استقبل الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة مساء أول من أمس، رئيس حركة النهضة الإسلامية التونسية راشد الغنوشي، في حضور وزير الدولة مدير الديوان في رئاسة الجمهورية أحمد أويحيى والوزير مساهل، في وقت تشهد تونس نشاطاً ديبلوماسياً مكثفاً مع الجزائر ومصر والفرقاء الليبيين يهدف إلى إنهاء الانقسام في ليبيا. ودعا الزعيم الإسلامي التونسي إلى التوافق الوطني في ليبيا لتجاوز الأزمة والانقسام السياسي المتواصل منذ سنوات. وأكد الغنوشي أن مبدأ «التوافق والوئام الوطني» يُعد نموذجاً لحل المشاكل التي تشهدها المنطقة العربية بخاصة الأزمة الليبية. وأضاف عقب لقائه بوتفليقة أن «مبدأ التوافق والوئام الوطني الذي أطفأ الحريق في الجزائر وفي تونس يُعد نموذجاً لحل المشاكل من طريق الحوار وهو السبيل لحل الأزمة الليبية ومشاكل العالم العربي كما هي الحال في سورية واليمن». وذكّر الغنوشي «بالدور الكبير الذي بذله رئيس الجمهورية عبدالعزيز بوتفليقة في الدفع إلى تحقيق التوافق الوطني في تونس بين الحزبين الرئيسيين وهما نداء تونس والنهضة»، باستقباله والرئيس الباجي قائد السبسي عام 2013 كل واحد على حدة، ما ساهم في إنهاء الانقسام في تونس التي كانت مهددة بحرب أهلية عقب اغتيال النائب المعارض للإسلاميين محمد البراهمي. وقال راشد الغنوشي أن هذه اللقاءات «تدخل في إطار توطيد العلاقات بين الجزائروتونس ولمناقشة الوضع في المغرب العربي بعامة، وضرورة تفعيل مشروع الاتحاد المغاربي» (يضم تونس وليبيا والحزائر والمغرب وموريتانيا). ورغم أن هذه الزيارة كانت مفاجئة، وتمّت بطلب من بوتفليقة الذي أرسل طائرة خاصة للغنوشي، ولم يتم الإعلان عن مدتها وبرنامجها، إلا أن راشد الغنوشي أوضح أنها زيارة خُصصت لمناقشة حول الوضع الإقليمي، بخاصة الأزمة الليبية التي تؤثر مباشرةً في الجارتين تونسوالجزائر. يأتي ذلك في ظل محادثات مكثفة تقوم بها تونس في إطار مبادرة ثلاثية (تونسية - جزائرية - مصرية) لإنهاء الانقسام في ليبيا وتفعيل الحوار بين الفرقاء السياسيين هناك، بخاصة بعد فشل كل المبادرات في تحقيق الاستقرار وآخرها تنصيب حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السرّاج التي لم تنل ثقة البرلمان الذي يرأسه عقيلة صالح ويتخذ من شرق البلاد مقراً له. فِي سياق متصل يزور وزير الخارجية المصري سامح شكري تونس اليوم الثلثاء، للقاء نظيره التونسي خميس الجهيناوي، إضافة إلى الرئيس الباجي قائد السبسي ورئيس البرلمان محمد الناصر، وذلك لمناقشة الوضع الإقليمي خصوصاً الأزمة الليبية. يُذكر أن تونس اقترحت مطلع العام الحالي، تشكيل آلية ثلاثية تضم دول الجوار الليبي (تونس ومصر والجزائر) لتكثيف المشاورات بين هذه الدول على مستوى وزراء الخارجية وإيجاد حل للأزمة الليبية. ويرى مراقبون أن زيارة راشد الغنوشي الجزائر تندرج في هذا السياق نظراً إلى العلاقات المميزة التي تربطه بأطراف فاعلة في ليبيا، بخاصة الاسلاميين. وتعول الجزائر على علاقات الغنوشي بهذه الأطراف للمساعدة في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين. وتعمل اللجنة الوزارية التونسية - المصرية - الجزائرية على ترتيب لقاء ثلاثي بين أبرز الفاعلين على الساحة الليبية وهم رئيس المجلس الرئاسي فائز السرّاج ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، الذي زار تونس منذ أسبوع، وقائد الجيش الوطني خليفة حفتر.