أربك الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد جهازي الامن الايراني واللبناني المسؤولين عن أمنه الشخصي، منذ اللحظة الاولى لزيارته لبنان، كاسراً كعادته، البروتوكول المخصص للرؤساء، ومقدماً مشهداً غير مألوف الا خلال زياراته داخل ايران. ربما فاجأت الحفاوة نجاد على طريق المطار، حيث احتشد الناس منذ الصباح الباكر تلبية لدعوة تكررت عبر مكبرات الصوت من سيارات تابعة ل «حزب الله» جابت شوارع الضاحية الجنوبية لبيروت، تحض السكان على الخروج لاستقبال الرئيس الايراني لشكر بلاده على ما قدمته من دعم للمقاومة. «خوش آمديد» باللغة الفارسية او «اهلاً وسهلاً»، جملة ترددت على طول طريق المطار، الذي ازدان بعشرات الملصقات واللافتات المرحبة الى جانب الاعلام الايرانية واللبنانية، مثلما ترددت على الصور التي حملتها ايدي الاطفال والنسوة والشبان والشابات والمسنين الذين راحت اعدادهم تتكاثر مع اقتراب الساعة من الثامنة والنصف صباحاً خصوصاً ان لا موعد معلناً لوصول الطائرة الرئاسية الايرانية الى مطار الرئيس رفيق الحريري الدولي في بيروت. خرج ناس كثر من مساكنهم في الضاحية الجنوبية ومن مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين الى جانب الطريق الممتد من نقطة الكوكودي على طريق المطار وصولاً الى مفرق الاوتوستراد المؤدي الى الحازمية، ووقفوا خلف حواجز حديدية وضعت لمنع تقدمهم الى الطريق يلوحون بالاعلام ويرفعون بالونات بألوان العلمين اللبناني والايراني، وسط تنظيم دقيق من قبل عناصر انضباط مدنيين تابعين ل «حزب الله» الى جانب عناصر الجيش اللبناني. وملأ الناس الارصفة وتسلقوا الابنية قيد الانشاء وجلسوا على الاسوار ورفعوا صوراً لنجاد واخرى لمرشد الجمهورية الاسلامية علي خامنئي الى جانب الامام الراحل الخميني واخرى للامين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصر الله، وسمح لبعضهم بالتواجد على الجسور المخصصة للمشاة الى جانب الكاميرات التي انتظرت اللحظة. ورفع آخرون لافتات ترحيب بتوقيع «عائلات الشهداء» و «مؤسسة الشهيد»، وكست صورة ضخمة لنجاد جانباً من مأذنة مسجد الرسول الاعظم، فيما ترددت الاناشيد التي كتبت للمناسبة عبر مكبرات الصوت الموزعة على الطريق. وطال الانتظار وتردد ان الرئيس ربما سيستخدم مروحية كانت مهيأة على مدرج المطار لنقله الى قصر بعبدا، لكن «السيد» كان طلب منهم التسلح ب «الصبر»، كما قال الشاب حسن الذي جاء من حارة حريك منذ الصباح بعدما اتخذت المؤسسات التربوية في قضاء بعبدا قراراً باقفال المدارس والثانويات والجامعة اللبنانية لمدة يومين للمناسبة، وهو اعتبر ان القدوم لاستقبال الرئيس الايراني «المتواضع، اقل واجب يمكن القيام به لشكر ايران على دعمها لنا ضد اسرائيل، ولولاها لما اعيد بناء بيوتنا في الضاحية». وبين لحظة وصول نجاد في التاسعة وانطلاق الموكب على طريق المطار في التاسعة والدقيقة 40 مسافة زمنية تهيأت فيها اكياس الرز واوراق الازهار، وحين اطل الموكب المؤلف من سيارات سود مصفحة رباعية الدفع يتقدمه الدراجون، حتى ماجت الجموع واشرأبت الاعناق وارتفعت الايدي في الهواء ملوحة، فبطأت حركة الموكب وخرج الرئيس الايراني من فوهة تتوسط سقف سيارة مصفحة وراح يلوح لمستقبليه ويوزع قبلاته عليهم في الهواء رافعاً شارة النصر بكفيه تارة، واخرى ممسكاً بقبضتيه عالياً. الموكب يتحرك ببطء شديد حتى ان مروره من مسجد الرسول الاعظم حتى مفرق مخيم برج البراجنة استغرق عشرين دقيقة، كافية ليخرج الناس من انضباطهم، فازاحوا الحواجز وراحوا يسيرون خلف الموكب الى حين اندفاعه مجدداً في اتجاه قصر بعبدا. وبدا المشهد خارج المألوف، خصوصاً مع اختفاء الجموع كلما توغلت السيارات القليلة الى الطرق المؤدية الى بيروت.