اعاد تصاعد حركة الاحتجاجات في فرنسا الى الاذهان احداث الثورة الاجتماعية التي اندلعت في باريس عام 1968 ولفّت البلاد بكاملها وغيّرت وجه البلاد. وبدأت أمس تعبئة النقابات ضد خطة اصلاح نظام التقاعد الذي يرفع سن نهاية الخدمة الى 62 بدلاً من 60 سنة وذلك لأغراض اقتصادية. وبعدما كان الأسبوع الماضي شهد إضراباً عاماً، عادت الاتحادات النقابية لتعلن عن إضراب جديد اليوم (الثلثاء) مع تظاهرات في انحاء البلاد. لكن التحرك بدأ فعلياً أمس، مع تظاهرات للطلاب الثانويين في باريس ونانتير وليون وبوردو. وسقط جريح في صفوف الشرطة، إثر تعرضه لرشق بحجارة في منطقة سان وان (ضاحية باريس) كما تعرضت الشرطة الى رشق بزجاجات حارقة أمام ثانوية كومب لافيل خلال تجمع طالبي. وتظاهر حوالى 2800 تلميذ في سين ومارن وأقدمت الشرطة على اعتقال 14 شخصاً بسبب تعرضها لهجمات. وتظاهر 800 تلميذ في بوردو ضد اصلاح نظام التقاعد كما عطلوا الدراسة في عدد من الثانويات، وكذلك في مدينة بو حيث ترددت هتافات: «ساركو (الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي) انتهيت، فالشباب في الشارع». وشهد قطاع النقل اضطرابات شديدة خصوصاً في حركة القطارات، كما ألغي عدد من الرحلات الجوية في مطاري أورلي ورواسي الباريسيين، بسبب إضراب عمال توزيع الوقود. وواصل عمال المصافي إضرابهم، ما أدى الى وقف عمل الأنبوب الذي يغذي مطاري رواسي وأورلي بالوقود، وبدأ أصحاب السيارات يشتكون من عدم تمكنهم من التزود بالوقود الذي بدأ يشح في المحطات. وكان رئيس الحكومة الفرنسية فرانسوا فيون قال في حديث تلفزيوني ان حق الإضراب مقبول لكن حق تعطيل البلاد مرفوض وأن الحكومة لن تسمح للمضربين في قطاع المصافي بأن يمنعوا الناس من الحصول على ما يحتاجونه من وقود في تنقلاتهم. وعلم ان 50 في المئة من الرحلات الجوية في مطار أورلي ستلغى اليوم و30 في المئة من الرحلات من مطار رواسي والمطارات الأخرى. أما بالنسبة الى أزمة الوقود، فأعلنت وزارة الداخلية عن انشاء مركز وزاري لضمان التزود بالوقود، ويتولى رئاسة المركز وزير الداخلية بريس هورتفو، أقرب المقربين من ساركوزي، وسيتولى التنسيق بين قطاعات الخدمات المختلفة لتأمين الوقود. وعقد ساركوزي أمس، اجتماعاً مصغراً في قصر الأليزيه للنظر في التصدي للإضرابات والتظاهرات من دون التراجع عن قانون اصلاح نظام التقاعد، الذي يعتبره الرئيس الفرنسي الخطوة الإصلاحية الأساسية في عهده. وثمة اجماع في فرنسا على ضرورة اصلاح نظام التقاعد، لإنقاذه من الإفلاس الذي يهدده نظراً للعجز الذي يعاني منه. وتقر قوى المعارضة المختلفة، من اليسار والوسط، بضرورة الاصلاح، لكن الأمينة العامة للحزب الاشتراكي لا تكشف عما تريده من اصلاح، فيما زعيم «الحركة الديموقراطية» (الوسط) فرانسوا بايرو فيقول ان هناك غالبية بديلة لسياسة ساركوزي ويذكر أسماء عدة في هذا الإطار منها اسما مدير صندوق النقد الدولي دومينيك شتراوس كان والأمين العام السابق للحزب الاشتراكي فرانسوا هولاند. يذكر أن تصعيد التظاهرات وشلّ الحركة في فرنسا يأتي عشية تصويت مجلس الشيوخ على خطة إصلاح نظام التقاعد.