أكد رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي قرب تشكيل «حكومة شراكة وتمثيل حقيقي لا يشعر أي مكون من مكونات الشعب العراقي أنه مقصى أو مبعد منها». وقال عقب لقائه الرئيس المصري حسني مبارك في القاهرة أمس، إن «الحوارات جارية، ونحن الآن في نهاية النفق، في نهاية المشوار، وبإذن الله قريباً سترى هذه الحكومة النور». وركز المالكي خلال محادثاته في القاهرة مع مبارك ورئيس الوزراء أحمد نظيف على جهود تشكيل الحكومة والعلاقات الثنائية، خصوصاً الاقتصادية، كما التقى الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى. وأكد «اهتمام العراق بأن تكون مصر كدولة عربية كبرى على إطلاع جيد وتفصيلي، على تطورات الأوضاع السياسية العراقية وتوجهات العراق في المرحلة المقبلة». وأشار إلى أنه عرض على مبارك «الجهود والاتجاهات الرامية إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية كي يكون شعار المرحلة المقبلة هو البناء والإعمار وتثبيت الأمن». وأكد أن «تحقيق ذلك يتطلب تقوية العلاقات وتوقيع الاتفاقات مع الدول الصديقة والشقيقة حتى تكون شريكة للعراق في عملية الإعمار، خصوصاً أن العراق يحتاج إلى إعادة إعمار شاملة». وأوضح أن العراق «يسعى إلى الانطلاق إلى مرحلة البناء والإعمار من خلال تشكيل حكومة قوية... والهدف منذ البداية كان بالتأكيد هو تشكيل حكومة قوية ومتماسكة تمثل كل أطياف الشعب العراقي، ولو كنا نريد تشكيل حكومة فقط ضمن سياق أعداد المقاعد البرلمانية، لاستطعنا ذلك منذ وقت طويل، لكننا نريد تشكيل حكومة قوية تنهض بالمهام الملقاة على عاتقها، ونريد أن يكون الجميع شركاء في تلك الحكومة حتى يتحملوا المسؤولية». ونقل عن الرئيس المصري «موقف واضح وصريح مع العراق كله. وكل من زار مصر من القيادات العراقية وحاول أن يجعل مصر منحازة إلى فريق أو آخر لم يحصل على فرصة في هذا الشأن، والرئيس مبارك أكد خلال اللقاء أنه مع تشكيل الحكومة التي يختارها أبناء الشعب العراقي أنفسهم وأن مصر تقف إلى جانب هذا الاختيار، وهو يؤيد المشروع العراقي وفق السياقات القانونية ويطمح إلى رؤية حكومة تمثل جميع أطياف الشعب العراقي». وقال المالكي إنه أراد من جولته الحالية التي شملت إيران وسورية والأردن، أن يوضح «مجريات ما يحدث في العراق والأوضاع السياسية هناك والمشاورات الجارية، ونريد كذلك أن نزيل بعض الشبهات والإشكالات التي ربما تثار بسبب بعض الملابسات التي تحدث، كما نريد من الدول الصديقة أن تكون إلى جانبنا ونريد موقفاً متوازناً ومحايداً من كل من يريد أن يكون شريكاً معنا». وشدد على أن «العراق تجاوز مرحلة التدهور الأمني، والوضع الأمني لم يعد كما كان عليه على رغم حدوث بعض الحوادث المتفرقة. وهناك الآن بالفعل مئات وربما آلاف الشركات من مختلف دول العالم تمارس عملها في العراق... وهذا يؤكد التحسن الأمني». وأكد أن مبارك أصدر توجيهات مباشرة لنظيف ولوزير الخارجية أحمد أبو الغيط بمتابعة عمل الشركات المصرية في العراق والعمل على زيادة مساهمتها في جهود التنمية والإعمار، «وتعهدنا بتقديم كل التسهيلات اللازمة حتى تكون الشركات المصرية متواجدة في السوق العراقية إلى جانب الشركات الأجنبية الأخرى». وأضاف: «اتفقنا على تذليل كل العقبات التي قد تظهر أمام عملها من خلال متابعة مباشرة واتصالات مستمرة بين مسؤولي البلدين، سواء تعلق الأمر بالشركات العاملة في مجالات الإسكان والنفط والغاز وإقامة المستشفيات والعمل على إقامة سوق تجارية حرة مشتركة تسهل حركة التجارة بين البلدين، إضافة إلى إمكان نقل الغاز العراقي عبر خط الغاز العربي الذي يبدأ من مصر وينطلق إلى دول عربية أخرى». اتفاق مع موسى على عقد القمة في بغداد وبعد لقائه مبارك ونظيف، أجرى المالكي محادثات مع الأمين العام للجامعة العربية، أكدا بعدها اتفاقهما على «أهمية عقد القمة العربية المقبلة في العراق». وقال موسى في مؤتمر صحافي مشترك مع المالكي إن «العراق دولة رئيسة في المنطقة وغيابها عن العمل السياسي هو أحد أسباب الخلل في العمل الإقليمي، لذلك من مصلحة المنطقة على اتساعها أن يعود العراق نشيطاً وأن يسهم في استقرار المنطقة بأسرها». وأضاف أن «القرار واضح بأن تعقد القمة في بغداد، ونرجو أن يتم الإعداد والتشاور حتى تنعقد القمة بنجاح ومشاركة واسعة». أما المالكي، فأكد أنه طمأن الجامعة في ما يخص تشكيل الحكومة. وقال إن «العراقيين يختلفون لكنهم يتفقون في النتيجة حتماً، ومطلبنا من الجامعة أن تقف إلى جانب العراق». وأكد أن عقد القمة العربية المقبلة في بغداد «دليل مساندة ووقوف العالم العربي كله إلى جانب العراق». ورداً على سؤال عن هدف جولته، قال: «زيارتي لمصر تأتي في إطار العلاقات المتبادلة، وهي دولة بيننا وبينها اتفاق ورغبة في تمكين وتأصيل العلاقات وتوطيدها، ومن الطبيعي أن نأتي إلى مصر باعتبارها الدولة العربية الأكبر». وأضاف أن «المشروع الذي نحمله قد يختلف من دولة إلى دولة في بعض التفاصيل، لكنه واحد، وهو تمتين العلاقات بما يخدم المصالح المشتركة وتوضيح المخاوف التي ربما تتحرك في هذا البلد أو ذاك من طبيعة الأوضاع الجارية، وأيضاً الرسالة التي نحملها أن العراقيين أنفسهم عازمون على قيادة العملية السياسية في أطرها الدستورية والديموقراطية... هناك رسالة واحدة نحملها في زيارتنا لإيران وسورية والأردن ومصر، وسأقولها في تركيا وفي كل دولة من الدول، وهي تمتين العلاقات بما يخدم المصالح المشتركة».