تجنب المسؤولون في السلطة الفلسطينية توجيه أي نقد علني لمصر على سحبها مشروع القرار العربي المقدم الى مجلس الأمن ضد الاستيطان، ولجأوا الى «ديبلوماسية هادئة» تهدف الى عرض المشروع على التصويت في أسرع وقت ممكن. وقال مسؤول فلسطيني رفيع ل «الحياة» إن الرئيس محمود عباس وجه تعليمات صارمة الى جميع المسؤولين والناطقين باسم السلطة ومنظمة التحرير وحركة «فتح» بعدم توجيه أي نقد لمصر، كما طلب من مندوب فلسطين في الأممالمتحدة رياض منصور العمل مع أعضاء الدول الأعضاء الأخرى في المجلس لعرض مشروع القرار على التصويت. وقال المسؤول: «نعرف تماماً ما حدث، لكننا لن نفتح معركة مع مصر، ما يهمنا هو ان هناك فرصة تاريخية نادرة لتوجيه ادانة دولية للاستيطان، ومطالبة إسرائيل بوقفه فوراً، والسعي بعد ذلك الى توجيه ضغوط دولية على إسرائيل لوقفه». وأكد مسؤولون في السلطة أن أربع دول هي نيوزيلندا وفنزويلا وماليزيا والسنغال أبلغت السلطة الفلسطينية أنها مستعدة لعرض مشروع القرار على التصويت في مجلس الأمن. وأبلغت الدول الأربعة مصر بأنها تحتفظ بحق طرح هذا المشروع على التصويت ما لم توضح الأخيرة موقفها من طرحه على التصويت. وذكرت الدول الأربع في مذكرة وجهت الى مصر: «في حال قررت مصر أنه لن يمكنها المضي في الدعوة الى إجراء تصويت في 23 الجاري، أو ما لم تقدم رداً قبل انقضاء ذلك الموعد، فإن هذه الوفود تحتفظ بالحق في تقديم المشروع... والتحرك لإجراء تصويت عليه بأسرع ما يمكن». وشكل الإجراء المصري بسحب مشروع القرار من التصويت، صدمة كبيرة في الشارع الفلسطيني، وحفلت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات السلبية على الموقف المصري. وقال سفير فلسطين لدى مصر، مندوبها الدائم في الجامعة العربية جمال الشوبكي ل «الحياة» أن اجتماعاً للجنة الوزارية العربية المختصة بالشأن الفلسطيني عقد في مقر الجامعة العربية في القاهرة فور إعلان مصر سحب مشروع القرار من التصويت، بناء على دعوة مصرية، قدم فيه وزير الخارجية المصري سامح شكري عن الاتصالات التي تجري في نيويورك في شأن مشروع القرار. وأضاف: «كانت هناك وجهة نظر لمصر التي تترأس اللجنة والعضو العربي في مجلس الأمن، تقول إننا في حاجة الى مزيد من المشاورات لأن هناك آراء مختلفة تصل إلى رئاسة اللجنة». وقال الشوبكي إن اللجنة في حال اجتماع دائم، مجدداً التأكيد أن موقف فلسطين يطالب بعرض مشروع القرار للتصويت في أسرع وقت ممكن. وتشكلت اللجنة الوزارية العربية المختصة بالملف الفلسطيني في مؤتمر القمة العربية في شرم الشيخ نهاية آذار (مارس) عام 2015، وتضم كلاً من مصر والأردن والمغرب وفلسطين، بالإضافة إلى الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط. ونص مشروع القرار الذي قدمته مصر بصفتها العضو العربي الوحيد في مجلس الأمن، على مطالبة إسرائيل ب «الوقف الفوري والتام لكل أنشطة الاستيطان في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة بما فيها القدسالشرقية». وجاء في النص: «أن المستوطنات في أراضي دولة فلسطين غير شرعية في نظر القانون الدولي، وتعرض حل الدولتين الى الخطر». ويتوقع مسؤولون فلسطينيون أن يفوز القرار في التصويت فور عرضه على التصويت، مرجحين عدم استخدام ادارة الرئيس باراك أوباما حق النقض (الفيتو) هذه المرة بسبب انسجام نص مشروع القرار مع اللغة السياسية للإدارة الأميركية الحالية. وكان مسؤول فلسطيني رفيع قال ل «الحياة»: «راعينا صوغ القرار على نحو يتناغم مع المواقف السياسية ومع اللغة السياسية المستخدمة من الولاياتالمتحدة، ما يجعل من الصعب على الإدارة الاميركية إحباطه عبر استخدام حق النقض». ويأمل الفلسطينيون بأن يتيح القرار، الجديد في حال التصويت عليه، حدوث تطور في السياسة الدولية ضد الاستيطان يقوم على توفير ضغط دولي على إسرائيل لوقف الاستيطان. وقال ناشطون في «حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات» (بي دي س) أن صدور قرار من هذا النوع سيشكل دعماً لحملة المقاطعة في سعيها الى فرض مقاطعة على المؤسسات الإسرائيلية العاملة في المستوطنات وتأسيس آلية دولية لمراقبة أي نشاط استيطاني.