كرّرت وزارة العمل تشديدها على أصحاب المنشآت وب «لغة حادّة»، بشأن توفير «بيئة عمل صحيّة للمرأة»، من خلال «عدم إلزامها بممارسة مهام وظيفية مختلفة كلياً عن العمل المتفق عليه معها»، استمراراً لنهج «تأنيث المحال» الذي طبّقته الوزارة أخيراً، معتبرة إجبارها على تنظيف المحال وتلميع زجاجها «لا يجوز»، لافتة إلى أن ذلك «مخالف للأنظمة»، وتصل عقوبته إلى «الغرامة الماليّة في حال ثبوت ذلك». فيما بدا روّاد مواقع التواصل الاجتماعي «منزعجين»، إثر تناقل صورة يقال إنها لموظفة في مجمع تجاري بالرياض، وهي تعمل على «مسح زجاج واجهة أحد المحال»، وهو ما وصفوه ب «الإهانة»، مطالبين ب «فرض عقوبات على المتجاوزين على خصوصية المرأة واستغلال ضعفها، بتكليفها في أعمال ليست من مهامها». وطالب المستشار الشرعي والقانوني الدكتور محمد الهبدان عبر صفحته في «تويتر» ب «حفظ حقوق المرأة وكرامتها»، من خلال صرف راتب لربات البيوت لا يقل عن ثلاثة آلاف ريال، وتوفير مستشفيات خاصة بطواقم نسائية، وتخصيص أقسام نسائية في المجمعات بإشراف نسائي، وحاضنات للأطفال في أماكن عمل المرأة، وتسهيل إجراءت الأرملة والمطلقة والتي لا تعمل في الدوائر كافة، وذلك «آمن من جميع النواحي»، معتبراً تلك الحقوق «مشروعة لها». فيما ذكر المغرّد فواز بن عبدالله أنه «ليس من الجديد عمل المرأة بهذا الشكل، وبخاصة أن كثيرات عكفن خلال الفترة الماضية على الوقوف على الأرصفة وممارسة البيع للمارّة، من أجل كسب قوتهنّ، إضافة إلى استخدام أخريات أطفالهنّ في مساعدتهنّ»، موضحاً أن ذلك «من عزّة النفس بدلاً من مدّ اليد لاستعطاف الجيوب».واستنكرت وزارة العمل استغلال المحال ب «توظيف المرأة، وتسليمها مهام وظيفيّة في غير مجالها»، معتبرة ذلك «مخالفة صريحة» يلزم إثباتها والتقدم بشكاوى حيالها، الأمر الذي أنشأ مكاتباً للوزارة وأقساماً وإدارات للقضايا المشابهة لتلك القضية»، موضحة أن ذلك يترتب عليه «دفع غرامة» في حال ثبوت المخالفة. وقال رئيس فريق العمل الإشرافي على الأعمال الميدانية في مكاتب العمل بالمملكة سعود الصنيتان، في تصريحٍ إلى «الحياة»: «إن نظام العمل حسم موضوع إرغام المرأة على ممارسة مهام مغايرة لمهام عملها الفعلية، خاصة التنظيف أو تلميع الزجاج في المحالّ»، موضحاً أن «المادة 60 من نظام العمل مع عدم الإخلال بما تضمّنته المادة 38 من هذا النظام، تؤكد أنه لا يجوز تكليف العامل بما يختلف اختلافاً جوهرياً عن العمل المتفق عليه بغير موافقته الكتابية، إلا في حال الضرورة التي تقتضيها الظروف العارضة، التي لا تتجاوز 30 يوماً في العام». ولفت الصنيتان إلى أن «الموظفة لا تُلزم بما ترغب العمل به»، موضحاً أنه حال الإخلال بذلك من المنشأة «يتقدم الموظف بشكوى إلى مكتب العمل، الأمر الذي على إثره تتم مباشرة الحالة من طريق المكتب، «ولدينا قنوات لاستقبال الشكاوى وإدارة القضايا»، مستبعداً «أن يكون قد وصلنا شيء حتى الآن بمثل هذا الشأن». ورجح أن يكون هناك «اتفاق مسبق بين العامل والمنشأة، يترتب عليه زيادة راتب العامل». فيما استبعد معرفته العقوبة التي يمكن فرضها على المنشأة المخالفة لنظام الوزارة، لعدم اطلاعه على نظام العقوبات لأنه «يخصّ الشؤون القانونية»، لافتاً إلى أنه «في حال ثبوت المخالفة، هناك غرامة مالية، ويتم تثبيت ذلك في الحاسب الآلي». «حقوق الإنسان»: الحالة «فردية» رأت هيئة حقوق الإنسان أن الصورة المتداولة لبائعة تنظف الواجهة الزجاجية لمحلّ تجاري، لا تعدو كونها «حالة فردية»، موضحة أن هناك «تنظيماً وضعته وزارة العمل لحفظ هذه القضايا كافة»، مستبعدة أن يتم الحكم على الأحداث كلها بشكل كامل. وقال المتحدث باسم هيئة حقوق الإنسان في السعودية الدكتور إبراهيم الشدي، ل «الحياة»: «إن وزارة العمل وضعت تنظيماً يهدف إلى حفظ خصوصية المرأة، وتوفير مصدر رزق للكثير منهنّ، ممن كن حبيسات المنزل من دون عمل، إضافة إلى أنها تأتي لتجد سيدة مثلها تتعامل معها فيما يخص المستلزمات النسائية.واستبعد الشدي أن يكون الحكم على مثل هذا العمل بهذا الهدف الكبير «سهلاً»، من خلال صورة أو حادثة معيّنة. ولفت إلى أن بعض الصور التي يتم تناقلها في مواقع التواصل الاجتماعي «قد لا تكون دقيقة»، مبدياً أسفه «لأن يكون الأمر على غير الحقيقة التي عُرض لأجلها». وطالب العاملين المعترضين على تكليفهم بمهام غير ملائمة لوظائفهم في المنشآت التي يعملون فيها ب»التقدم بالشكوى إلى الهيئة»، موضحاً أن هيئة حقوق الإنسان تقوم بدورها «بالتأكد من حقيقة الموضوع، والمتابعة مع وزارة العمل حول صحة ما يحصل».