يبدأ الموفد الدولي إلى الصحراء كريستوفر روس اليوم الإثنين سلسلة محادثات مع المسؤولين المغاربة، في اختتام زيارته المنطقة التي بدأها الأسبوع الماضي. وذكرت مصادر رسمية أن محادثاته تشمل عقد اجتماع مع رئيس المجلس الاستشاري الملكي المكلف الشؤون الصحراوية خلي هنا ولد الرشيد، وكذلك إجراء مشاورات مع وزير الداخلية الطيب الشرقاوي، كما أنه سيدرس الإمكانات المتاحة أمام معاودة استئناف المفاوضات في اجتماع مع وزير الخارجية الطيب الفاسي الفهري. ولم يتأكد بعد إن كان سيلتقي مع العاهل المغربي الملك محمد السادس أم لا. غير أن الاعتقاد السائد أنه سيستمع إلى وجهة نظر المغاربة حيال خطة استئناف المفاوضات المقررة مبدئياً في الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل في نيويورك، وسيناقش تفاصيل اقتراحه حول توزيع المفاوضات إلى مجموعات عمل بهدف تجاوز الخلافات الراهنة. وبحسب مصادر الأممالمتحدة فإن الديبلوماسي الأميركي يعوّل على هذه الصيغة لتلافي حال الجمود التي طبعت جولتين سابقتين من المفاوضات غير الرسمية في كل من فيينا وضواحي نيويورك. بيد أن الجولة الأخيرة التي عرضت إلى وجهتي نظر الأطراف المعنية، بخاصة المغرب وجبهة «بوليساريو»، وتم خلالها البحث في السبل المتاحة للاتفاق على مرجعية موحدة، انتهت بإصرار كل طرف على موقفه. فالرباط لا تريد بديلاً عن خطة الحكم الذاتي، مع إمكان إدخال تعديلات عليها، بينما ترى «بوليساريو» أن الحكم الذاتي يمكن بحثه كواحد من خيارات الاستقلال أو الانضمام النهائي للمغرب عبر استفتاء. ولاحظت المصادر أن جولة روس في المنطقة جاءت في أعقاب اجتماعين ضمّا العاهل المغربي الملك محمد السادس والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في كل من نيويوركوالرباط. ودعا الأمين العام إلى بناء أجواء الثقة، بخاصة بين المغرب والجزائر، مؤكداً مواصلة جهوده لإقرار حل سياسي للنزاع وفق قرارات الشرعية الدولية. وكما هيمنت قضية الناشطة الصحراوية أميناتو حيدر على أجواء الإعداد للجولة السابقة، فإن الغموض الذي لا يزال يلف مصير المنشقّ الصحراوي مصطفى سلمى - الذي أعلن دعمه خيار الحكم الذاتي، وعاد إلى مخيمات تندوف حيث تعرض للاعتقال الذي لا يزال مستمراً - يؤثر في جانب أساسي في آفاق المفاوضات المرتقبة، أقلها في البُعد الحقيقي الذي يطاول تبادل الاتهامات حول انتهاكات حقوق الإنسان. وعمدت منظمات غير حكومية إلى توجيه رسالة إلى الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة تمنّت عليه التدخل لدى «بوليساريو» للإفراج عن مفتش الشرطة السابق مصطفى سلمى، فيما وجّهت قيادة «بوليساريو» رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة حول أوضاع نازحين صحراويين في المناطق الواقعة تحت نفوذ المغرب، لكن الرباط ردت بأن مطالب أولئك النازحين ذات أبعاد اجتماعية. وكانت الرباط احتجت رسمياً على تنظيم «بوليساريو» تظاهرة عسكرية في المنطقة العازلة شرق الجدار الأمني. ضمن ما تعتبره الجبهة «أراضيَ محررة»، فيما نص اتفاق وقف النار المبرم في مطلع تسعينات القرن الماضي على منع أي نشاط مدني أو عسكري في المناطق العازلة. وبرر المغاربة وجود هذه المناطق باعتبارات استراتيجية للحؤول دون تحليق الطائرات المغربية في الأجواء الجزائرية، ولم يحدث منذ عام 1991 غير وقائع قليلة صُنّفت بمثابة «انتهاك» لوقف النار. وفيما كانت الأممالمتحدة تعوّل على تسريع وتيرة تبادل الزيارات بين الأهالي المتحدرين من أصول صحراوية لمعاودة بناء الثقة عُلّقت تلك الزيارات الشهر الماضي على خلفية رفض «بوليساريو» زيارة وفد صحراوي حلّ بمطار تندوف على متن طائرة تابعة للأمم المتحدة.