شن أعضاء في مجلس الشورى هجوماً حاداً على وزارة الشؤون البلدية والقروية، متسائلين عن أسباب تأخر تنفيذ المشاريع وكثرة حفريات الكهرباء والصرف الصحي، مبدين استغرابهم عدم معالجة النفايات وتركها عرضة للقطط والكلاب. جاء ذلك خلال مناقشة تقرير لجنة الحج والإسكان والخدمات في شأن التقرير السنوي لوزارة الشؤون البلدية والقروية للعام المالي 1435-1436ه والذي تلاه رئيس اللجنة المهندس مفرح الزهراني. وشملت الانتقادات التي طاولت «البلدية والقروية» ضعف الرقابة على المطاعم، وطفح المجاري ومياه الصرف الصحي، وانتشار المحلات التجارية بشكل عشوائي، محملين الوزارة مسؤولية الأسعار الفلكية للأراضي. وبدا عضو مجلس الشورى خليفة الدوسري مستاء وهو يتحدث عن أزمة «البلدية والقروية»، وقال بنبرة حزينة: «منذ ثماني سنوات والمشاريع تتأخر وحفريات الكهرباء والصرف الصحي ممتدة في الشوارع، وأتساءل: ما هي أسباب ضياع الوقت وتأخر المشاريع، في حين أن دولاً أخرى تنتهي منها في ستة أشهر، بينما دولة بحجم مقدراتنا تنتهي من المشاريع في أربع سنوات على أقل تقدير»؟! وواصل الدوسري: «دول تبني أبراجاً من 30 طابقاً في أسبوعين، عبر الإعداد المسبق، وهو ما يجب أن تتبعه وزارة الشؤون البلدية والقروية في الجسور، على أن تقوم بتركيبها لاحقاً، وللأسف أحد أسباب تأخير المشاريع هو وجود عدد كبير من المهندسين في مكان واحد»! ووصف الدوسري مسؤولي «البلدية والقروية» بأنهم يقولون ما لا يفعلون، وقال: «الإنسان لا يستطيع أن يمشي على قدميه في طرق الرياض، فجسور المشاة متهالكة ومليئة بالأغبرة، وتحولت إلى لوحات للدعاية والإعلان، وفضلاً على ذلك لا توجد مواقف للسيارات، سواء للمدارس أم المستشفيات أم المحلات التجارية». واستطرد: «من المفترض أن تكون الرياض جنة، ولكنها تبدو مدينة ليس بها أي مسؤولين، على رغم وجود البلديات والأمانات ومكاتب الفروع وهيئة تطوير الرياض». واستغرب الدوسري صمت «البلدية والقروية» إزاء مشروع شبكة الحافلات، وقال: «لم نرَ أي تصريح من الوزارة ولا حتى عملاً ظاهراً للعيان، ولا نعرف كيف ستكون سعته أو عمله». وطالب في نهاية مداخلته بأن تشرف وزارة الصحة أو الشركات الخاصة على المطاعم، وذلك لعجز البلدية عن مواجهة كثرة القضايا. من جهته، طالب الدكتور محمد القحطاني بإعادة توزيع المحلات التجارية داخل الأحياء السكنية، مشيراً إلى وجود دراسة تؤكد أن هناك 17 شخصاً لكل محل تجاري، منتقداً السماح لعمارة صغيرة بخمسة محال ل«البنشر والفرن والتموينات والحلاقة وبيع الجراك»، وقال: «إن كثرة الأنشطة وتعددها في الحي الواحد تتسبب في كثير من السلبيات الاقتصادية». واقترح القحطاني وضع ضوابط لإقامة المحلات التجارية السكنية، بحيث لا تقل مساحة المحل التجاري عن 400 مترمربع، على أن يتم استبدالها بشقق سكنية. وأضاف: «يبلغ عدد موظفي الوزارة ممن على رأس العمل أكثر من 86200 موظف منهم أكثر من 26 ألف موظف غير سعودي، ومع هذا العدد الهائل إلا أن الوزارة توكل غالب أعمالها للقطاع الخاص، ولا بد من أن تقوم الوزارة بمتابعة هذه القطاعات، وتعيين السعودي محل المقيم في الوظائف الملائمة». من جهته، وصف الأمير خالد آل سعود وزارة الشؤون البلدية والقروية بأنها من أهم الوزارات، مرجعاً ذلك إلى مساسها بحياة الإنسان من ولادته حتى وفاته، مستدركاً: «حتى المقابر تشرف عليها الوزارة». وطالب الأمير خالد بأن تحقق الوزارة مبادئ الاستدامة للمدن والمحافظة عليها من التلوث الهوائي وطفح المجاري ومعالجة الازدحام المروري بالنقل العام، لتقليل استهلاك الوقود. ولفت النظر إلى ضرورة معالجة النفايات بطريقة حديثة، «لأنها ستشكل مصدر دخل، وستحد من السلبيات البيئية التي تفرزها المعالجات البدائية القائمة حالياً، والتي تلاحظ على أطراف المدن». وواصل: «إن حجم النفايات وصلت إلى 13 مليون طن، أي ربع طن لكل مواطن، و40 في المئة منها نفايات عضوية وبقايا أطعمة، و15 في المئة منها بلاستيكية، و5 في المئة منها معادن، والبقية كرتون، وللأسف فإن معالجة هذه النفايات تتم عن طريق القطط والكلاب التي تقوم بالتخريب بالنفايات المتقاذفة من الحاويات الصفراء بين الجيران». وطالب الأمير خالد الوزارة بمعالجة ندرة الأراضي في المدن الكبرى، وكذلك تأخر توزيع الأراضي واعتماد المخططات في مدينة الرياض، مطالباً بأن تتقارب في أعدادها مع المناطق الأخرى، مثل منطقة حائل. واستطرد: «ما تم توزيعه في الرياض هو 12 مخططاً تحوي 28 ألف قطعة، وعدد الرخص الإنشائية28800 للبناء، والندرة هي السبب في الأسعار الفلكية للأراضي». من جهته، اقترح الدكتور حسين المالكي أن تتم ترسية المشاريع البلدية من أمانات المناطق، تجنباً لتعثر المشاريع، نظراً إلى محدودية إمكانات البلديات، متسائلاً عن إمكان وجود خريطة تحدد المواقع ذات الملكية الخاصة، والتي تمنع من إقامة مشاريع حكومية عليها قبل ترسية المشاريع، مشيراً إلى أن ذلك يتسبب في تعثر المشاريع البلدية وتأخرها. من جانبه، طالب عساف أبواثنين بأن يتم دمج المجلس المحلي والمجلس البلدي في مجلس واحد بمسمى المجلس البلدي لتوحيد العمل والإجراءات المالية والإدارية. وطالبت لجنة الحج والإسكان وزارة الشؤون البلدية والقروية في تقريرها بوضع خطة تطويرية شاملة لنظم التخطيط والتشريعات ذات الصلة وبالأجهزة التخطيطية، كما طالبت بالإسراع في الانتهاء من إيجاد المؤشرات المناسبة والهيكل التنظيمي الملائم للمرصد الحضري الوطني، كما دعت اللجنة وزارة الشؤون البلدية والقروية بوضع ضوابط ومعايير تنظم توزيع انتشار المحلات التجارية داخل الأحياء السكنية.