أفسدت الأحداث الدامية التي شهدتها محافظة الكرك الأردنية أول من أمس، على الأردنيين فرحة الاحتفال بأعياد الميلاد المجيد ورأس السنة، فتقرر إلغاء الاحتفالات في بلدات الفحيص ومادبا والحصن «تضامناً مع شهداء الوطن»، فيما تجددت المخاوف من أن يؤثر الحادث في الواقع السياحي بعد رابع ضربات الإرهاب السنة الحالية. وفيما بدأت الحياة تعود إلى طبيعتها، تم إغلاق قلعة الكرك وإعادة تمشيطها أمنياً، وسط استمرار الوجود الأمني الكثيف في المحافظة وانتشار المفارز الأمنية على مداخلها. كما شيّعت جنازات 6 من رجال الأمن بمراسم رسمية وبمشاركة مسؤولين في الحكومة والأجهزة الأمنية. وكانت الهجمات التي شهدتها المحافظة أسفرت عن مقتل 11 شخصاً، منهم رجال أمن ومدنيون وسائحة كندية، قبل أن يُقتل أعضاء الخلية المسلحة الأربعة الذين امتنعت السلطات عن الإعلان عن هويتهم أو جنسياتهم. ومن بين القتلى قائد المهمات الخاصة في قوات الدرك سائد المعايطة، وهو من أبناء إحدى أهم عشائر الكرك. ورأس أمس العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني اجتماعاً للمجلس الأعلى للسياسات الوطنية جدد خلاله التأكيد أن «الأجهزة الأمنية ستضرب بيد من حديد كل من يحاول المس بأمن الأردن واستقراره». في هذه الأثناء، أقرّ وزير الداخلية الأردني سلامة حماد بأن أحداث الكرك كانت «عملية إرهابية كبيرة» لم تكن تستهدف القلعة فقط نظراً لحجم «الأسلحة والمتفجرات والأحزمة الناسفة المضبوطة». وأمام تضارب الأنباء عن الخلية الإرهابية وجنسيات عناصرها، رفض حماد كشف جنسية الإرهابيين الأربعة أو هويتهم او انتماءاتهم أو خلفياتهم الأمنية إلا بعد انتهاء التحقيقات الأمنية. وكانت روايات أمنية متطابقة أفادت بأن أعضاء المجموعة يحملون الجنسية الأردنية، وأن بعضهم ينتمي الى محافظة الكرك، حتى أن بعض مواقع التوصل الاجتماعي تداول أسماءهم، فيما تحدث شهود عن سماعهم أحد المسلحين يتحدث باللهجة السورية، كما تحدثوا عن قناص ليبي الجنسية. ويدور الحديث عن صلة قرابة تربط اثنين من المسلحين بأردني نفذ عملية بحزام ناسف أعلن تنظيم «داعش» الإرهابي مسؤوليته عنها في سورية. وعزا مصدر أمني تأخر الحسم في العملية الى «محاولات جادة لاعتقال أحياء من المسلحين، وهو ما تعذر بسبب امتلاكهم ذخائر ووجودهم في مواقع محصنة داخل القلعة». وأمام مقتل عناصر خلية الكرك، فإن تحدي «الخلايا النائمة» باغت عناصر القوى الأمنية التي كان عنصر الصدفة سبباً في كشفها، إذ استمعت «الحياة» الى فيديو مسجل نشر على مواقع التواصل الاجتماعي لابن صاحب المنزل المستأجر من عناصر الخلية، وأفاد بأنه لدى سماع صوت انفجار في المنزل، صعد لكشف الموقع، فوجد الباب محترقاً والمسلحين يغلقون على أنفسهم باب إحدى الغرف. ولدى سؤالهم عن صوت الانفجار ادعوا أنه نجم عن انفجار أسطوانة غاز، فيما كانت رائحة البارود تنتشر بالمكان، ما استدعى طلب الشرطة التي تفاجأت بجاهزية المسلحين الذين أطلقوا النار ببرود وفروا من المكان، وفق رواية ابن مالك المنزل، في وقت تحدثت معلومات غير مؤكدة عن شخص يحمل الجنسية السورية قام بتجنيد الخلية من خلال أعمال له في المدينة، وتم اعتقاله، لكن من دون أن تؤكد المصادر الأمنية هذه الأنباء.