شاركت ضمن فريق يضم نساء من مختلف المناطق العربية في برنامج ينظّمه بالتعاون مع الأممالمتحدة فريق من النساء الناشطات المغربيات اللاتي شاركن في العمل على دفع وإخراج مدوّنة الأسرة المغربية للوجود، والتي أحرزت تقنيناً عادلاً نسبياً يحفظ حقوق النساء في المغرب في قضايا الزواج والطلاق والنفقة والمشاركة الأسرية، هذه الحقوق أصبحت حديث الشارع المغربي وقتها، تستطيع أن تلمس تأثيرها على لسان سائق التاكسي في المغرب والذي قال لنا إنه أصبح يعرف أن طلاقه لزوجته يعني أن البيت للحاضنة والنفقة لها ولأولادها، فهل كان في هذا ظلم وجور؟ ألّا تطرد الأمهات في الشارع، وألّا يجوع الأطفال لمجرد أن الحياة أصبحت مستحيلة بين طرفين؟ فريق النساء المغربيات أكدن لنا من خلال شرحهن أن مدوّنة الأسرة ما كانت لتخرج لولا موافقة ووقوف القضاة معهن بعد جلسات مطوّلة للتفاهم، استغرقت أشهراً عدة يتجادلن معهم في حقوق النساء بين الشرع والحياة المدنية الجديدة. وفي أثناء النقاشات التي دارت بين فريق النساء المشاركات كانت معظم النساء العربيات يؤكدن أن جزءاً كبيراً من هذه الحقوق وإن نقصت قليلاً معمول بها، في الكويت، في البحرين، في الأردن، وفي عُمان. مثل حقوق المرأة في الزواج والطلاق وتقييد حق التعدد، وحق الزوجة المطلّقة في نصف المسكن أو كله، وفي النفقة الكاملة والخ، وجميع من يؤصّل لهذه الحقوق ويحرس سريانها هم القضاة. في عمان شاهدت كيف يصبح القاضي باسم الشرع وكيل الفتاة التي تتجاوز الثامنة عشرة والتي يعضلها والدها إذا ما أرادت الزواج، كان القاضي إذا ما رأى أن الشاب المتقدم لخطبة الفتاة كفؤاً، يتصل بالأب ويخيّره، وينصحه، أن يأتي حفظاً لماء الوجه ويزوّج ابنته بنفسه وإلا فإنه هو – القاضي - من سيزوجها وحين يشعر الوالد - إذا كان عاقلاً - بأن الأمر لم يعد في يده فإنه يأتي ويقبل. في قضية الطبيبة السعودية ذات الأربعين عاماً والتي يعضلها والدها ويسومها العذاب، ويأكل راتبها وجهدها عنوة وقسراً، لم يرَ القاضي عدلاً أنسب من أن يرميها في السجن أشهراً لأنها تجادل وتشتكي في والدها الذي عذبها وأهانها ومنعها من حقها في الزواج، وحين سألت الدكتورة سمر القاضي: بأي ذنب سجنت؟ ما وجد القاضي سوى منطق وكأنه يقول بأنني أنا القضاء والقضاء أنا حين قال لها «حتى تعرفي قوة القضاة يا سمر»! احتاجت د. سمر محامياً يشرح للقاضي ما هو مشروح، لكن المحامي يقول: «لا يزال القاضي على رغم كل البيانات التي قدمت يرى أن طاعة الطبيبة لأبيها لازمة حتى ولو أنه عضلها، وأنه يرى أن مصلحة الأب تعتلي على مصلحة تزويجها وذلك سداً للذريعة». ترى من أين يأتي بعض قضاتنا بكل هذه القسوة، التي لا ترحم؟ [email protected]