بين إرث أولمبي تفاخر به البرازيل، بعد استضافة مدينة ريو دي جانيرو الألعاب الصيفية في آب (أغسطس) الماضي، وحال ملعب ماراكانا الأسطوري الذي يرمز إلى سطوتها الكروية في العالم، فارق كبير. فإذا كان التقرير الذي عرضته اللجنة المنظمة للألعاب في 28 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي أمام أركان اللجنة الأولمبية الدولية في لوزان، يتغنّى بإنجازات تحققت في البنية التحتية نجمت عن الاستضافة ومفاعيلها، خصوصاً على صعيد شبكة النقل العام وخطوط سكك الحديد والمبنى الجديد في المطار وبرنامج تربوي مكّن 12 ألف مدرسة في أنحاء البلاد من تنظيم نشاطات رياضية دورية شجعت 6 ملايين فتى على اعتماد برنامج صحي سليم، فإن «الصرح العملاق» يعاني من سقم وتدهور نحو الأسوأ دافعاً ضريبة فساد وإهمال وأوضاع اقتصادية متردية، لا سيما أن كلفة صيانته تقدّر بمليون دولار يومياً. وكأن الإرث الأولمبي تحوّل إلى لعنة في هذا الإطار. فقد سلّطت وسائل إعلام برازيلية عدة، وفي مقدّمها صحيفة «غلوبو» الواسعة الانتشار وشبكاتها الإخبارية المتنوّعة الوسائل، الضوء في الأيام الأخيرة على معاناة ماراكانا، ونشرت تقارير عن حاله السيئة التي لا تليق ببلد نظّم مونديال كرة القدم (2014) والألعاب الأولمبية الصيفية (2016) تباعاً، وأحرز منتخبه «الساحر» كأس العالم 5 مرات. وحظيت حالة الملعب بهذا الاهتمام المتصاعد عقب آخر مباراة نظّمت على أرضه في 28 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وكان لقاء خيرياً تكريماً لضحايا كارثة طائرة فريق شابيكوينسي. وترفض سلطات المدينة مزاعم بأنها المسؤولة عن «حالة العطب» في ماراكانا، المرفق الذي استضاف افتتاح الألعاب الأولمبية واختتامها ونهائي كرة القدم الذي شهد تتويج أصحاب الأرض للمرة الأولى في تاريخهم، وكانت الذهبية بالنسبة إليهم أغلى من الذهبيات ال307 كلها التي منحت في الألعاب. لقد أظهرت التقارير أن الملعب الشهير قد ينحدر بسرعة إلى «حالة تخلٍّ» مثيرة للقلق. فقد بدت أرضه بقعاً عشبية عشوائية، وفي أماكن منها بلغ طول العشب أكثر بكثير من المعتاد. وظهرت على المدرّجات قطط تتغذّى من بقايا طعام، وأسلاك متقطعة وأثاث متهالك وثقوب في الجدران وأقسام قطع عنها التيار الكهربائي. كما تحدّث معدو تقارير عن روائح عفن منبعثة من أرجاء عدة. حين شيّد ماراكانا كان يستوعب أكثر من 120 ألف متفرّج، وازدحم في مدرجاته حوالى 200 ألف متفرّج لمتابعة نهائي كأس العالم عام 1950، في «اليوم الأسود» الذي شهد سقوط البرازيل أمام أوروغواي (1-2). وخضع الملعب لورشة تأهيل كبيرة كلّفت 600 مليون دولار، استعداداً لاستضافة مونديال 2014، وقلّصت قدرته الاستيعابية إلى 78 ألف متفرّج جلوساً. في 4 تشرين الثاني الماضي، بات الملعب في عهدة حكومة ولاية ريو دي جانيرو ومجموعة من الشركات الخاصة، اللتين حمّلتا اللجنة المنظمة ل «ريو 2016» مسؤولية الحالة السيئة لهذا المرفق الشهير، لكن مدير التواصل في اللجنة ماريو أندرادا، رفض الاتهامات بشدة، مؤكّداً «تسليمه في وضع أفضل بكثير ما كان عليه يوم وضع في عهدتنا. وقد أوفينا بالتزاماتنا وفق ما ينص عليه دفتر الشروط». وعلم أن «كونسورتيوم» الشركات الخاصة تتألف من «أودبريشت» للمقاولات ومجموعة الترفيه AEG. و «أودبريشت» متورطة في تهم فساد ورشى لسياسيين، كما قدّمت مغريات مماثلة للفوز بعقود من القطاع العام في بيرو المقرر أن تستضيف عاصمتها ليما دورة الألعاب الأميركية عام 2019. ووسط هذه الحالة الضبابية اضطر فريق فلامنغو إلى خوض المباريات المقررة على أرضه أخيراً في ستاد كليبر أندرادي وليس في ماراكانا. كما أوردت «غلوبو» أن الحالة المزرية تنسحب على قاعة «ماراكانازينيو» Maracanãzinho المجاورة، المخصصة لمباريات الكرة الطائرة.