قطعت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية الطريق على المنشآت الأهلية التي قد تستغل «ثغرة» في المادة 77 من نظام العمل المعدَّل، تجيز تسريح العاملين السعوديين، وأصدرت الوزارة اليوم (الإثنين)، قراراً يحظر على المنشآت فصل العاملين السعوديين جماعياً، وهددت بإيقاف خدماتها عن المنشآت المخالفة، لمدد متباينة، تصل في إعلاها إلى 720 يوماً. ويأتي القرار الذي وقعه وزير العمل والتنمية الاجتماعية الدكتور علي الغفيص، بعد أيام من حملات تسريح جماعي شهدتها منشآت سعودية كبرى (شركات ومجموعات ومصارف)، طاولت مئات السعوديين، الذين تلقوا إخطارات بالفصل، لأسباب يُرجح أنها «مالية». وقال الناطق الرسمي لوزارة العمل خالد أباالخيل إن «القرار الوزاري نص على الحظر على المنشآت العملاقة، والكبيرة، والمتوسطة، في غير حال إشهار الإفلاس أو إغلاق المنشأة النهائي، فصل العاملين السعوديين جماعياً لأي سبب كان من دون إخطار مسبق لمكتب العمل المختص، لا تقل مدته عن 60 يوماً قبل موعد سريان قرار الفصل». وأوضح أباالخيل أنه يُقصَد بالفصل الجماعي «إنهاء خدمات مجموعة من العاملين السعوديين من دون خطأ منهم ولأسباب تعود لصاحب العمل، بنسبة تزيد في مجموعها عن واحد في المئة من العاملين لدى المنشأة أو ما مجموعه عشرة عاملين أيهما أكثر، خلال سنة من تاريخ آخر عملية فصل». وأكدت الوزارة على أن يتضمن الإخطار «دراسة مالية عن واقع المنشأة موضحاً فيها مبررات الفصل الجماعي، وبيان بعدد وأسماء العاملين السعوديين المزمع فصلهم، ووصف للوظائف التي يشغلونها، ومبررات الفصل لكل عامل على حدة، وبيان بعدد وأسماء العاملين غير السعوديين في المنشأة المساوين في درجتهم الوظيفية للعاملين المفصولين، ووصف للوظائف التي يشغلونها، والإجراءات التي اتخذتها المنشأة لتفادي عملية الفصل». وأبانت «العمل» أن مكتب العمل المختص يقوم خلال 45 يوماً بدراسة الإخطار وإبداء الرأي فيه من خلال معايير عدة، منها: الواقع المالي للمنشأة، وإمكانية إيجاد حلول بديلة للفصل الجماعي من خلال إحلال السعوديين محل العاملين غير السعوديين الذين يشغلون وظائف مشابهة أو لا تختلف اختلافاً جوهرياً عن وظائف العاملين السعوديين المزمع فصلهم، وكذلك إمكانية ايجاد وظائف بديلة لهم داخل المنشأة، أو خارجها في المنشآت الأخرى المملوكة لصاحب العمل، وكذلك إمكانية إيجاد عروض تسوية مع العاملين السعوديين المزمع فصلهم. وجاء في القرار أنه «تُشكَّل لجنة دائمة في جميع مكاتب العمل في مناطق المملكة من كل من: مدير مكتب العمل رئيساً، وممثل عن فرع صندوق الموارد البشرية عضواً، ومستشار قانوني عضواً، وذلك للنظر في أسباب ومبررات المنشآت التي تضمنها إخطار الفصل الجماعي». ومنحت الوزارة اللجنة صلاحية استدعاء من يمثل المنشأة ومناقشته عن أسباب أو مبررات الفصل الجماعي للعاملين السعوديين، ووضع حلول ومقترحات بديلة بمشاركة المنشأة لتفادي عملية الاستغناء، إضافة إلى دراسة الإخطار أو تكليف خبير عمالي أو بيت خبرة بدراسته وإبداء الرأي فيه، وفقاً لنظام العمل ولائحته التنفيذية، ووفقاً لهذا القرار وغيره من القواعد والتعليمات