سعى الرئيس دونالد ترامب الى تفادي الدوران في حلقة مفرغة من السجالات الداخلية التي رافقت أوامره التنفيذية في الأيام العشرة الأولى من ولايته، وذلك بإيفاد وزير دفاعه جيمس ماتيس الى آسيا لطمأنة اليابانوكوريا الجنوبية حليفتي أميركا إلى التزامه أمنهما، كما اعلن البيت الأبيض مواصلة استراتيجية الغارات بطائرات من دون طيار لاستهداف مواقع ارهابيين في الخارج. ستكون زيارة ماتيس لكوريا الجنوبيةواليابان الرحلة الخارجية الأولى لمسؤول في ادارة ترامب الذي أثار خلال حملته الانتخابية مخاوف من امكان تقليص الدور التاريخي للولايات المتحدة في شمال شرقي آسيا. وأعلن بيان لوزارة الدفاع (بنتاغون) ان «الزيارة ستؤكد التزام الولاياتالمتحدة تحالفاتنا الصلبة مع اليابان وجمهورية كوريا (الجنوبية)، فيما ستعزز التعاون الأمني» بين البلدان الثلاثة. وأثار ترامب مخاوف حلفاء واشنطن عندما اقترح خلال حملته الانتخابية ان تتزود اليابانوكوريا الجنوبية بسلاح نووي، معتبراً ان الحماية الأميركية لهذين البلدين مكلفة جداً، ملمحاً الى امكان سحب قوات بلاده منهما في حال لم تزيدا مساهماتهما لدعم الوجود العسكري الأميركي على اراضيهما. ويتواجد حوالى 28500 جندي اميركي في كوريا الجنوبية و47000 في اليابان. وتأتي زيارة ماتيس وسط تنامي القلق من طموحات كوريا الشمالية النووية والخلاف الديبلوماسي بين سيولوطوكيو في شأن «نساء المتعة» الكوريات اللواتي استغلهن الجيش الياباني خلال الحرب العالمية الثانية، وهو موضوع يسمم العلاقات بين البلدين منذ سنوات. وأعلنت وزارة الدفاع في سيول، ان ماتيس اتفق مع نظيره الكوري الجنوبي هان مين - كو، على المضي قدماً في خطة نشر منظومة «ثاد»، الدرع الأميركية المتطورة المضادة للصواريخ، هذا العام على رغم معارضة الصين. واتفق البلدان الحليفان العام الماضي على نشر المنظومة عقب قيام بيونغيانغ بتجارب نووية وصاروخية. وأغضبت الخطة الصين التي تعتبر ان «الدرع» ستهدد امنها وتزيد من أخطار اندلاع نزاع في المنطقة. وأعربت سيول عن أملها بأن تمثل زيارة ماتيس «فرصة لحكومة ترامب لتعزز التزام الولاياتالمتحدة الدفاع عن كوريا الجنوبية والتحالف بين البلدين». ومن سيول، ينتقل ماتيس إلى طوكيو غداً الجمعة، للقاء وزيرة الدفاع تومومي إينادا ومسؤولين آخرين، كما اعلن «البنتاغون». وأبدى رئيس الوزراء الياباني شنزو آبي الذي يلتقي ترامب الأسبوع المقبل، نيته في التباحث مع ماتيس في شأن «أهمية التحالف الياباني- الأميركي». وخلال جلسات مجلس الشيوخ للمصادقة على تعيينه، أكد ماتيس المصلحة الإستراتيجية للولايات المتحدة من خلال تحالفها مع اليابانوكوريا الجنوبية. وحظي ماتيس خلال جلسة المصادقة على تعيينه بدعم ساحق من ممثلي الحزبين الجمهوري والديموقراطي، فيما قال ترامب انه سيرجع اليه في خصوص مسائل اساسية، من بينها تعذيب المشبوهين بالإرهاب، وهي ممارسة يعارضها وزير الدفاع. في الوقت ذاته، اكد البيت الأبيض أن السياسة الأميركية حيال ضربات الطائرات من دون طيار خارج البلاد لم تتغير، بعيد إعلان مغاير من قبل الناطق باسم الرئيس الأميركي شون سبايسر. وقالت الناطقة باسم الإدارة الأميركية سارة ساندرز إن «سياسة الولاياتالمتحدة في شأن استهداف محتمل لمواطنين أميركيين لم تتغير»، مذكرة بالموقف الواضح لإريك هولدر، وزير العدل السابق في إدارة باراك أوباما، بأن هذا الخيار كان قانونياً في حالات محددة. وكان سبايسر قال في وقت سابق إن «أي مواطن أميركي لن يكون مستهدفاً أبداً». ولفتت ساندرز في المقابل إلى أن «الولاياتالمتحدة «لا ولن تستهدف أفراداً من عائلات إرهابيين». وخلال حملته الانتخابية، أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب دعمه استهداف عائلات الأشخاص المستهدفين في إطار عمليات مكافحة الإرهاب. وفي أيلول (سبتمبر) 2011، أثار مقتل الأميركي اليمني أنور العولقي، أحد أبرز قيادات تنظيم «القاعدة»، جدلاً كبيراً في الولاياتالمتحدة حيال مدى سماح القانون للدولة الفيديرالية باغتيال مواطنين أميركيين باسم «الحرب