أصبحت الشهادة الجامعية مطلباً أساسياً في يومنا هذا، إذ لم يعد من المقبول التوقف عن إكمال المسيرة التعليمية عند حد أدنى من ذلك. أما في هذا العصر فيطمح الكثير من الشابات والشبان إلى الاستمرار والحصول على ما بعد شهادة البكالوريس وإتمام شهادات الدراسات العليا، أملاً منهم باستيفاء شروط الوظيفة العصرية، وسد جميع الثغرات التي قد تضعهم على لوائح البطالة. ونظراً إلى أن شهادة البكالوريس تحتل المرتبة الأولى من سلّم الشهادات الجامعية، يتضح بأن رحلة الطالب/الطالبة فيها هي الأطول والأكثر تعثراً. ومما قد يزيد القصة تشويقاً هو أن تكون بيئة الدراسة محلية وأهلية. إذ قد ازداد أخيراً الحديث عن مستوى التعليم الجامعي في المملكة وعن أسباب ضعفه وما إلى ذلك، وهنا قد يكثر الحديث عن المستوى وغيره من الأمور. لكن ننسى بأن المحور الأساسي يجب أن يكون الطالب/الطالبة، وأنه في كثير من الأحيان يوضع هذا المحور كما يفترض بالمنتصف، لكن ليس لغرض حل مشكلاته، بل لاستهدافه من نواحي أخرى، أبرزها قد يكون مادياً. يزداد الإقبال على الجامعات الأهلية في المملكة يومياً، تبعاً إلى قدرتها على صقل صورتها أمام الطالب/الطالبة، وهو ما قد يجعل من مهمة استقطابهم إليها أسهل من الجامعات الحكومية. علاوة على ذلك الصورة التي ترتسم في الذاكرة عن البيئة وجودة التعليم، تمنح الطالب/الطالبة المزيد من الاهتمام، وتسهم في انتمائه إلى منشأة التعليم الخاص تلك، جاهلاً عما يستتر تحت هذا الخيار. بدايةً كانت ترواح أقساط الجامعات الأهلية بين 30 و40 ألف ريال على أعلى تقدير. أما الآن فأصبح بعضها يبدأ من 50 ألف ويتدرج بالصعود. من غير ذكر فكرة أن الطالب/الطالبة قد التحق بالجامعة حين كانت تطالبه بقسط مقداره 30 ألف ريال، لكن التغيير المفاجئ في قيمة الرسوم الحالية، يضع الطالب/الطالبة القديم والمستجد على حد سواء من قيمة الأقساط الدراسية المتوجب دفعها. كما ويصعب عليهم الانسحاب بعد المضي في المشوار الدراسي. والغريب في الموضوع أن ترى التجاهل التام من المسؤولين عن التعليم العالي في ردع مثل هذا الإجحاف بحق الطلاب والطالبات. حتى ولو كان هذا التعليم خاصاً وأن الطالب/الطالبة قد اختاره بإرادته. فهذا الأمر يجب ألا يجعل من الطالب/الطالبة سعلة يحق للجامعات الخاصة استهدافهم. كما أن اختيار الطالب/الطالبة للدراسة في منشأة خاصة هو أمر مترتب على المجالات المتاحة في هذه الدولة، وعلى عدد الفرص المتوافرة بالجامعات الحكومية. من غير النظر بأهمية موضوع أنك يا عزيزي الطالب ويا عزيزتي الطالبة تدرسون في ربوع بلادكم! وفي حينٍ أصبح فيه التوفير للأقساط الدراسية، أمر يحتم على أهالي طلاب وطالبات الجامعات الأهلية أخذه في الاعتبار، يتبادر إلى ذهني سؤال: هل يا ترى بعد حينٍ - إن شاء الله - سنضطر نحن أهالي المستقبل، إلى أن نتخذ لنا حساباً توفيرياً نضع فيه مبالغ دراسة أبنائنا وبناتنا في مراحلهم الجامعية؟ والذي قد يوازي كلفة بناء منزل؟ فلم يعد يقتصر نوع الاستثمار على سلع أو بضائع محددة في السوق، بل أصبح الآن هناك نوع جديد من أنواع الاستثمار ألا وهو الاستثمار بالطلاب! كل ذلك فقط من خلال افتتاح منشأة ربحية خالصة، تحت شعار جامعة أهلية.