ما معنى أن تكون هناك قنوات فضائية «متخصصة» في المسابقات؟ يبدو السؤال فجّاً أمام عدد من القنوات الفضائية التي تكتفي بمذيعة تطرح سؤالاً ساذجاً على متابعيها، ومع ذلك نجدهم «عاجزين» عن الإجابة، فيما تستمرُ الاتصالات، وتراكم القناة أموالها، ولا من رابح أبداً. هل يصدّق أحد أن أمة من ثلاثمئة مليون لا يستطيع واحد فيها معرفة من هو البلد العربي الذي يتألف إسمه من ثلاثة حروف لو حذفنا الأخير يكون إسم حيوان أليف؟ الغريب أن المذيعة تظل تحضّ مشاهديها على متابعة اتصالاتهم كما لو أن المسابقة حقيقية، أو أن هناك مسابقة أصلاً. في حدود ما نعلم، هناك شروط قانونية لا بد من أن تتوافر في أية مسابقة يجريها إنسان، خصوصاً حين تكون ذات كلفة مالية تعود بالنفع على صاحب المسابقة وراعيها. من تلك الشروط مثلاً أن تتحقق الصدقية بدرجة كافية، وهذا لا يمكن أن يتوافر من دون الحد الأدنى من الشفافية. هنا بالذات يصعد الى الذهن السؤال الأهم: كيف يمكن ضبط الفضاء التلفزيوني المفتوح، وحمايته من العبث، وأساليب التدليس للحصول على المال بأبسط الطرق ومن دون أية كلفة؟ أما من مقياس أو ضابط؟ لست من أنصار الرّقابة، خصوصاً حين يتعلق الأمر بحجب نصوص أو مواد إعلامية أو فنية، غير أن هذا شيء مختلف لا يمنعنا من الدعوة لتدخل ما، حين يتعلق الأمر بالخروج عن المهنة، وهي هنا مهنة الإعلام، والذهاب نحو مهنة أخرى لا علاقة لها باللعبة الإعلامية من قريب أو بعيد. أقول هذا وأنا من محبي برامج المسابقات الحقيقية التي تقوم على شروط المسابقات، وتلتزم باحترام عقل المشاهد. فالصدقية في حالة هذا النوع من البرامج ليست وحسب صدقية معنوية، بل هي تعني الالتزام بمفاهيم قانونية حقوقية تعطي المشاهد إمكانية مقاضاة القناة الفضائية التي تخدعه وتستدرُ أمواله من دون وجه حق. غير هذا ليس سوى استمرار ارتزاق البعض تحت شعارات إعلامية نعرف جميعاً أنها لا تعكس من بعيد أو قريب جوهر مهنة الإعلام كما يعرفها العالم كلُه.