أعلن وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور، أمس، أن قرار الرئيس باراك أوباما رفع عقوبات اقتصادية مفروضة على الخرطوم منذ 20 سنة، سيبدأ تنفيذه الثلثاء، وهو «خطوة مهمة لتطبيع العلاقات بين البلدين»، فيما كشف المدير العام لجهاز الأمن محمد عطا أن البلدين خاضا محادثات سرية على مدى سنوات. ويسمح رفع العقوبات بالتحويلات المالية والمعاملات التجارية، فيما يبقي على الحظر العسكري. وستتم مراجعة القرار بعد 180 يوماً من صدوره، لتشجيع الخرطوم على مواصلة مساع بذلتها خلال الأشهر الستة الماضية في شأن حقوق الإنسان والإرهاب. ولا يشمل القرار شطب اسم السودان من اللائحة الأميركية للدول الداعمة للإرهاب، وقانون سلام دارفور الذي يفرض عقوبات على أشخاص متهمين بالتورط في الصراع. وأشارت الخارجية الأميركية الى تعاون سوداني في مختلف المجالات، من بينها محاربة الإرهاب والإتجار بالبشر. وتلقى وزير الخارجية السوداني اتصالا هاتفياً من مستشارة الأمن القومي الأميركي سوزان رايس، ونظيره الأميركي جون كيري، كما تلقى المدير العام لجهاز الأمن والاستخبارات السوداني محمد عطا المولى عباس، اتصالاً هاتفياً من رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) جون برينان. وقال غندور خلال مؤتمر صحافي أمس، أن الاتفاق مع واشنطن أتى بعد حوار دام ستة أشهر مع إدارة أوباما، و23 اجتماعاً في الخرطوم مع مسؤولين أميركيين «بعيداً من أعين الإعلام»، ركزت على خمس قضايا هي: تحقيق السلام والتعاون في الإرهاب والعلاقة بين السودان وجنوب السودان والأمن في الإقليم وحقوق الإنسان. وأكد أنَّ قرار رفع العقوبات الاقتصادية تمَّ الاتفاق عليه بين إدارة أوباما والإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس المنتخب دونالد ترامب، موضحاً أن الرئيس عمر البشير أمر باستمرار لجنة مكلفة بالحوار مع الولاياتالمتحدة تضم وزراء الخارجية والدفاع والمال ومدير جهاز الأمن و «بنك السودان»، حتى تستكمل جهودها بشطب اسم السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب. وقال عطا، أن التعاون مع واشنطن في مكافحة الإرهاب بدأ منذ 16 سنة، لكن الخرطوم نقلت الى الإدارة الأميركية غضبها منذ عام على بقاء اسم السودان على لائحة الدول الراعية للإرهاب، مؤكداً أن الخرطوم لم تقدم أي تنازلات لواشنطن، واعتبر تعاونهما قناعة من السودان بضرورة محاربة الإرهاب لأنه متضرر منه. وأكد سفير السودان لدى الأممالمتحدة، عمر دهب، تحسّن الأوضاع في دارفور، وأعلن عودة أكثر من 300 ألف من النازحين واللاجئين الى ولايات دارفور الخمس خلال عام 2016، نتيجة لتحسّن الأوضاع الأمنية وتوافر الخدمات الأساسية في قرى العودة الطوعية، فيما أفادت الأممالمتحدة بأن المدنيين في دارفور ما زالوا يواجهون هجمات ميليشيات مسلحة على رغم انخفاض وتيرة الصراع في الإقليم. وتطرّق دهب أمام مجلس الأمن أمس، الى بعثة الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور (يوناميد)، مؤكداً تحسن الأوضاع في الإقليم أمنياً وإنسانياً وسياسياً. وطالب مجلس الأمن بفرض عقوبات على قائد «حركة تحرير السودان» عبدالواحد محمد نور، لمقاطعته كل مبادرات الحوار والتفاوض. وفي المقابل، أعلنت الأممالمتحدة أن المدنيين الذين يعيشون في إقليم دارفور يواجهون هجمات مستمرة من ميليشيات مسلحة، على رغم انخفاض وتيرة الصراع في الإقليم. وقال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام إيرفيه لادسوس، خلال جلسة لمجلس الأمن، أن «على رغم انخفاض وتيرة الصراع في دارفور، لا يزال المدنيون يتعرضون لأخطار انعدام الأمن مثل الصراع المجتمعي والإجرام، بما في ذلك نشاطات الميليشيات المسلحة. وتفاقم الوضع نتيجة انتشار واسع النطاق للأسلحة وضعف مؤسسات سيادة القانون والعدالة». وزاد: «لا تزال الحلول الشاملة طويلة الأجل ضرورية لتهيئة الظروف اللازمة لإعادة أو إعادة توطين 2.6 مليون شخص، لا يزالون في حالة نزوح في المنطقة». وأكد لادسوس ضرورة «حسم الأسباب الكامنة وراء الصراع المجتمعي المتعلقة بالحصول على الأراضي والمياه وغيرها من المصادر الطبيعية في الإقليم». وأثنى مساعد الأمين العام على «النجاحات العسكرية الأخيرة في السودان ضد الحركات المسلحة المختلفة، وكذلك جهود الدول للحد من العنف الطائفي، ما أدى إلى إعلان الخرطوم في أيلول (سبتمبر) الماضي نهاية الصراع في دارفور». واستدرك قائلاً: «نحن ندعو إلى مواصلة العمل الدولي لإيجاد حلول دائمة لإعادة حوالى 2.6 مليون نازح إلى منازلهم، وأيضاً إلى التعاون مع البعثة المشتركة بين الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي لتحقيق هذه الأهداف». وقدم لادسوس خلال الجلسة، عرضاً لآخر تقرير للأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون في شأن الوضع الحالي في دارفور. وذكر الأمين العام السابق أن «منطقة غرب دارفور وشرقه لا توجد بها حالياً أي اشتباكات عسكرية فعلية مع الجماعات المسلحة». لكنه لفت إلى أن «النزاع المسلح مع فصيل عبدالواحد نور ما زال مستمراً في أجزاء من منطقة غرب جبل مرة، التي تمتد شمال دارفور ووسطه وجنوبه، وهو ما أدى إلى عواقب إنسانية وخيمة على المدنيين في المنطقة». وأوصى التقرير بضرورة أن «توقع جميع أطراف النزاع على الفور اتفاقاً لوقف الأعمال العدائية، وأن تشمل جهود نزع السلاح جميع الأطراف».