كتب الدكتور محمد الفاضل رداً في إحدى المجموعات البريدية، هاجم فيه شخصين، متهماً إياهما بعدم المروءة والأخلاق لتهجمهما على من يصفهم بالعلماء الذين لم يرَ منهم الناس إلا الخير والمحبة، والعبارات التي استفزت الدكتور هي قول أحدهما: «أبشرك أنهم في الرمق الأخير»، وقول آخر: «لا تعرضوا لنا آراء هؤلاء فإنهم سينقرضون ويبقى الوطن»، وقال الدكتور «إنهما يقصدان علماءنا الأفاضل!»، ثم استرسل: «إن هذه البلاد تطير بجناحين؛ جناح الأمراء من آل سعود، وجناح العلماء من ثمار هذه الدعوة السلفية المباركة... ومن يرد فصلهما عن بعضهما البعض ويتمنى انقراض أحدهما فإنما يريد الشر بالبلاد والعباد لا قدر الله». يخلط الدكتور بين علمائنا الأفاضل، الذين يجدون قبولاً واسعاً لدى كل الناس، وبين المتشددين الحركيين، الذين يثيرون البلبلة في كل وقت ويعوقون مسيرة التنمية، ويتهجمون على أبناء الوطن ومسؤوليه، ولم يسلم منهم حتى ولاة الأمر، ولا يراودني شك بأنه يعلم أن التصريحات التي استشهد بها لم يقصد بها أصحابها علماءنا المعتدلين، وإنما قصدوا بها «الأمميين» المسيسين من أدعياء العلم، ومع ذلك فإنه اعتبرها هجوماً من أنصار التيار الليبرالي على الدين نفسه ومن يمثله من العلماء الأفاضل! رد الفاضل كان عبارة عن بيان سياسي نسمعه كل حين، يقول علناً إن العلماء شركاء في مؤسسة الحكم، فهم الجناح الآخر للدولة، وسقوطهم يعني سقوط الدولة، وهي المقولة التي رددها كبيرهم ذات يوم عندما قال: «إن ولاة الأمر هم العلماء والأمراء»، وتم الرد عليه في حينه بأن العلماء ليسوا شركاء في الحكم، وإنما يقومون بوظيفة استشارية متى ما رأى ولي الأمر ذلك، أي أنهم مثل كل الأطياف الأخرى التي تكون فسيفساء الوطن التي تعمل في خدمة ولي الأمر الذي يعتز دوماً بأن دستور الوطن هو الإسلام، وللتأكيد على ما أقول فقد سأل الفاضل الله «عز وجل»: «أن يعلي شأن علمائنا وحكامنا»، مقدماً العلماء على الحكام وهذه لا تحتاج إلى توضيح! يواصل الفاضل بيانه مستشهداً بأن الملك فهد استعان بالشيخ ابن باز – رحمهما الله - عندما ادلهمت الخطوب أثناء أزمة الخليج، ويذكر أن استعادة الكويت كان وراءها هذان الرجلان العظيمان، ثم يضيف - وهو الأستاذ الجامعي متهكماً بالحراك المدني - بأنها لم تتم الاستعانة ب«هيئة الصحافيين» أو «جمعية الفنانين»! ومع أننا نقدر شيخنا ودوره في تلك الأزمة، إلا أن موازاة دوره بدور الملك فهد فيه إجحاف بحق الأخير، رحمه الله، إذ كان هو السياسي المحنك الذي أدار تلك الأزمة وعاونه كثيرون منهم إخوانه وعلى رأسهم ولي عهده آنذاك الأمير عبدالله، ووزير الدفاع الأمير سلطان، وأمير منطقة الرياض الأمير سلمان - أدام الله حياتهم - ومن خلفهم رجال القوات المسلحة، ورجال الأعلام، والمواطنون، والكثير من أصدقاء المملكة حول العالم، وكان دور ابن باز وبقية العلماء الأفاضل مثل الترس في ماكينة هائلة أدارها باقتدار الملك الفذ فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - أخطر ما في رد الفاضل أنه أكد على أن ابن باز توفي وهو على رأيه في منع أي احتفال خارج العيدين، ومع ذلك فلم ينقص ذلك من قدره بل زاده تقديراً ورفعة! فما الرسالة التي يريد إيصالها هنا؟ ولمن؟ خصوصاً أن قرار حصر الفتوى لم يجف حبره بعد؟! الغريب أن الدكتور العزيز الذي كتب كل هذا دفاعاً عن حياض الدين سبق أن كتب مقالاً صحافياً يبين فيه فضل مدينته الصغيرة وتميزها وتميز أهلها! وختاماً: أرجو أن يدرك دكتورنا العزيز أن أبناء الوطن يقدرون العلماء الحقيقيين الذين يساندون ولي الأمر مثل بقية الأطياف الوطنية المخلصة، ولكنهم ضد أنصار الإسلام المسيس من الأمميين الذين لا يؤمنون بالوطن بحدوده الجغرافية، بل بالولي الفقيه حتى ولو كان في قندهار! [email protected]