على الإرهاب». وكان الرئيس السابق باراك أوباما دافع عن قراره بالقول إنه «حين يتوجه أميركي إلى الخارج لشن حرب على الولاياتالمتحدة وحين تعجز الولاياتالمتحدة وشركاؤها عن اعتقاله قبل أن ينجز مؤامرته، فإن جنسيته لن تحميه، وكذلك فإن شخصاً معزولاً يطلق النار على حشد يجب ألا تحميه قوات من الشرطة». طعون الهجرة من جهة أخرى، تزايدت الطعون القانونية على أولى الإجراءات التي اتخذها الرئيس الأميركي لتقييد الهجرة. وانضمت نيويورك وفرجينيا إلى واشنطن وماساتشوستس في المعركة القانونية ضد حظر السفر الذي شمل مواطني 7 دول اسلامية واعتبره البيت الأبيض ضرورياً للأمن القومي. واستندت الطعون إلى أن الأمر ينتهك الضمانات التي يكفلها الدستور للحرية الدينية. وباتت سان فرانسيسكو أول مدينة أميركية تطعن على الأمر الرئاسي بحجب تمويل اتحادي عن المدن الأميركية التي تتبنى سياسات حماية للمهاجرين غير الموثقين. والإجراءات القانونية هي أحدث تحديات للأوامر التنفيذية التي أصدرها ترامب الأسبوع الماضي والتي أثارت موجة احتجاجات في مدن أميركية كبرى حيث ندد الآلاف بالإجراءات التي اتخذها الرئيس بوصفها تنطوي على التمييز. لكن القيود على اللاجئين حازت ايضاً على دعم كثير من الأميركيين اذ أظهر استطلاع للرأي لمصلحة «رويترز» نشرت نتائجه امس، أن 49 في المئة من الأميركيين يؤيدون الأمر التنفيذي فيما يرفضه 41 في المئة. ورفع عدد من المواطنين الأجانب دعاوى قضائية ضد الحظر، من بينها دعوى رفعها طالب جامعي ليبي في كولورادو، كما رفعت اثنتان أخريان في شيكاغو إحداهما نيابة عن إيراني يعيش مع أبنائه الثلاثة في إيلينويز. اعتراضات ديبلوماسيين وفيما استمرت التظاهرات في مدن اميركية ضد حظر السفر، أكد مسؤولون اميركيون ان حوالى 900 من العاملين في وزارة الخارجية الأميركية والديبلوماسيين، وقعوا على مذكرة داخلية تعارض قرار ترامب. ونشرت مدونات اميركية مقتطفات من المذكرة التي تندد ب «سياسة تغلق الباب امام اكثر من مئتي مليون مسافر قانوني سعياً الى منع فئة محدودة من استخدام انظمة التأشيرات لدخول الولاياتالمتحدة ومهاجمة الأميركيين». واعتبر موقعو المذكرة ان هذا الأمر «لا يحقق هدفاً يتمثل في جعل البلاد اكثر امناً». واستخدمت «القناة المعارضة» لإرسال مذكرات من هذا النوع، للمرة الأخيرة في حزيران (يونيو) 2016 حين طالب خمسون ديبلوماسياً بأن توجه واشنطن ضربة عسكرية الى النظام السوري، موجهين انتقاداً شديداً الى اوباما ووزير خارجيته جون كيري. مزدوجو الجنسية وقال وزير الأمن الداخلي الأميركي جون كيلي انه سيتم السماح لحاملي الجنسية المزدوجة من الدول السبع المستهدفة، بدخول الولاياتالمتحدة بجواز سفر الدولة التي لا يشملها الحظر. أتى ذلك في اطار اسئلة وجهت اليه حول الأمر التنفيذي الذي منع سفر حاملي جوازات السفر الصادرة من إيران والعراق وليبيا والصومال والسودان وسورية واليمن. وفي لندن، أكدت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إنه لم يتم إبلاغها مسبقاً خلال زيارتها واشنطن أخيراً، بالأمر التنفيذي الذي شمل ايضاً تعليق دخول اللاجئين للولايات المتحدة. ورداً على سؤال من زعيم حزب العمال المعارض جيريمي كوربين، قالت ماي في البرلمان: «إذا كان يسألني ما إذا كان عندي خبر مسبق بحظر اللاجئين فالإجابة لا. وإذا كان يسألني إذا كان عندي خبر مسبق بأن الأمر التنفيذي قد يؤثر في رعايا بريطانيين فالإجابة لا. وإذا كان يسألني إذا كان عندي خبر مسبق بالقيود على السفر فالإجابة: كلنا كنا نعلم، لأن الرئيس ترامب قال إنه سيفعل ذلك خلال حملته الانتخابية». الى ذلك، أكد أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة ضرورة ألا تميّز إجراءات السيطرة على الحدود ضد أحد. وقال في بيان: «من حق الدول بل ومن واجبها، أن تدير في شكل مسؤول حدودها لتفادي تسلل أفراد من تنظيمات إرهابية. وهذا لا يمكن أن يعتمد بأي شكل من الأشكال، على التمييز المرتبط بالدين أو العرق أو الجنسية، لأن هذا ضد المبادئ الأساسية وضد قيم مجتمعاتنا».