تباينت ردود أفعال المثقفين على الاستقالة الجماعية التي قدمها أعضاء مجلس إدارة نادي الشرقية الأدبي. بعض هذه الردود ذهبت بعيداً متسائلة عما قدمه النادي حتى الآن، ولماذا يحتج أصلاً على تأجيل الانتخابات، وطالب الناقد محمد العباس بمحاكمة مالية وأخلاقية لمجلس إدارة أدبي الشرقية، فيما وصف الشاعر جاسم الصحيح الاستقالة ب«الأمر الخطر». وقال مثقفون ل«الحياة» إنه ينبغي التريث قليلاً قبل اتخاذ قرارات مصيرية كهذه، قد تهدد مسيرة العمل الثقافي برمته. وانتقد العباس «أدبي الشرقية»، مؤكداً أنه «لم ينجز شيئاً يذكر، والأندية الرياضية تنجز أفضل منه»، متسائلاً: نادٍ مثل هذا على ماذا يحتج مثلاً؟، إلا إن كان يريد أن يلعب لعبة ليملأ جيوبه»، مطالبا ب«محاكمة مالية وأخلاقية لمعظم أعضاء النادي»، مؤكداً أن «نادياً مثل الباحة على رغم أنه أصغر بكثير من نادي الدمام، والأفق الذي يتحرك فيه، قرية، لكنه للعام الرابع على التوالي يقيم منتدى للرواية ويقوم بدعوة ضيوف عرب من الخارج»، معرباً عن أسفه لأن «هؤلاء كائنات غير ثقافية وربائب المؤسسة، وهم أصغر من أن ينتقدوها، لأنهم منتفعون بها». وحول ما إذا كانت الأندية الأدبية الأخرى ستفعل الأمر نفسه، أي تقديم استقالة جماعية، استبعد الناقد محمد العباس أن يقدم بعض مجالس الأندية الأدبية على الاستقالة، كنوع من الضغط لإجراء انتخابات للأندية، مؤكداً أنهم على النقيض من ذلك «يخشون من إجراء الانتخابات، لأنهم لا يضمنون أن يفوزوا بها، كما أنهم لا يريدونها، من الأساس وإنما يحاولون فقط ذر الرماد في العيون، بالقول إنهم يريدونها، لكن الوزارة هي التي لا تريد». ووصف عضو مجلس إدارة نادي الأحساء الأدبي جاسم الصحيح تقديم استقالة جماعية بسبب عدم وجود انتخابات، ب«الأمر الخطر»، موضحاً أن «محاولة الضغط يجب أن تتم بالتفاهم، وليس عن طريق تقديم الاستقالات». وقال إن «الاستقالة تعني تعطل برامج وفعاليات الأندية الأدبية، وهذا ليس في مصلحتنا كمثقفين، وكمهتمين بالشأن الثقافي والأدبي»، مفضلاً - إن كان لدى البعض بعض التحفظات على أداء وزارة الثقافة، إعلان هذه التحفظات عبر آلية تحوي نوعاً من محاولة التفاهم وليس عبر نوع من الاحتجاج الغاضب». وأشار إلى أن خطوة مثل هذه «يمكن أن تنظر لها الوزارة، نظرة غير إيجابية». وقال «إذا كانت الانتخابات في يد الأندية الأدبية ومجالس إداراتها، فيجب في هذه الحال أن تتم الانتخابات»، لافتا إلى «وجود بند ينص على الانتخابات في لائحة الأندية الجديدة»، مضيفاً أنه «سيتم الإعداد لها ولكن إلى حد الآن لا يمكن ذلك، فأعداد أعضاء المجالس التي انتهت صلاحيتهم، أو دوراتهم في بعض الأندية، تم التمديد لهم لمدة عام فقط، وليس أكثر من ذلك، ما يستشفُّ منه أن الوزارة مقبلة على أمر ما، إذ إنها لو أرادت إلغاء فكرة الانتخابات تماماً لمددت للأعضاء المنتهية دوراتهم أربعة أعوام». وقال إن نادي الأحساء الأدبي قام بالإعدادات الأولية «لتكوين الجمعية العمومية من أجل إجراء الانتخاب»، موضحاً أن النادي «بقي على انتهاء فترة دورته أقل من عام، ولا نعلم هل سيمدد لأعضاء