حذرت منظمة الشفافية الدولية من أن ساسة شعبويين يَعِدون بتغيير الوضع القائم وبإنهاء الفساد، قد يفاقمون هذه الآفة. وتُصدر المنظمة (مقرها برلين) سنوياً «تقريراً حول الفساد» يتضمّن تقويماً شمل هذه السنة 176 بلداً، على سلّم من مئة درجة، من البلد الاقل فساداً إلى البلد الأكثر فساداً. ويعتمد التصنيف على معطيات جمعتها 12 هيئة دولية، بينها البنك الدولي والبنك الأفريقي للتنمية والمنتدى الاقتصادي العالمي. وتحتل دول أوروبا الشمالية المراتب الأربع الأولى، إذ تتصدّره الدنمارك، متقدمةً فنلندا (الثالثة) والسويد (الرابعة) والنروج (السادسة). وتشاطر نيوزيلندا في المرتبة الأولى الدنمارك، علماً أنها كانت الرابعة العام الماضي. وجاءت في المراتب العشر الأولى أيضاً، سويسرا (الخامسة) وسنغافورة (السابعة)، ثم هولندا وكندا وألمانيا ولوكسمبورغ والمملكة المتحدة. وفي آخر اللائحة تأتي البلدان التي تشهد نزاعات، مثل الصومال (176) وجنوب السودان (175) وسورية (173). ويحتل الصومال المركز الأخير للسنة العاشرة على التوالي. وأظهر التقرير تفشياً للفساد في القطاع العام حول العالم، إذ سجلّت 69 من 176 دولة، أقل من 50، في مؤشر من صفر إلى 100. كما أن عدد الدول التي تراجعت مراكزها أكثر من تلك التي سجلت تحسناً. ووَرَدَ في التقرير أن «2016 كشفت أن الفساد في النظام العالمي والتفاوت الاجتماعي يعزّز أحدهما الآخر ويؤديان الى استياء شعبي»، كما «يؤمّنان تربة خصبة لصعود تيارات شعبوية. لكن الشعبوية علاج خاطئ». وأضاف أن زعماء شعبويين، مثل الرئيس الأميركي دونالد ترامب والمرشحة الفرنسية للرئاسية مارين لوبن، دأبوا على الربط بين «النخبة الفاسدة» وتهميش الطبقة العاملة، لافتاً الى أن الأحزاب المناهضة لمؤسسات الدولة، تفشل في شكل عام في مكافحة الفساد بمجرد تسلّمها الحكم. وأفاد التقرير بتراجع غالبية الدول العربية في مكافحة الفساد عام 2016، إذ «لم تستطع تحقيق نتائج حقيقية تعكس إرادة الشعوب في بناء أنظمة ديموقراطية فاعلة تعطي مساحة للمساءلة والمحاسبة». وأضاف: «90 في المئة من هذه الدول حققت أقل من درجة 50، و(لكن) بقي كل من الإمارات العربية (المتحدة) وقطر، على رغم تراجعهما، فوق المعدل». وتابع أن 6 من أكثر 10 دول فساداً في العالم عربية، وهي سورية والعراق والصومال والسودان واليمن وليبيا، «بسبب انعدام الاستقرار السياسي ونزاعات داخلية وحروب وتحديات الإرهاب». ونبّه فين هاينريش، مدير البحوث في المنظمة، إلى أن «الدول التي تنصّب قادة شعبويين يميلون الى الاستبداد، تتراجع فعلياً في التصنيف» الذي تضعه المنظمة، إذ يصبحون «في حصانة من الطعن في شأن سلوك فاسد»، و «يفاقمون الأمور، عبر تقويض الديموقراطية وحرية الصحافة». وأضاف أن ترامب كان يتحدث عن «التراجع عن تشريع مهم لمكافحة الفساد، وتجاهل تضارب المصالح المحتمل، ما سيفاقم الفساد بدل أن يكبحه. خطواته الأولى ليست واعدة عندما نرى أنه عيّن صهره (جاريد كوشنر) مستشاراً بارزاً في الرئاسة، هذا ليس إشارة جيدة». وقال رئيس المنظمة خوسيه أوغاز: «في دولٍ يحكمها شعبويون او مستبدون، نشهد غالباً تراجع الديموقراطيات ونماذج مقلقة من ملاحقة المجتمع المدني والحدّ من حرية الصحافة وإضعاف استقلالية القضاء. بدل معالجة الرأسمالية التي تعاني من خلل، يقيم هؤلاء القادة أنظمة أسوأ من الفساد».