية أمس، فتح تحقيقات قضائية ضد 12 من كبار موظفي الدولة، يشتبه بضلوعهم في «جرائم فساد مالي». وقال الناطق الرسمي باسم النيابة العامة سفيان السليطي إن المتهمين موظفون كبار في «بعض الوزارات» وبينهم «المكلف العام بنزاعات الدولة»، أي محامي الدولة، الذي شغل هذا المنصب بين العامين 2011 و2012. والمكلف العام بنزاعات الدولة، قاضٍ يتبع إدارياً وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية، ومهمته الرئيسية الدفاع عن مصالح الدولة أمام القضاء. وأضاف السليطي أن فتح التحقيق القضائي جاء إثر تلقي النيابة العامة ملفات «جرائم فساد مالي» متعلقة بالموظفين ال12 من «الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد» (دستورية). وأعلنت وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية الأربعاء في بيان أنها أقامت في كانون الأول (ديسمبر) 2016 دعوى قضائية «ضد عدل تنفيذ (حاجب محكمة) ومكلف عام أسبق شغل الخطة بين عامي 2011 و2012» بتهمة اختلاس أموال عامة.