تتوارد على الذهن مئات الأسئلة عن شركة تعمل في مئة بلد وتشغل 300 ألف شخص، وتحتل علامتها التجارية الصدارة في ذاكرة معظم الناس، إذ صنّفتها شركة «إنتربراند» في المرتبة الخامسة في ترتيب أفضل مئة علامة تجارية عالمياً هذه السنة. من منا لم يملك أو يطمح إلى ان يملك ثلاّجة من «جنرال إلكتريك» (جي إي)، تلك العلامة التجارية الأميركية الشهيرة الموجودة منذ 150 سنة؟ «الحياة» التقت رئيس الشركة مديرها التنفيذي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتسأله عن أهمية المنطقة بالنسبة إلى الشركة العملاقة وآفاق النمو فيها في السنوات المقبلة. أكد نبيل حبايب، الرئيس والمدير التنفيذي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «جنرال إلكتريك» (جي إي) الأميركية التي تنشط في قطاعات محركات الطائرات وتوليد الطاقة ومعالجة المياه وتقنيات الأمن ومعدات التصوير الطبّي وتمويل الأعمال ومحتويات الإعلام والمنتجات الصناعية، ان المنطقة التي تضم نحو ستة في المئة من سكان العالم وتمتد على مساحة 15 مليون كيلومتر مربع وتملك بعض دولها أعلى معدل للدخل القومي للفرد عالمياً، تَزخر بشريحة سكانية شابة لديها حاجات اقتصادية واجتماعية كثيرة، وهي غنيّة باحتياطات الغاز والنفط التي تصدّرها إلى العالم، فتحصل على مردود مالي ضخم توظّفه الحكومات المحلية لتلبية حاجات الفئة الشابة، من التعليم إلى الطاقة والمياه ووسائل التنقل والصحّة. و «جي إي» التي تملك معرفة تمتد إلى 150 سنة، وأكثر من ثمانية عقود من التواجد في المنطقة، هي «الشريك المناسب لتأمين الحلول والخبرات والمعرفة للمنطقة في القطاعات المختلفة التي تعمل فيها». وأوضح ل «الحياة» في مقابلة بواسطة الهاتف ان تطور نشاط الشركة ووجودها في المنطقة يظهر جلياً في حجم أعمالها، إذ كانت تشغل ألفاً و200 موظف وتحقق إيرادات من المبيعات بلغت 2.5 بليون دولار عام 2004، أو 1.4 في المئة من إيراداتها العالمية الإجمالية التي سجلت 180 بليون دولار، وارتفعت حصة المنطقة إلى نحو 6.5 في المئة من إيرادات الشركة، لتشكل 10 بلايين دولار من أصل 157 بليوناً عالمياً العام الماضي، كما باتت تشغل ألفاً و700 موظف. وتابع حبايب ان الشركة تتفوّق في قطاعات مختلفة، إذ ان معداتها لإنتاج الطاقة تؤمّن ثلث الطاقة الكهربائية المنتجة عالمياً، فيما تستخدم السعودية 500 توربين غازي من إنتاج الشركة، تنتج 20 جيغاوات من الطاقة الكهربائية في المملكة، كما وقعت عقوداً طويلة الأجل لصيانة هذه المنشآت وإدارتها. وتقدم الشركة حالياً لشبكة الكهرباء الإقليمية حلول «الشبكة الذكية» التي تؤمّن معلومات آنية عن الطاقة المستهلكة عبرها، وستشكل دعماً كبيراً للسلطات في مشروع الربط الكهربائي الإقليمي. ولدى الشركة مشاريع ضخمة في مجال تحلية مياه البحر وتكرير المياه المبتذلة في المنطقة، أهمها مصنع «جمّا» لتحلية المياه في الجزائر بواسطة الطاقة الكهربائية بتقنية التناضح العكسي، هو الأكبر في أفريقيا ويؤمّن ربع حاجة المياه لسكان العاصمة الجزائرية منذ عام 2008، كما تؤمّن حلولاً تكنولوجية لمشروع «مرافق» في مدينة الجبيل الصناعية في السعودية، وهو أكبر مشروع مستقل عالمياً لإنتاج الطاقة والمياه المحلاة قيد التطوير، وسينتج ألفين و700 ميغاوات من الطاقة الكهربائية و800 ألف متر مكعب من المياه المحلاة يومياً. وفي قطاع الطيران، تحتل محركات «جي إي» الصدارة في المبيعات في المنطقة وعالمياً. ووقعت الشركة عقوداً هذه السنة مع «طيران الإمارات» لتزويدها ب 30 محرّكاً متطوّراً لطائرات «بوينغ إي آر 300 - 777»، قيمتها الإجمالية بليونا دولار، مع تقديم خدمات صيانة للمحركات لمدة 12 سنة في مقابل بليون دولار. ووقّعت عقداً مع الشركة الإماراتية لتزويد 32 طائرة من طراز «آرباص 380» العملاق بمحركات متطورة وصيانتها، بقيمة إجمالية تساوي 4.8 بليون دولار، وعقداً مع «الاتحاد للطيران» لتزويد 35 طائرة من طراز «بوينغ 787 