توزعت مواقف الاطراف اللبنانيين امس، بين انتقاد ما جاء على لسان رئيس الحكومة السورية محمد ناجي عطري ووصفه فريق 14 آذار بأنه «هياكل كرتونية»، وبين المطالبة بمحاسبة شهود الزور في قضية اغتيال الرئيس السابق للحكومة اللبنانية رفيق الحريري. وقال وزير الدولة جان أوغاسبيان في حديث إلى «صوت لبنان» امس: «الرئيس سعد الحريري يواجه اليوم اموراً صعبة للغاية وهو لا يحسد على وضعه»، ومعلناً أن الحريري «فوجئ بالحملة الشعواء من الداخل والخارج، وعلى رغم ذلك هو مستمر بسياسته». وسأل اوغاسبيان: «ما هو المطلوب من الحريري؟ اذا كان موضوع المحكمة، فهذا الامر ليس مطلباً شخصياً بل هو مطلب حقّ وعام، واليوم بات واضحاً لكل الناس ان المحكمة الدولية وإجراءاتها لن تتأثر بأي شيء، وإذا كان المطلب ليتدخل الحريري لفرملة المحكمة فالامر يناقض مطلب عدم التسييس نفسه». ولفت أوغاسبيان إلى أنه «إذا طُرح ما يسمى بملف شهود الزور، وظنّ طرفٌ ما أنه يأخذ هذا الملف الى تصويت فنحن ذاهبون إلى مشكل كبير جداً، ولا أحد يجرب ان يطلب من الحريري اكثر من كل التضحيات التي قدمها»، مؤكداً أن «ليس هناك استقالة للرئيس الحريري لأنه موجود بدعم الشعب اللبناني، وهو لا يزال يملك الاكثرية». وأوضح أنه «لم يكن هناك اي مشروع لقاء قريب بين السيد حسن نصر الله والحريري، وإنما الأمر كان حول اهمية استمرار التواصل، والحريري متمسك بهذه الاهمية، على ان يتم ذلك عبر الحاج حسين خليل»، وزاد: «ما زلنا حتى هذه اللحظة ننعم بمظلّة التفاهم العربية السعودية - السورية، لكن لا اعرف الى متى». وأمل وزير التربية حسن منيمنة بانطلاق حوار مباشر بين الحريري والأمين العام ل «حزب الله»، معتبراً أن «الهدف ليس اللقاء بل ان يدور حوار جدي وصريح وشفاف وواقعي وأن يراعي كل طرف اعتبارات الطرف الآخر ويتم الوصول الى حلول تراعي مصالح الجميع». وأكد خلال لقائه في مجدليون رئيسة لجنة التربية والثقافة النيابية النائب بهية الحريري ان «تيار المستقبل هو أكثر الأطراف السياسية في لبنان تمسكاً بالحوار والتهدئة والانفتاح على كل الأطراف السياسيين وبخاصة على حزب الله». ردود على عطري ورد عضو تكتل «لبنان اولاً» النيابي محمد كبارة على كلام عطري، وشكر في تصريح له أمس سورية، وقال: «هذه المرة نقولها نحن في قوى 14 آذار. شكراً لسورية الموقف المجيد الذي صدر عن رئيس الوزراء فوصفنا بالهياكل الكرتونية. شكراً لأنه كشف حقيقة الموقف من لبنان فحلّ في قلوبنا وعقولنا قرب شقيقه ذلك اليوم المجيد الذي أعلنه زعيم الهياكل العظمية». وأضاف: «اعتراضنا على وصف الكرتونية ليس مصدره انزعاجنا، فالأخ عطري لم يستفزنا ولم يزعجنا بل على العكس، أحلّ الغبطة في قلوبنا. اعتراضنا على الكرتونية مصدره فقط حرصنا على صورة سورية الحديدية وجيشها الفولاذي». وسأل: «أليس معيباً يا اخ عطري ان ينسحب الجيش الفولاذي الذي حرر الجولان بسبب ضغوط جماهير كرتونية في لبنان؟ هذه لا نغفرها لك يا اخ عطري. ولكن، ليس المهم بالنسبة لك ان نغفر نحن او لا نغفر. المهم، بل المصيري بالنسبة إليك، هو ان يغفروا لك في سورية اساءتك الى المعادن الصلبة لكونها من الثروات الطبيعية للشعب السوري». وأضاف: «سورية، التي نشكرها، هي في نظرنا حديدية، فولاذية صلبة كلها. نحترمها كما هي، ننظر اليها من مسافة واحدة، ونشكرها لأنها عاملتنا بالمثل على لسان رئيس وزرائها، حرصاً على توحيد الهياكل الكرتونية والعظمية قبل ان تكتسي باللحم اللبناني». ورأى عضو كتلة «المستقبل» النيابية عمار حوري في حديث الى «اخبار المستقبل»، ان كلام عطري «أتى خارج السياق العام في الوقت الذي كان فيه الرئيس سعد الحريري يمد يده في اتجاه علاقات طبيعية بين لبنان وسورية»، معتبراً أن هذا الكلام «قد يكون في مكان ما زلة لسان وخارج اطار التواصل اللبناني - السوري، وخارج ما قام به الرئيس الحريري في مقابلته مع صحيفة الشرق الاوسط، لأنه لا يمكن أن يكون الرد على ما يقوم به الحريري في هذا الشكل». الى ذلك، اكد النائب محمد الحجار ان «القرار الاتهامي سيصدر وكل الضجيج الذي يفتعلونه لن يوصل الى اي مكان لأن الحقيقة والعدالة لا يعلو عليهما»، وقال خلال لقاء في كترمايا: «اللعبة مكشوفة ولن نخضع للتهويل والصوت العالي، ونحن متمسكون بمواقفنا ولن ننزلق الى حيث يريدون ولن ينجحوا في جلب الاهتمام عن الامر الاساس، اي المحكمة»، مشدداً على «اننا لن ننجر الى اي محاولة تدفع البلاد نحو الفتنة». واعتبر النائب ايلي ماروني (الكتائب اللبنانية) خلال استقباله وفوداً في زحلة أن تصريح عطري «معيب ويدمر العلاقات اللبنانية - السورية. فهو يصف قيادات 14 آذار بالكرتونية التي لا دور لها، في وقت تستمر الاستدعاءات للبنانيين مسؤولين حاليين وسابقين من دون احترام لأصول العلاقات الديبلوماسية بين الدول، كما نقرأ التحريض على فئة من اللبنانيين في بعض الصحف السورية». معارضة في المقابل، رأى عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النيابية حسين الموسوي أن «محاولات البعض مذهبة كل الأمور، لا سيما على صعيد الوضع السياسي لمصالح ومآرب خاصة وبغية ترويض المعارضة وتسييرها في الركب الأميركي وما تمليه الإدارة الأميركية ستبوء بالفشل»، محذراً من «تداعيات هذا الأمر على العيش المشترك، نظراً الى محاولة هذا البعض تصوير قوى المعارضة بأنها هي من يمذهب متناسياً أنها من قيادات وجماهير من المذاهب كافة ولو كانت بنسب متفاوتة». وأكد الموسوي خلال لقاء سياسي في بلدة دورس أن «المعارضة كانت مضطرة إلى الخلاف لأنه فرض عليها من الطرف الآخر في حين أن الخارج يريد دخول الجميع في نزاع، والفارق أن الخلاف سياسي والنزاع عنفي»، داعياً اللبنانيين إلى «العودة للغة التفاهم والوحدة». وأعلن عضو كتلة «التحرير والتنمية» النيابية أيوب حميد في احتفال تأبيني في مجدل سلم أن «المظلة العربية السورية - السعودية تبقى تشكل أساساً صلباً لنا كلبنانيين وعلينا الاستفادة منها وتحمّل المسؤوليات تجاه وطننا لنفوّت الفرص على اعدائنا الذين يعملون على ضرب وحدتنا وتفتيت بلدنا والسير به بمخططات مشبوهة يكون لبنان هو الخاسر الاوحد منها». وقال: «نهجنا الوطني الذي أسس له الإمام السيد موسى الصدر وانتهجه الرئيس نبيه بري سيبقى مستمراً من خلال الاصرار على الحوار». وأشار إلى أن «الخارج أثبت انه لا يعرف إلا مصالحه حتى ولو كانت بإراقة الدماء». وأكد أن «الإصرار على إحالة ملف شهود الزور على المجلس العدلي لا يستهدف اشخاصاً او اطرافاً لحسابات سياسية انما هو لكشف الحقيقة وإظهارها في شكلها الواضح لمعرفة من فبرك ومن خطط للجرائم التي حصلت».