لم ينتظر اليمين الإسرائيلي «مئة يوم»، أو حتى يوماً واحداً، على دخول الرئيس الأميركي دونالد ترامب البيت الأبيض ليتسابقوا في ما بينهم على إطلاق تصريحات ومخططات لتعزيز الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، منطلقين من فرضية أن الرئيس الجديد وإدارته يوفران لهم ظهراً داعماً، «يعوّض إسرائيل عما فاتها خلال ولاية الرئيس السابق بارك أوباما»، على حد قول رئيس البلدية الإسرائيلية للقدس. وفي ظل منافسة زعيم حزب المستوطنين «البيت اليهودي» الوزير نفتالي بينيت على زعامة «المعسكر القومي»، سارع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو إلى التوضيح لوزرائه من «ليكود» بأن دعمه قبل سبعة أعوام «حل الدولتين» لا يعني إقامة دولة فلسطينية كاملة الصلاحيات إنما «دولة مينوس». ووضع الوزير بينيت رئيس حكومته أمام امتحان في نظر «المعسكر القومي» باقتراحه على جلسة الحكومة الأمنية المصغرة في اجتماعها أمس ضم مستوطنة «معاليه أدوميم»، شرق القدسالمحتلة إلى السيادة الإسرائيلية. ورد عليه وزير النقل من «ليكود» يسرائيل كاتس باقتراح ضم كل الأحياء الاستيطانية في محيط القدس إلى السيادة الإسرائيلية. أما لجنة التنظيم والبناء في بلدية القدس فانتقلت إلى لغة الفعل بإقرار بناء نحو 566 وحدة سكنية جديدة في ثلاث مستوطنات يهودية في القدسالشرقية، بعد أن امتنعت عن ذلك قبل أسبوعين بطلب من نتانياهو لتفادي رد فعل أميركي غاضب، من الرئيس السابق أوباما. ضم معاليه أدوميم واجتمعت الحكومة الأمنية المصغرة وسط إصرار بينيت على إقرار الحكومة طرح ضم معاليه أدوميم على جدول أعمال اللجنة الوزارية لشؤون التشريع وبالتالي على الكنيست خلال الأسبوع الجاري، فيما لم يبد نتانياهو موقفاً علنياً في ظل اتهامات أوساطه لبينيت بأنه كان الأجدر به أن ينتظر إلى حين لقاء نتانياهو مع ترامب الشهر المقبل لتفادي احتمال وضعه أمام حقائق ناجزة. وقال بينيت إنه «مع دخول ترامب البيت الأبيض يبدأ عهد جديد في الإدارة الأميركية، وأنا على يقين بأن وزراء ليكود سيدعمون فرض السيادة الإسرائيلية على معاليه أدوميم كي نمنع إقامة دولة داعش على الشارع الفاصل بيننا وبين الضفة الغربية (شارع 6)». وتوقع مراقبون أن يصوّت وزراء «ليكود» إلى جانب الاقتراح «لمعارضتنا حل الدولتين»، كما قال الوزير من «ليكود» زئيف ألكين. وأعلن وزير النقل، الشخصية النافذة في «ليكود» يسرائيل كاتس، نيته طرح اقتراح ضم عشرات الأحياء الاستيطانية في محيط القدس إلى السيادة الإسرائيلية في اجتماع الحكومة الأمنية المصغرة. وأضاف أنه نسق الأمر مع رئيس الحكومة «لتكون هذه المبادرة الإسرائيلية»، مضيفاً أنه «على خلفية الواقع العالمي والإقليمي يجب الذهاب إلى مبادرة إسرائيلية يتم تنسيقها مع الإدارة الأميركية الجديدة لتدعم المبادرة وتقود أجزاء منها». ورد نتانياهو على ألكين بالقول إنه لو تريث قليلاً لأيقن «أنني لا أريد أن أمنح الفلسطينيين دولة مع كامل الصلاحيات، إنما دولة منقوصة (مينوس)، لذلك يعارضها الفلسطينيون». ويُعتبر هذا التصريح تراجعاً عن إعلانه في «خطاب بار ايلان» عام 2009 بأنه يؤيد حل الدولتين و»إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح إلى جانب دولة إسرائيل اليهودية». وقال نتانياهو في مستهل جلسة الحكومة الأسبوعية أمس إنه يعتزم إجراء محادثة هاتفية مع ترامب (في ساعة متقدمة من مساء أمس) لمناقشة الملفين الإيراني والفلسطيني مع الرئيس الجديد. وأضاف أنه في موضوع الاستيطان «لا يوجد من يعتني به أكثر من حكومة ليكود، وسنواصل فعل ذلك بحكمة ومسؤولية». وأردف أن «وقف التهديد الإيراني والتهديد الكامن في الاتفاق النووي» لا يزالان الهدف الأهم لدولة إسرائيل. تعزيز الاستيطان وأقرت لجنة التنظيم والبناء في البلدية الإسرائيلية للقدس أمس منح تصاريح لبناء 566 وحدة سكنية جديدة في ثلاث مستوطنات في أنحاء القدسالشرقيةالمحتلة، بسغات زئيف ورمات شلومو وراموت. وكان مفروضاً أن تقر اللجنة هذه التصاريح قبل أسبوعين، لكنها أرجأت ذلك خوفاً من رد فعل غاضب من إدارة الرئيس السابق باراك أوباما. وقال رئيس البلدية إن عدداً من الوحدات الجديدة سيُقام في بلدات عربية في القدس. وأضاف للإذاعة العامة أن قضية تعزيز البناء في أنحاء القدس رهن بنوعية العلاقات بين الحكومة الإسرائيلية وإدارة ترامب، وأنه يأمل بأن يقوم ترامب بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس. وأضاف «أعتقد أن ذلك سيحصل في القريب، مع أني آخذ التهديدات على محمل الجد، لكنها لا يجب أن تؤخر عملية النقل». وأشارت صحيفة «هآرتس» إلى أنه في عهد أوباما رافق تنديد أميركي كل إقرار خطة بناء كهذه، بل تم تجميد إجراءات في السابق لتفادي التنديد. وحتى اليوم عارضت الولاياتالمتحدة وأوروبا ضم معاليه أدوميم، إذ ترى أنها تقضي على حل الدولتين. ولفتت «جمعية عير عميم» إلى حقيقة أنه منذ انتخاب ترامب رئيساً قبل عشرة أسابيع لوحظ ارتفاع في عدد مخططات البناء الاستيطاني التي تمت المصادقة عليها في القدس بما فيها مخططات اعتبرتها واشنطن حساسة. كما لوحظ ارتفاع في عدد هدم البيوت العربية التي هدمتها السطات الإسرائيلية في القدسالشرقية، وسبق لإدارة أوباما أن حاولت منع الهدم. وأحصت الجمعية التي ترصد الاستيطان في القدس أنه منذ انتخاب ترامب تمت المصادقة على بناء ألف وحدة سكنية جديدة في الأحياء الاستيطانية في القدس، فيما بلغ إجمالي الوحدات الجديدة التي بنيت عام 2014 نحو 775 وحدة، ونحو 395 وحدة عام 2015 ، بينما ارتفع العدد إلى 1506 العام الماضي، ألف منها منذ تشرين الثاني (نوفمبر).