بعد «ذاكرة الجسد»، رواية الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي، يستعدُ المخرج نجدة إسماعيل أنزور لتحقيق عمل تلفزيوني عن رواية الكاتب السوري فواز حداد «جند الله»، فيما تقول أنباء القاهرة إن المخرج المصري أحمد صقر يستعد لتحويل رواية الكاتب المصري يوسف القعيد «قطار الصعيد» إلى عمل درامي أيضاً. أهي انتباهة مفاجئة إلى الرواية العربية تلفزيونياً بعد غيبة طويلة؟ واضح أن الدراما العربية اليوم في أمسّ الحاجة للأدب الروائي في ظلّ غياب الموضوعات الجادة والتي تلامس بعمق الحياة الاجتماعية وما تعيشه من تعقيدات، خصوصاً وقد بات متفقاً عليه قصور السيناريوات الناجحة عن تلبية حاجة السوق الدرامية، واعتمادها في الغالب على كتاب سيناريو من غير المحترفين. الأدب الروائي قد يكون في حالة كهذه مصدراً ثرياً لأعمال درامية يتحقق فيها التوازن بين المضامين العميقة والجادّة، وبين الأشكال الفنية الناجحة. لكننا مع ذلك نعتقد أن الأمر أكثر تعقيداً من هذا كلّه. في الرؤية المتأمّلة لا بد من الانتباه إلى أن الدراما التلفزيونية أصبحت ومنذ زمن طويل «فناً ثامناً»، مستقلاً وله مفرداته الخاصة. وبمعنى أوضح فإن الدراما التلفزيونية باتت تحتاج في شكل ملح لأن تكون لها «رواية تلفزيونية» تشبهها وتحاكي أدواتها التعبيرية، أي أن تتخلّص من ذلك النوع السائد، «الحكائي» والذي يقوم ويتأسس على سرديات بسيطة لا تتجاسر على البنائيات المركبة وما تحمله من مضامين ذات علاقات اجتماعية تتجاوز الخارجي لما هو أبعد منه. الرواية التلفزيونية هي وعاء المعالجات الفنية البصرية لموضوعات متشابكة، متعدّدة الخطوط، ومفتوحة على مساحات مراحل زمنية متكاملة وفيها ما فيها من عوامل التأثير سلبياً وإيجابياً، وهي كوسيلة تعبيرية، فن يعادل الرواية الورقية في تعبيرها عن حياة جماعة ما في زمن ما. مع ذلك تغرينا الأخبار الجديدة بالتفاؤل أن تكون الرواية مرة أخرى، وسيلة لحضّ الروائيين ذاتهم على ارتياد فن السيناريو التلفزيوني، والتخلّص من النظرة السائدة له باعتباره أقرب إلى «هيكل عظمي» لرواية. الرواية التلفزيونية جنس فني – أدبي له جمالياته التي أعتقد أنها قادرة في النهاية على اجتذاب الروائيين وتشجيعهم، فهل ستشهد المراحل المقبلة بعضاً من هذا؟