منذ انتهج رئيس اوكرانيا، فيكتور يانوكوفيتش، نهجاً سياسياً جديداً، يدور الكلام على «غروب شمس» الثورة البرتقالية. فهو أعلن عزوف بلاده عن الانضمام الى الأحلاف العسكرية، وفي مقدمها حلف «الناتو». والخطوة هذه تؤذن بالتراجع عن مبدأ اقره الرئيس ليونيد كوتشما، في 2003، وحذت الثورة البرتقالية حذوه. ويدعو المبدأ هذا الى اندماج اوكرانيا في البنى الأوروبية - الأطلسية، وتعزيز علاقات التعاون مع الاتحاد الأوروبي. ويدعو يانوكوفيتش الى إعداد جيش اوكراني قوي وحديث. وهذا يتعارض مع بقاء اوكرانيا خارج الأحلاف. وتبلغ تكاليف إعداد الجيش 60 بليون دولار، في وقت تدين الدولة الاوكرانية بمبالغ ضخمة الى جهات دائنة في الداخل والخارج. والحكومة الجديدة تنوي مواصلة نهج الاستدانة لتأمين النفقات. وقد يبلغ عجز الموازنة العامة 12 في المئة. ومددت اوكرانيا عقد ايجار قاعدة اسطول البحر الاسود الروسي، في سيفاستوبول الاوكرانية، ل 25 سنة اضافية. وسعت موسكو في إقناع قيادة «الناتو» بصرف النظر عن محاولات ضم اوكرانيا اليه. وأسهمت خطوات سياسية في تحسين العلاقات الاوكرانية – الروسية وتبديد التوتر بينهما. وأرسى يانوكوفيتش بنية عمودية للسلطة في المركز والاقاليم والمناطق، وأجرى تغييرات ادارية وأمنية وإصلاحات ضرورية في مؤسسات عامة اساسية. وألّف حكومة تضم حزب المناطق الذي يرأسه مع حلفائه. وفي مقدور الحكومة هذه التنسيق مع الرئيس لتذليل المشكلات التي تعاني منها اوكرانيا، في وقت تعصف بها ازمة اقتصادية واجتماعية. وفي 30 ايلول (سبتمبر) 2010، ابطلت المحكمة الدستورية، نزولاً على طلب الرئيس الاوكراني، دستور 2004. وهذا نقل اوكرانيا من عهد دستور 1996 الذي يكرسها جمهورية رئاسية – برلمانية الى عهد جمهورية برلمانية - رئاسية، في مرحلة الثورة البرتقالية. واليوم، انتقلت اوكرانيا الى عهد جمهورية رئاسية – برلمانية. وحاز الرئيس الحق في اقتراح رئيس الحكومة أو إقالته. والحق هذا هو رهن موافقة غالبية اعضاء البرلمان على الاقالة والتعيين. ويبدو ان يانوكوفيتش استخلص عبر تجربة الاعوام السابقة، حين كانت رئيسة الوزراء الاوكرانية، يوليا تيموشينكو، وهي، اليوم، على رأس المعارضة، تقض مضاجع الرئيس فيكتور يوشينكو وتنافسه على منصب الرئاسة. وترى المعارضة ان خطوة الرئيس الاوكراني هي «تمرد دستوري» يتجه الى ارساء «الديكتاتورية» والاستيلاء على السلطة. وهي تنتظر اللحظة المناسبة للانتقال من الدفاع الى الهجوم. ولكن حظوظ اندلاع ثورة برتقالية جديدة ضعيفة. فالصراعات أنهكت الاوكرانيين ونخبهم. وصار من العسير اقناعهم بالخروج الى الشوارع والساحات للاحتجاج على السلطة. ولم يعدل الاتحاد الاوروبي عن دعوة السلطات الاوكرانية الى احترام حق التعبير والتجمع. وقد يكون وراء الخطأ الذي وقع فيه يانوكوفيتش محاولته تقليد التجربة الروسية في بناء السلطة من غير تقويم وتدقيق. وهو لم يحتسِب ان صلاحيات الرئيس في روسيا تعززت في عهد الفراغ السياسي، بينما لا تعرف اوكرانيا مثل هذا الفراغ. * صحافي، عن «برافدا» الروسية، 6/10/2010، إعداد علي ماجد