السارية». وفوضت الوزارة اللجنة أيضاً رفض الإخطار وأسباب ومبررات المنشأة لفصل العاملين السعوديين، وقبول الإخطار والقناعة بأسباب المنشأة ومبرراتها، ووضع خطة لمعالجة آثار الفصل الجماعي للعاملين السعوديين في حالة قناعة اللجنة بأسباب الفصل ومبرراته. ومنحته أيضاً «وضع آلية عملها بما يكفل إنهاء أعمالها في المدد المحددة، وتكون توصياتها بالإجماع أو بالأغلبية، وفي حالة تساوي الآراء يُرجَّح الجانب الذي صوّت معه الرئيس، وعلى العضو المخالف بيان أسباب مخالفته، وترفع اللجنة توصياتها في حال رفضت المنشأة قرار اللجنة للوزير؛ لاعتماده». ونشرت الوزارة جدولاً بالمخالفات والعقوبات عليها، ومدد الإيقاف، والتي تتدرج من 30 يوماً إلى 720 يوماً. وقالت الوزارة إنها ستوقف إصدار تأشيرات الاستقدام 30 يوماً عند عدم التزام المنشآة بمدة الإخطار، أما في حال تجاوز النسبة أو العدد المحدد خمسة في المئة فأقل من عدد العاملين السعوديين فستوقف إصدار التأشيرات ونقل خدمات المنشآة لمدة 90 يوماً. وأقرت الوزارة عقوبة إيقاف التأشيرات ونقل الخدمات لمدة 180 يوماً عند تجاوز المنشأة النسبة أو العدد المحدد بنسبة تزيد عن خمسة في المئة إلى 10 في المئة من العاملين السعوديين. أما حال تجاوز النسبة المحددة 10 إلى 15 في المئة من عدد العاملين السعوديين فستوقف الوزارة إصدار التأشيرات ونقل الخدمات لمدة 360 يوماً عن المنشأة، وعند تجاوز 15 إلى 20 في المئة عن النسبة المحددة فأقرت عقوبة إيقاف إصدار التأشيرات ونقل الخدمات لمدة 540 يوماً إلى جانب السماح بنقل خدمات العاملين الوافدين من المنشأة من دون موافقتها ومن دون النظر لحال رخصة العمل أو رخصة الإقامة خلال مدة الإيقاف. أما المنشآت التي تتجاوز النسبة المحددة بما يزيد عن 20 في المئة من عدد العاملين السعوديين، فستوقف الوزارة إصدار التأشيرات ونقل الخدمات والسماح بنقل خدمات العاملين الوافدين من المنشأة من دون موافقتها ومن دون النظر لحالة رخصة العمل أو رخصة الإقامة خلال مدة الإيقاف، وذلك لمدة 720 يوماً. وأبانت أنه في حال تداخل مُدَد الإيقاف تطبَّق المدة الأكثر. فيما يرفع إيقاف الخدمات عن المنشأة ويعتبر كأن لم يكن في حال إلغاء قرارات فصل العاملين السعوديين وإعادتهم لأعمالهم السابقة، أو الوصول إلى حل تقبله اللجنة. وتُعَّدل مُدَدُ الإيقاف والخدمات المقابلة لها في حال إلغاء المنشأة لقرارات فصل بعض العاملين السعوديين، بما يتناسب وحجم المخالفة. وجاء القرار مستنداً إلى المادة الثالثة من نظام العمل القاضية بأن «العمل حق للمواطن، لا يجوز لغيره ممارسته إلا بعد توافر الشروط المنصوص عليها في هذا النظام، والمواطنون متساوون في حق العمل». فيما قضت المادة ال11 مكرر منه بأن «للوزير أن يتخذ الإجراءات التي من شأنها أن تكفل تحسين أداء سوق العمل، وتنظيم حركة انتقال الأيدي العاملة»، فيما نصت المادة ال35 بأن «للوزارة أن تمتنع عن تجديد رخص العمل متى خالف صاحب العمل المعايير الخاصة بتوطين الوظائف التي تضعها الوزارة، ولما تقتضيه مصلحة سوق العمل». شركات ومصارف تسرح موظفيها جماعياً