كان هاورد جيكوبسن أول من فاجأ الجمهور بنيله جائزة مان بوكر ليل أول من أمس عن روايته الحادية عشرة «قضية فنكلر»، وكان مرجحاً فوز إيما دونهيو عن «غرفة» وتوم مكارثي عن «ث»، وبقي جيكوبسن خارج المنافسة في عشرة على واحد في مكاتب المراهنات. امتدح السير أندرو موشن، شاعر البلاط السابق ورئيس لجنة التحكيم، الرواية المرحة، البارعة، الحزينة والمرنة، ولفت الى كونها الرواية الكوميدية الأولى التي تنال الجائزة في تاريخها الممتد اثنين وأربعين عاماً. كتب جيكوبسن في «ذا غارديان» الأسبوع الماضي أن هناك خوفاً من الكوميديا في الرواية اليوم، وذكر بعد فوزه أنه كان تعب من تكرار وصفه بأنه لم ينل حقه من التقدير. اعترف أن الفوز خلّصه من الشعور بالمرارة، وأحس أنه يُكتشف بعد ثلاثين عاماً من امتهان الكتابة. كان في الأربعين عندما أصدر روايته الأولى، وقال في 2001 أن بوكر بغيضة وأن الكتب الكئيبة هي التي تفوز سنة تلو الأخرى. في الثامنة والستين هو ثاني أكبر الفائزين ببوكر بعد وليم غولدنغ الذي كان في التسعة والستين، عندما كوفئ بها عن «طقوس البلوغ» في 1980. نال خمسين ألف جنيه استرليني وقال مازحاً إنه سيشتري بها حقيبة يد لزوجته، وسترفع الجائزة مبيع روايته وتزيد عدد اللغات التي ستترجم اليها، وستعزّز أيضاً فرص نيله جوائز أخرى شأن الروايات الفائزة السابقة. يصف الكاتب نفسه ب «جين أوستن اليهودية» ويستكشف في «قضية فنكلر» معنى هويته الدينية - السياسية وانقسام المنتمين اليها، هذا الانقسام الذي تبلوره أزمة رجل من خارجها، يقرّر فجأة أن خلاصه فيها. جوليان ترسلوف موظف سابق في إذاعة بي بي سي عصيَه النجاح المهني والعاطفي، وعجز عن ملء الخواء في حياته. كثرت علاقاته التي أثمرت ابنين من امرأتين لكنه فشل في إقامة ارتباط متين واحد، وجهل طريقة التواصل المرضي مع ولديه. ينجح وسط خيبته في الحفاظ على صداقته مع سام فنكلر، زميل الدراسة، ومعلمهما يومذاك ليبور سيفيك، التشيكي. يتجه ذات مساء الى منزل سيفيك الفخم في ريجنتس بارك، لندن، لتناول العشاء مع صديقيه، وهو يجهل كم ستغير تلك الأمسية مساره الراكد. كان فنكلر فيلسوفاً يقبل القراء على مطالعة كتبه وتستضيفه برامج التلفزيون بانتظام، وأثار نجاحه غيرة ترسلوف الذي تساءل عن سره وعجز دوماً عن محاكاته. كان كل من فنكلر وليبور فقد زوجته حديثاً، واعتبر كلاهما ترسلوف أرمل شرف لافتقاره الى شريكة. استرجع الأصدقاء الثلاثة حياتهم منذ بداية علاقتهم، وبدوا كأنهم يقيّمونها ويتساءلون ما إذا كان من الأفضل للمرء أن يجد الحب ويعرف قيمة السعادة لتحطم الخسارة قلبه، على ألا يعثر عليه ويتجنب بالتالي الحزن والوحدة. صادق ليبور مارلين مونرو ومارلين ديتريش لكنه لم يبهر بوهج هوليوود وأميركا، وبقي مفتوناً بزوجته مالكي، عازفة البيانو التي توفيت في الثمانين وتركته يتابع حياته في التسعين كأنها لا تزال معه. تمسّك برومنطيقيته وأوروبيته وسعة اطلاعه في حين كان فنكلر بريطاني الهوى والطبع، وكتم حزنه على زوجته التي توفيت بعد إصابتها بالسرطان. يختلف الصديقان أيضاً في تعبيرهما عن يهوديتهما. يعارض فنكلر سياسة إسرائيل ويدعوها «فلسطين» وينضم الى جمعية «اليهود الخجلون» غير أنه يصدم من الدعوات الأكاديمية المتكررة في بريطانيا الى مقاطعتها. ابنه الذي يشبهه يشارك في تظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ويضرب يهودياً ولا يدرك الالتباس في سؤاله: «كيف أكون لاسامياً وأنا يهودي؟». كان الكاتب الأسترالي بيتر كيري بين المرشحين للجائزة، واستبعد فوزه بعدما حازها مرتين. وبرزت رواية إيما دونهيو «غرفة» في مكاتب المراهنات. ديمون غالغوت الجنوب أفريقي رشح عن «في غرفة غريبة». وضمت اللائحة النهائية أندريا ليفي الجامايكية الأصل في روايتها «أغنية طويلة». وتدفقت المراهنات بقوة على «ث» لتوم ماكارثي الأسبوع الماضي.