افتتحت الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور في ليبيا، أعمالها في مدينة البيضاء (شرق) أمس، بحضور عدد من أعضاء المؤتمر الوطني العام (البرلمان) والحكومة وسفراء عدد من الدول العربية والأجنبية وممثلين عن بعثة الأممالمتحدة في ليبيا. وعقدت الهيئة اجتماعها الأول في قاعة البرلمان السابق في البيضاء والذي ستتخذ منه مقراً رئيسياً لها. وكان في استقبال الوافدين لحضور الافتتاح في مطار الأبرق في المدينة، أعضاء من مجلسي بلديتي البيضاء وأعيان وحكماء منطقة الجبل الأخضر وممثلون عن مؤسسات المجتمع المدني. واستهلت الهيئة المنتخبة جلساتها بانتخاب القاضي التواتي بوشاح رئيساً لها، وهو من أبناء البيضاء وخبير في القانون الدولي ويعتبر مقرباً من «الإخوان المسلمين». وانتخب الليبيون في شباط (فبراير) الماضي، الهيئة التي تعرف أيضاً باسم «لجنة الستين» نظراً إلى عدد أعضائها الذين يمثلون الأقاليم الثلاثة التاريخية في البلاد، بواقع 20 عضواً عن كل إقليم. ويتوقع أن تضع الهيئة دستوراً جديداً للبلاد على أن يقره البرلمان ويدعو بموجبه إلى انتخابات جديدة تنتهي على أثرها المرحلة الانتقالية. وفي حال تعذر على الهيئة وضع دستور، يتعين عليها إبلاغ البرلمان بذلك، ليصار إلى انتخاب «مؤتمر وطني جديد» تدخل بموجبه البلاد مرحلة انتقالية ثالثة. وتتجسد العقدة الأساسية أمام الهيئة التي يفترض بأعضائها أن يكونوا مستقلين، في طبيعة النظام الذي ستختاره، ذلك أن التيار الإسلامي في المؤتمر، يفضل نظاماً برلمانياً ينتخب على أساسه رئيس البلاد من جانب النواب، فيما تطالب تيارات أخرى، أهمها الليبيراليين، بنظام رئاسي يتاح من خلاله للشعب انتخاب الرئيس العتيد. وتتوجه الأنظار إلى الدور الذي ستضطلع به الهيئة، في ظل الاحتجاجات الواسعة على استمرار المؤتمر الوطني العام في ممارسة مهامه، على رغم انتهاء ولايته في 7 شباط (فبراير) الماضي. ويأمل كثيرون في أن تشكل الهيئة توازناً في المشهد السياسي في مواجهة البرلمان، الذي يرى خصومه أنه بات واقعاً تحت سيطرة كتلة حزب العدالة والبناء (الذراع السياسي للإخوان) وحلفائها. وفي وقت يرى كثير من الخبراء القانونيين الليبيين أن على الهيئة الاقتداء بدستور الاستقلال (1951)، طالب الإسلاميون بأن تتصدر بنود الدستور الجديد مادة تقر بأن «الشريعة هي المصدر الرئيسي والوحيد للتشريع»، علماً بأن مقدمة دستور الاستقلال لحظت أن «الإسلام دين الدولة» وأن «السيادة وديعة للأمة» التي هي «مصدر السلطات». كما يطالب الإسلاميون بالتخلي عن فقرة في دستور الاستقلال تلحظ «حرية المعتقد» للأجانب المقيمين في ليبيا، على «ألاّ يخل ذلك بالنظام العام ولا ينافي الآداب». وبدأت الهيئة التأسيسية أعمالها، بعد استكمال التجهيزات في قاعة الجلسات في مقر البرلمان في البيضاء والقاعات الجانبية لاستقبال الضيوف ومندوبي وسائل الإعلام. كما استكملت تجهيزات للترجمة الفورية وعقد مؤتمرات صحافية، وسيتم منح تراخيص للمؤسسات الإعلامية المحلية والدولية لمتابعة نشاطات الهيئة.