دعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الرئيس العراقي جلال طالباني، وجميع الأحزاب التي شاركت في الانتخابات النيابية العراقية الأخيرة، والفعاليات السياسية العراقية، الى الرياض، بعد موسم الحج، للسعي تحت مظلة الجامعة العربية إلى «حل المعضلات التي تواجه تشكيل الحكومة العراقية» بعدما تأخر كثيراً منذ انتخابات آذار (مارس) الماضي، و«لتتدارسوا وتتشاوروا وتقرروا أي طريق نبيل تسلكون، وأي وجهة كريمة تتجهون». وقال خادم الحرمين الشريفين في ندائه إلى العراقيين «إن الغيورين من الشعب العراقي الشقيق على وحدته وعزته وأمنه وازدهاره، والمساهمين بقوة في خدمة أمتهم العربية والإسلامية مطالبون اليوم بالعطاء والتضحية، من أجل عراق مستقر آمن». وأضاف: «إن العراق بكل المعطيات التاريخية جدير بأن يجد لنفسه مخرجاً من أزماته ومحنه». واعلن عدد من القادة العراقيين ترحيبهم بالدعوة، وستُعلن الاحزاب المختلفة مواقفها النهائية خلال الايام المقبلة. وجاء في الدعوة النداء الذي بثته «وكالة الأنباء السعودية» أمس: «بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين. إخواني وأخواتي شعب العراق الشقيق السلام عليكم ورحمة الله وبركاته من مهبط الوحي، ومهد الرسالة والعروبة، من المملكة العربية السعودية وطناً وشعباً ودولة، أوجه نداءً إلى شعبنا في العراق الشقيق الأبي، عراق الأديان والمذاهب والأعراق المتسامحة المتعايشة. إنه نداء الغيور على أمته، الساعي لعزتها وكبريائها، في عصر تداعت فيه علينا الأزمات فأثقلت كل أمل، وأوهنت كل عزيمة تسعى لاستقرار الأمة العربية والإسلامية. إلا أن الأمل لا يموت، والعزيمة لا تتداعى متى ما توحدت النفوس والقلوب متوكلة على الله جل جلاله، أقول ذلك من قلب تملؤه مشاعر الانتماء لأمتنا وطموحاتها. إن الغيورين من الشعب العراقي الشقيق على وحدته وعزته وأمنه وازدهاره، والمساهمين بقوة في خدمة أمتهم العربية والإسلامية مطالبون اليوم بالعطاء والتضحية، من أجل عراق مستقر آمن. إن العراق بكل المعطيات التاريخية جدير بأن يجد لنفسه مخرجاً من أزماته ومحنه، بمشيئة الله عز وجل ثم بعزم متين وإرادة صلبة. إخواني وأخواتي أبناء وبنات العراق الكريم: إنكم شعب تاريخ وحضارة، وأصالة وعزة، وثراء إنساني، لا يمكن لأي كائن كان أن ينكره أو يُهمشه، وهذا يحتم عليكم إعمال العقل، واستنهاض الهمم، أمام مسؤوليتكم التاريخية والوطنية، للمحافظة على مكتسباتكم، وحق أجيالكم القادمة بالعيش بكرامة وعزة. أيها العراق الأبي: من أجل كل ذلك فإني أدعو فخامة الأخ الرئيس جلال طالباني رئيس جمهورية العراق الشقيق، وجميع الأحزاب التي شاركت في الانتخابات، والفعاليات السياسية، إلى وطنكم الثاني المملكة العربية السعودية وفي مدينة الرياض بعد موسم الحج المبارك، وتحت مظلة الجامعة العربية، للسعي إلى حل لكل معضلة تواجه تشكيل الحكومة التي طال الأخذ والرد فيها. ولتتدارسوا وتتشاوروا لتقرروا أي طريق نبيل تسلكون، وأي وجهة كريمة تتجهون، فمن يملك زمام القرار جدير به أن يتحلى بالحكمة وضالتها، فالهدم سهلة دروبه، والبناء إرادة صلبة عمادها القوة بعد الله. إن الجميع يدرك أنكم على مفترق طرق تستدعي بالضرورة السعي بكل ما أوتيتم من جهد لتوحيد الصف، والتسامي على الجراح، وإبعاد شبح الخلافات، وإطفاء نار الطائفية البغيضة. أيها الإخوة الكرام إن وحدتكم وتضامنكم وتكاتفكم قوة لكم ولنا، ومدعاة إلى لم الشمل، والتحلي بالصبر، والحكمة، لنكون سداً منيعاً في وجه الساعين إلى الفتنة مهما كانت توجهاتهم ودوافعهم، ولتتمكنوا من إعادة بناء وطن الرافدين الذي كان وسيظل، بإذن الله، مع أشقائه العرب حصناً حصيناً ضد كل فرقة، أو فتنة، أو عبث لا يستفيد منه غير أعداء الأمة. إننا في بلدكم الثاني المملكة العربية السعودية نشاطركم كل ذلك، ونؤكد لكم استعدادنا التام لمد يد العون والتأييد والمؤازرة، لكل ما ستتوصلون إليه من