رسم صندوق النقد الدولي صورة وردية لاقتصادات الدول العربية، متوقعاً انتعاشها بقوة في الاشهر المقبلة، نتيجة ارتفاع اسعار النقط، إضافة الى النتائج الايجابية التي افرزتها السياسات المالية لدول المنطقة، وانعكست إيجاباً على القطاعات غير النفطية. ولم يستبعد مسؤولون من الصندوق، أن تحقق المنطقة العربية «معدلات نمو تصل الى 4.1 في المئة خلال العام الحالي، ونحو 5.1 في المئة عام 2011». ورجح تقرير الصندوق، أن تشهد اقتصادات الدول المصدرة للنفط «تسارعاً في معدلات النمو خلال العامين المقبلين، في ضوء ارتفاع إنتاج النفط والغاز، فضلاً عن الاستثمارات الكبيرة في قطاع البنية التحتية، في وقت تشهد المنطقة تراجعاً في معدلات التضخم». وأظهر أن الفائض المجمع للحساب الجاري لاقتصادات الدول المصدرة للنفط في المنطقة، «سيرتفع 80 بليون دولار بين الأعوام 2009 و2011، بناء على الأسعار الحالية للنفط، منها 50 بليوناً فوائض دول الخليج». وتوقع التقرير بعنوان «آفاق الاقتصاد الاقليمي»، ارتفاع الناتج المحلي في الدول العربية المصدرة للنفط، «5 في المئة العام المقبل، في مقابل 1.1 في المئة عام 2009». وأشار إلى أن من شأن «زيادة انتاج النفط الخام الى 26 مليون برميل في اليوم خلال العام المقبل، دعم اقتصادات دول الخليج، علماً ان معدل الانتاج الحالي للمنطقة عند مستوى 25 مليون برميل». ولاحظ مدير منطقة الشرق الاوسط ووسط آسيا في الصندوق مسعود احمد، في مؤتمر صحافي عقده في مركز دبي المالي العالمي، ان الدول العربية غير النفطية، «تمكنت من تجاوز تداعيات أزمة المال العالمية، لعدم ارتباطها بأسواق المال العالمية، خصوصاً لبنان الذي سيواصل نموه القوي العام المقبل، مدعوماً باستقرار سياسي وتدفق رؤوس الاموال». ورجّح «نمو معظم اقتصادات الدول العربية خلال العام الحالي والعام المقبل، بوتيرة اسرع من عام 2009، ونمو الاقتصاد السعودي، بنحو 3.4 في المئة هذا العام، ونحو 4.5 في المئة عام 2011، بينما وضع توقعاته لنمو اقتصاد الإمارات عند 2.4 في المئة هذا العام، و3.2 في المئة العام المقبل». وفي ضوء تعافي المنطقة من الركود الكبير، أكد الصندوق ضرورة «اهتمام السياسات فيها، بتقوية القطاعات المصرفية ومعالجة التحديات متوسطة الأجل»، لافتاً إلى أن على البلدان المصدرة للنفط في المنطقة «بذل جهود إضافية لتطوير القطاع المالي وتنويع النشاط الاقتصادي». وأوصى الدول المستوردة للنفط في المنطقة بضرورة «رفع معدلات النمو وإنشاء وظائف جديدة للسكان». وطالب الدول المستوردة للنفط في المنطقة ب «تأمين أكثر من 18 مليون وظيفة جديدة لاستيعاب الداخلين إلى سوق العمل والتخلص من البطالة المرتفعة والمزمنة». ورأى أن ذلك «يتطلب نمواً يتجاوز معدله 6 في المئة سنوياً». وبعد تقديم التقرير، عقدت جلسة شارك فيها خبراء ومحللون اقتصاديون من المنطقة أدارها أحمد، ناقشت التوقعات الخاصة بالمنطقة في ضوء تعافي الاقتصاد العالمي الذي بدأ يكتسب زخماً قوياً، إضافة الى البحث في اهمية التنويع الاقتصادي وتعزيز التنافسية وتوفير فرص العمل. وعلى رغم الانتعاش المتوقع لدول المنطقة، اكد أحمد، ان عدداً من دول المنطقة «لا يزال يعاني بسبب بعض القضايا الهيكلية المهمة». لكن اعتبر أن المنطقة «مستعدة مع ترسخ التعافي الاقتصادي الجاري حالياً، لمواصلة تركيزها على التحديات المتوسطة المدى، وتتمثل في التنوع الاقتصادي وتطوير الأسواق المالية لمصدري النفط ومعالجة مشكلة البطالة من خلال العمل على إيجاد وظائف في شكل أسرع في الأسواق الناشئة».