مجلسه أم لا؟». من جهة أخرى، ثمنت القاصة فوزية العيوني تقديم مجلس إدارة أدبي الشرقية استقالته، كاشفة عن تضامنها معهم في الإقدام على مثل هذه الخطوة، ووصفت استقالتهم تلك بأنها «خسارة». وقالت: تعاملت مع أعضاء مجلس الإدارة على مدى نحو أربعة أعوام، ملكت خلالها من الغنى، ما لم أملكه خلال 30 عاماً، في عملي مع وزارة التربية والتعليم، لا من ناحية الإدارة الديموقراطية، ولا من ناحية تثمين وتقدير أي جهد تقوم به المرأة»، لافتة إلى «الاستقلالية الكاملة التي كانت تتمتع بها أثناء عملها معهم»، مدللة بقولهم: «أنت لا تحتاجين مشاورتنا، أنت تحتاجين أن تأمرينا، وهو ما حصل بالفعل خلال الأربعة أعوام الماضية، إذ لم يرفض لي مشروع أو فكرة واحدة، سواء كبرت أو صغرت، وتشهد على ذلك جميع من تعاملت معهن من السيدات، واللاتي كنت أقول لهن أنا لا أستشير، بل آمر، وبذلك كان دوري تكريس أن المرأة تأمر ولا تستشير». واصفة تقديم الاستقالة بأنه «موقف ثقافي شجاع، يليق بجميع الرجال الذين مثلوا مجلس الإدارة»، متسائلة إلى متى ينتظرون أن يبقى المجلس وهو لا يملك قراره، أو رؤيته، وتملى عليه»، مشددة بأن «الثقافة عمل حر، وهذا ما يريده المجلس». وأشارت العيوني إلى عدم اعتقادها بأن «مجلس الإدارة يريد أن يمارس بتقديم استقالته ضغوطاً ما، بقدر ما يحاول أن يمارس شرف العمل الثقافي»، مؤكدة أن استقالة المجلس «تعبير عن غبن تعرض له»، لافتة إلى «وجود التزامات لدى المجلس لا يمكن التخلي عنها لا تجارياً ولا أخلاقياً، إذ العقد شريعة المتعاقدين، ما جعله بعد مطالبة الوزارة بحل بعض اللجان والتضييق عليه، يجد نفسه في وضع حرج أمام من التزم معهم». ووصف القاص زكريا العباد، إقدام نادي الشرقية الأدبي على تقديم استقالته بأنها «خطوة في الاتجاه الصحيح ولها إيجابياتها، بيد أنها جاءت متأخرة جداً». وقال إن: توقيتها يثير الريبة، كما يثير عديداً من التساؤلات حول الهدف الحقيقي من ورائها، خصوصاً أن بعض ما تم طرحه من مبررات في خطاب الاستقالة، يبدو غير منطقي ويفتقر للصحة»، مستشهدا ب«تصريح جبير المليحان، الذي وصف فيه أسلوب الوزارة في التعامل مع الأندية الأدبية بأنه أسلوب يخلو من رؤية». وتساءل: «هل اكتشف المليحان فجأة، عدم وجود الرؤية لدى الوزارة؟»، لافتاً إلى أن عدداً من المثقفين يرجعون سبب الاستقالة إلى «الجمود والروتين في تعامل الوزارة مع الأندية، وهم بذلك يعتبرونها ثورة على الجمود والروتين، متناسين أن إدارة النادي خضعت لهذا الأمر مدة تجاوزت الأربعة أعوام، من دون أن تبدي اعتراضها!». وتابع أن تصريح مدير إدارة الأندية الأدبية عبدالله الأفندي حول استقالة مجلس إدارة نادي الشرقية الأدبي «يصب في هذا الاتجاه، كما يستشف منه رائحة جدل حول مستقبل الإدارة بعد انتهاء فترة التمديد، ويشير أيضاً إلى محور الخلاف الحقيقي الذي يختفي حول مسرحية البطولة». وأعرب العباد عن اعتقاده بعدم جدوى مثل هذه التحركات، قائلاً: «لا أظن أن الوزارة تأخذها على محمل الجد، كما لا أظنها تعتبرها أكثر من شغب صبياني، نتيجة قلق الإدارة السابقة على مستقبلها».