احتفل المجتمع الكويتي أخيراً بعناوين فوز أربع مرشحات للبرلمان الكويتي هن: معصومة المبارك ورولا دشتي وأسيل العوضي وسلوى الجسار ضمن 16 مرشحة، ويأتي انتصارهن بعد مرور أربع سنوات على إقرار حقوق المرأة السياسية في الكويت في أيار (مايو) عام 2005، والذي يقرأ في سيرتهن العملية والمهنية، يجد أن كثيراً من خصائصهن فاقت خصائص بعض المرشحين من الذكور، وأنا اليوم لا أهنئ البرلمانيات الفائزات، بل أهنئ الشعب الكويتي، الذي قطع رحلة برلمانية لم تخلُ من العواصف الكئيبة، التي أسهمت في شل البرلمان مرات عدة، جعلت المراقب لها يتأكد أن طريق الديموقراطية في الدول العربية هو طريق شاق وطويل. فوز المرأة العربية في انتخابات الكويت، ومشاركتها في العملية الديموقراطية في لبنان والعراق هي مشاركة لا تخلو من المخاطر، فوصول المرشحة للمنصب البرلماني أو الحكومي لا يزال تتربص به كثير من المفاهيم، والعقليات التي تنبش في نصوص فقهية هي محض اجتهادات بشرية لعصر مضى وظرف مجتمعي لم يعد قائماً، هدفها جر المرأة إلى الخلف، وسلبها مقدراتها وحقوقها، وهي ذهنية ليست محاربة المرأة عارضها الوحيد، بل هي ذهنية مليئة بالكثير من الأمراض الاجتماعية والنفسية. في مهرجان السينما الخليجي الماضي، شارك متسابق كويتي بفيلم وثائقي، وحصل على المركز الأول في مشاركته الأولى وجوائز تقديرية في مشاركته الثالثة، ويدور الفيلم حول الانتخابات الكويتية الفائرة بالازدحام والخصام، صوّر فيها المخرج مركزاً يمارس بيع الأصوات نهاراً جهاراً، وفي المشهد الآخر ظهر ناخب يتحدث بالصوت العالي أمام الملأ عن ولائه القبلي، الذي يتعهد أمامه بإعطاء صوته لمرشح قبيلته أياً كان، حتى ولو لم يكن كفئاً، لأن هذا هو «واجب القبيلة». هذه الظواهر، التحيزات للقبيلة في مجتمع الدولة، وشراء الأصوات، مضافاً إليها التمييز ضد الأقليات، المذاهب، والتمييز ضد النساء، هي قيم مناهضة لقيم الديموقراطية، ولا شك في أن فعاليتها حتى اليوم في مجتمع، وفي وعي الكويت ستجعل من معارك البرلمان الكويتي مسلسلاً لا ينتهي. إن تجاوز مفهوم الصناديق وعمليات الاقتراع كآليات للديموقراطية، وتوسيع هذا المفهوم ليشمل وعياً ديموقراطياً وفلسفة ورؤية تعمل كل مؤسسات المجتمع على تدريسها وتكريسها هو الحل للخروج من مآزق ما قبل الانتخاب وما بعده، وتجعل من قيم الديموقراطية وعياً وسلوكاً حقيقيين، وإلا بقيت المناصب الانتخابية التي نظن أنها مفهوم لحكم الشعب ليست سوى مسابقات لحصد المكاسب والسلطة على حساب الناس، بحيث تصبح الديموقراطية عملية لا تسفر إلا عن الخراب. [email protected]