ب«إيميلات» أعلنت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية قبل 12 يوماً، فتح تحقيق في شأن فصل إحدى المنشآت موظفيها السعوديين، وكتب الناطق باسمها خالد أباالخيل في تغريدة: «يجري حالياً التحقق من وضع المنشأة بشأن حالات فصل عدد من السعوديين، وستتخذ الوزارة الإجراءات النظامية بحقها». جاء ذلك بعدما نشر ناشطون على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» صوراً لقرارات إدارة إحدى الشركات بإنهاء خدمات موظفيها، وطالبوا بتدخل الوزارة للحد ما اعتبروه «تجاوزاً فاق حدة تجاه التواطن في المملكة»، وخصوصاً بعد قيام شركات ومصارف كبرى بتسريح أعداد كبيرة من موظفيها. وفي واقعة مشابهة، سرحت إحدى أكبر شركات السيارات في السعودية والخليج نحو 1200 موظف سعودي، بإرسال إدارة الشركة رسائل إلى موظفيها عبر بريدهم الإلكتروني، تخطرهم بإنهاء خدمتهم من دون توضيح الأسباب، لتلحق بعشرات الشركات في القطاع الخاص التي قررت فصل موظفيها السعوديين خلال الأشهر الماضية. وأثارت هذه الظاهرة مخاوف السعوديين العاملين في القطاع الخاص، خصوصاً بعد الحديث عن استغلال «ثغرات» قانونية من المادة 74 وحتى المادة 77 في نظام العمل المعدل، التي تعطي الحق للشركات في فصل الموظف من دون سابق إنذار أو سبب مشروع، والاكتفاء بدفع تعويض يمثل راتب نصف شهر عن كل سنة عمِل فيها الموظف في الشركة، وطالبوا بإلغاءها «موقتاً لحين مراجعتها والتأكد من حماية حقوق الموظف». عضو «شورى» ل«العمل»: النظام المُعدّل منحاز إلى المنشآت طالب عضو في مجلس الشورى الدكتور سعيد الشيخ، وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بإعادة النظر في المادة ال77 من نظامها المعدل. واعتبرها «منحازة لجهة العمل على حساب الموظف، وتخل بمبدأ التوازن». وقال: «الموظف هو الحلقة الأضعف في العلاقة التعاقدية». ونصت المادة ال77 على منح الحرية لشركات القطاع الخاص بإنهاء خدمات من يعملون لديها، في مقابل دفع راتب 15 يوماً عن كل سنة عمل للموظف. وكانت الوزارة حذَّرت المنشآت الخاصة في العام 2015، من استغلال هذه «الثغرة» لفصل الموظفين السعوديين، ملوحة بنيتها إيقاف الخدمات كافة عن المنشأة التي تثبت ممارستها عمليات فصل تعسفية ضد السعوديين. وقال الناطق باسم وزارة العمل خالد أبا الخيل في حديث سابق إلى «الحياة»: «إن فصل السعوديين من منشآت يعملون بها من دون الأجانب العاملين في المنشأة ذاتها، يُعد من المخالفات التي تستوجب العقوبات»، مضيفاً: «إن استخدام منشآت الأعمال المادة ال77 في من نظام العمل الجديد في ممارسة عمليات فصل تعسفي ضد سعوديين من دون مبرر، يُعد مخالفة تطبق على مرتكبها عقوبات، إضافة إلى قصر عمليات الفصل على السعوديين من دون الأجانب». وزاد أبا الخيل: «إن العقوبات المنصوص عليها في نظام العمل هو إيقاف الخدمات كافة عن المنشأة، التي تثبت ممارستها عمليات فصل تعسفية ضد السعوديين»، منوهاً في الوقت ذاته بأهمية «رفع دعوى من الموظفين المفصولين في اللجان العمالية التابعة لمكاتب العمل، الموجودة في المناطق والمحافظات السعودية كافة». وقال: «إن اللجان العمالية لجان قضائية، ولها استقلالية تامة».