بعد أسبوع على تفجيرين دمويين تبنّتهما حركة «صقور حرية كردستان» المتشددة القريبة من حزب العمال الكردستاني، واستهدفا شرطيين قرب ملعب نادي بشكطاش لكرة القدم في مدينة إسطنبول حيث سقط 44 قتيلاً، فجر انتحاري سيارة مفخخة لدى مرور باص أقلَّ جنوداً كانوا في مأذونية وقصدوا السوق المحلية في مدينة قيصرية (وسط) التي تعتبر مركزاً صناعياً هادئاً نسبياً، ما أسفر عن مقتل 13 منهم وجرح 56. وأظهرت صور بثها التلفزيون تحوّل الباص إلى هيكل يتصاعد منه الدخان بسبب قوة الانفجار، ثم أعلنت السلطات اعتقال 7 مشبوهين في التفجير وبحثها عن خمسة آخرين. ونسب مسؤولون حكوميون التفجير إلى حزب العمال الكردستاني، مشيرين إلى استخدام مواد مشابهة لتفجيري إسطنبول الأسبوع الماضي. لكن حزب الشعوب الديموقراطي المؤيد للأكراد ندد بالهجوم، وأعلن أن حشداً اقتحم مقره المحلي في إسطنبول وخرّب مكاتبه ومحتوياته، وحرق وثائق داخله. وفي بيان أُرسل إلى وسائل إعلام من دون أن يذكر اعتداء قيصرية تحديداً، قال الرئيس رجب طيب أردوغان إن «الاعتداءات الإرهابية تستهدف إلى جانب شرطيينا وعسكريينا، مواطنينا ال79 مليوناً». وأكّد أردوغان أن تركيا «تتعرّض لهجمات من التنظيمات الإرهابية، خصوصاً حزب العمال الكردستاني، من أجل إعاقتها والقضاء على قوتها وتشتيت تركيزها وطاقتها وقواتها في أماكن أخرى، ونعلم أن الهجمات ليست منفصلة عن التطورات في منطقتنا، خصوصاً في العراق وسورية». وتعهّد قتال هذه التنظيمات «بلا هوادة في جو من التعبئة الوطنية»، علماً أنه كان توعّد إثر هجوم 11 الجاري «بمكافحة لعنة الإرهاب حتى النهاية، وجعل المخططين والمنفّذين يدفعون ثمناً باهظاً». وأعقب ذلك اعتقال الشرطة 560 مشبوهاً لعلاقتهم ب «الكردستاني» أو ببث دعاية مؤيّدة له، وبينهم أعضاء في حزب الشعوب الديموقراطي المؤيد للأكراد. وكان الجيش التركي صعّد عملياته ضد «الكردستاني» صيف 2015، بعد هدنة استمرت سنتين ونصف السنة وتلت نزاعاً حصد أكثر من 40 ألف قتيل منذ 1984. كما أطلقت السلطات حملات تطهير واسعة وصلت إلى حد اعتقال أشخاص في أوساط مؤيدة للأكراد، إثر محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 تموز (يوليو) الماضي والتي اتهمت الداعية الاسلامي فتح الله غولن المنفي اختيارياً في الولاياتالمتحدة بالوقوف وراءها، وهو ما ينفيه. ودعا نعمان قورتولموش، نائب رئيس الوزراء، حلفاء تركيا إلى وقف دعم المتشددين، في تصريحات تبدو موجهة إلى واشنطن. وقال: «هذا ما نتوقعه من أصدقائنا. ليس مجرّد بضع رسائل إدانة، بل أن يقاتلوا معنا ضد هذه المنظمات الإرهابية على أرضية واحدة». ونددت الولاياتالمتحدة بالهجوم، فيما أبلغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره التركي أردوغان استعداد موسكو لزيادة التعاون في الحرب ضد الإرهاب، مؤكداً أن الردّ على مثل هذا الهجوم «يجب أن يكون عبر الكفاح الصارم ضد الجماعات المتشددة».