قرارات، وما تتفقون عليه من أجل إعادة الأمن والسلام إلى أرض الرافدين. إن الدور الملقى على عاتقكم سيكتبه التاريخ، وستحفظه الأجيال القادمة في ذاكرتها، فلا تجعلوا من تلك الذاكرة الفتية حسرات وآلاماً وشقاء. هذه أيدينا ممدودة لكم ليصافح الوعي راحتها، فلنعمل سوياً من أجل أمن ووحدة واستقرار أرض وشعب العراق الشقيق. اللهم إني اجتهدت فأسألك الصواب، ودعوت فأسألك الاستجابة لدعوتي، وبلغت ليشهد أكرم الشاهدين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. خادم الحرمين الشريفين، عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية». وفي بغداد ابدت القوى السياسية امس ترحيبها بمبادرة خادم الحرمين وربط البعض نجاحها بموافقة جميع الاحزاب السياسية بالمشاركة وتقديم تنازلات سياسية . ورحب ائتلاف «العراقية» بزعامة اياد علاوي بالمبادرة معتبرا «انها ضرورية في المرحلة الراهنة التي يمر بها العراق وتأتي في وقت تواجه القوى السياسية مأزقا كبيرا يتمثل في الفشل في تشكيل الحكومة الجديدة على رغم مرور اكثر من ثمانية شهور على الانتخابات. وقال الناطق بأسم «العراقية» جمال البطيخ، القريب من علاوي» ل «الحياة» ان « لوضع السياسي الحالي في البلاد يمر بأزمة خطيرة متمثلة بالفشل في تشكيل حكومة عراقية تعكس الارداة الانتخابية ما يتطلب مبادرات ايجابية سواء من المحيط العربي والاقليمي لحلحلة الوضع الراهن». ووصف المبادرة بالضرورية، وقال ان «من شانها تذليل العقبات التي تواجه الفرقاء السياسيين»، مشيرا الى ان «المبادرة عربية مهمة سيما من قبل دولة مثل السعودية التي لها ثقل عربي واقليمي كبيرين». متوقعا ان تكون «فاتحة خير للمضي قدما في تشكيل الحكومة ووقف الفراغ السياسي في البلاد». ورحب «المجلس الاعلى الاسلامي» بزعامة عمار الحكيم بدعوة الملك عبد الله معتبرا انها «مبادرة ايجابية سيما وانها ستجري تحت مظلة الجامعة العربية». وقال القيادي في «المجلس الاعلى» محمد مهدي البياتي ان «اي مبادرة عربية من شانها حلحلة الاوضاع الساسية في البلاد نرحب بها»، مشيرا الى ان « قيام دولة عربية مثل السعودية بمبادرة جديدة خطوة الى الامام وان المجلس الاعلى سيلبي الدعوة اذ ما وجهت اليه الدعوة لحضور الاجتماع في الرياض». وربط البياتي «نجاح المبادرة بمدى استجابة القوى السياسية لها ومدى استعداد القادة العراقيين على تغيير مواقفهم المتصلبة سيما وان المفاوضات بين القوى السياسية تواصلت لشهوروتخللتها مبادرات لكن لم تتوصل الى نتيجة». واعتبر القيادي في ائتلاف «دولة القانون» سامي العسكري، القريب من رئيس الوزراء، ان «موقف دولة القانون من مبادرة الملك عبدالله يُحدد من خلال اجتماع تعقده الكتلة خلال اليومين المقبلين». وقال القيادي في «التحالف الكردستاني» محمود عثمان ل»الحياة» ان الدعوة السعودية للاطراف السياسية العراقية الى الاجتماع في السعودية كانت «مفاجئة وجديدة» وتوقع ان تقوم جيمع الكتل البرلمانية بدراستها خلال الايام المقبلة. واضاف «قد تضغط هذه الدعوة على الكتل وتجعلها تقدم التنازلات السريعة لكن سيكون هناك اجتماع للبرلمان قبل عيد الاضحى واذا فشلنا مرة اخرى في الاتفاق على تقاسم الرئاسات الثلاث ربما نذهب الى الرياض». واشار عثمان الى ان كتلة «التحالف الكردستاني» ستدرس دعوة العاهل السعودي جيداً وتصدر موقفها الرسمي بعد التشاور مع الكتل الاخرى». ورحبت جبهة «التوافق العراقي» بالمبادرة وقال المستشار الاعلامي لرئاسة «التوافق» عمر المشهداني ل «الحياة» ان «العراق يحتاج حاليا الى هذا النوع من التدخل الايجابي من الدول الاقليمية خصوصا العربية والاسلامية الشقيقة». واضاف ان «نعتقد بان المحفل العربي وتحت مظلة الجامعة العربية قادرة على احتواء الازمة العراقية الراهنة المتمثلة في الفشل في تشكيل الحكومة الجديدة بعد مرور شهور على اجراء الانتخابات». موكداً ان « التوافق ستلبي الدعوة والمشاركة في الاجتماع».