دريملاينر» الحديث ب 70 محرّكاً متطوّراً، بقيمة 1.8 بليون دولار، إضافة إلى عقد لصيانتها بقيمة 2.5 بليون دولار. واشترت «العربية للطيران» من الشركة محركات ل 44 طائرة من طراز «آرباص 320» بقيمة 620 مليون دولار. وفي قطاع الخدمات الصحّية، تساهم الشركة في تطوير أنظمة الرعاية الصحّية وتقدم أكثر المعدات تطوراً في التصوير الطبي وتشخيص الأمراض. ولفت حبايب إلى ان شعار الشركة هو «الإبداع الذي يَعمل»، وإلى أنها أطلقت مبادرات متخصصة عالمياً وفي المنطقة، آخرها مبادرة «الإبداع البيئي» (Ecomagination)، تستثمر من خلالها في تطوير تقنيات تساهم في إيجاد حلول لتحديات كثيرة، مثل الحاجة إلى موارد للطاقة أكثر كفاءة ونظافة، والحدّ من انبعاث الغازات الضارة، والتأمين المستدام لمياه نقية، مع ضمان تحقيق ربحية أكبر للشركات عبر استخدام هذه التقنيات الصديقة للبيئة. وطوّرت الشركة لهذا الغرض 80 منتجاً حاصلاً على شهادة مصدّقة. أما مبادرة «الإبداع الصحّي» (healthymagination)، فتعّبر عن رؤية الشركة الرامية إلى تطوير ابتكارات تحدّ من نفقات الخدمات الصحّية وتحسّن نوعيتها، وتسهّل وصولها إلى أكبر عدد ممكن من الناس. وهناك تعاون في هذا المجال مع السلطات السعودية ومع شركة «السيف للتطوير» في المملكة. وتنسّق الشركة مع «الهيئة العامة للاستثمار» السعودية في تأمين الدعم وإيجاد حلول بيئية وبنى تحتية وتقنية متكاملة وحلول «الشبكة الذكية» في مشاريع المدن الاقتصادية السعودية الأربع، المتوقع ان تضم خمسة ملايين شخص وتوجد فرص عمل ل 1.3 مليون وهي تساهم أيضاً في تقديم المشورة في تطوير التشريعات لهذه المدن وتعزيز الحوافز الاستثمارية المتوافرة فيها. وحول جدوى تطوير الطاقة النووية والطاقة المتجددة في المنطقة، أوضح حبايب ان النمو السكاني والصناعي في دول المنطقة، كالمغرب والأردن والإمارات والسعودية، يَفرض عليها التنويع مستقبلاً في مصادر الطاقة. فالسعودية، مثلاً، في حاجة إلى مضاعفة طاقة إنتاج الكهرباء من 40 جيغاوات حالياً إلى 80 جيغاوات بحلول عام 2025، وبالتالي، عليها تطوير مصادر طاقة متنوعة، إضافة إلى تلك التقليدية المعتمدة حالياً. ولدى «جي إي» باع طولى في إنتاج الطاقة من الرياح والطاقة الشمسية، وفي إنشاء المحطات النووية وصيانتها ومعالجة الوقود النووي، وهي تتطلع بالطبع إلى توقيع عقود في هذا المجال مع دول عربية كثيرة، و«ما على الحكومات المحلية إلا ان تطوّر العقود المناسبة لهذا الغرض». ولدى الشركة اتفاق تعاون حالياً مع «مبادلة» الإماراتية في قطاعات كثيرة، من ضمنها بحوث الطاقة النظيفة، وآخر مماثل مع «مدينة مصدر» الإماراتية، كما أسست مركز بحوث في قطر بالتعاون مع «واحة العلوم والتكنولوجيا» يركز على قطاعي النفط والغاز والصحّة والطيران. وفي قطاع النفط والغاز، تؤمّن الشركة التابعة لها، «جنرال إلكتريك للنفط والغاز»، معدات مختلفة تدخل في عمليات التنقيب لشركات كثيرة، ولديها مثلاً مشروع مشترك مع شركة «علي التميمي» السعودية لتجميع مضخّات طرد مركزي لاستخدامها في المحركات الصناعية في قطاعات محلية وتصنيع المبادلات الحرارية المبرّدة بواسطة الهواء حيث لا تتوافر المياه للتبريد، تستخدمها شركات نفطية كبرى، ك «أرامكو السعودية»، التي وقعت معها الشركة عقداً تزودها بموجبه معدات متطورة لإنتاج النفط والغاز. وهناك مشروع مماثل في الجزائر مع شركتي «سوناطراك» و «سونيلغاز» الحكوميتين، كما لدى الشركة اتفاق مع «جامعة الملك فهد للبترول والمعادن» لإنشاء مركز للبحوث النفطية في الظهران. وختم حبايب ان «جي إي» تتألف من خمس شركات رئيسة، تضم وحدات أعمال تابعة وأربعة مراكز بحوث عالمية يعمل فيها ثلاثة آلاف باحث، ولديها مكاتب ومراكز تطوير في 12 بلداً عربياً، حيث يركز مكتب البحرين على نشاط مراقبة الجودة ومكتب قطر على قطاعي النفط والغاز، فيما يلعب مركز دبي دور المقر الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.