ما زلنا نفتقد جون لينون. كان العضو الراحل في فريق البيتلز ليتم السبعين من عمره في التاسع من تشرين الاول (اكتوبر). وعلى رغم مرور ثلاثين سنة مذاك المساء البارد عندما أطلق مختل النار عليه أمام شقته في نيويورك، إلا أن عالم الموسيقى ما زال يحتفل بالراحل. بل أن عدة احتفالات تقام له في واقع الأمر. هذا من دون الإشارة الى فيلمين ومعرض مخصص له في متحف «غرامي»، وإصدار محدود من غيتارات «غيبسون» (من النموذج الذي اعتاد لينون العزف عليه أثناء مشاركته في فرقة البيتلز)، واجتماعات لفرقته القديمة قبل انضمامه إلى البيتلز»، «كواريمان» وللأخرى «بلاستيك اونو باند» (التي شارك فيها بعد تركه «البيتلز)، وأداء مشترك لأرملته يوكو اونو وللمغنية ليدي غاغا في الثاني من تشرين الأول وإصدار كل اغنياته المنفردة في مجموعة واحدة. وبعد 30 عاماً من موته، تحول لينون من نجم إلى أيقونة فأسطورة. لقد أمضى هواة لينون أعواماً منصرفين إلى دراسة كل تفصيل في حياته مغذين تجارة غنية تشمل التسجيلات غير الرسمية وبقايا بطاقات الحفلات التي أقامها والتوقيعات التي منحها للمعجبين. بل أن حمامه بيع بأكثر من14 ألف دولار في مزاد علني هذا العام. أما اسطوانة «بيتلز 1» التي صدرت عام 2000 وضمت الأغنيات 27 للفرقة والتي سجلت نجاحات كبيرة، فقد باعت 11.7 مليون نسخة لتكون الاسطوانة الأكثر مبيعاً في العقد. وهذا ليس إنجازاً بسيطاً لفرقة لم تعد موجودة منذ عام 1970. أما ما نعرف عن جون لينون فهو أنه عاش أربعين عاماً وشهرين. وشكّل ثلاث فرق موسيقية وتزوج مرتين وانجب ابنين. وفي الفيلم البريطاني «صبي اللامكان» (نوير بوي) الذي ظهر عام 2009، يبدو لينون (الذي أدى دوره الممثل آرون جونسون) قد عاش طفولة بائسة حيث الأب غائب فيما أوكلت أمه تربيته إلى عمته وانضم إلى أول فرقة موسيقية وهو في الخامسة عشرة من العمر. وأصدر ثلاث عشرة أسطوانة مع «البيتلز» وما بين سبع واحدى عشرة اسطوانة منفرداً. ومثّل في أفلام وكتب الشعر ورسم عدداً من اللوحات المخربشة التي بيعت، مع ذلك، بآلاف الدولارات. ولديه اليوم أكثر من ستمئة الف معجب على الفايسبوك (للبيتلز 8 ملايين معجب على الموقع ذاته). تجاوب لينون مع الشهرة بتقدير ما وفرته له رغم أنه تعامل مع الشهرة بتوجس. وسبب له حسه الجاف بالدعابة بعض المشكلات. كان يتسم بالمرح في الأيام الطيبة. وجرى التغاضي عن إدمانه قصير الأمد على الهيرويين وعلاقته المضطربة بابنه الاول وانفصاله الذي استمر 18 شهراً عن أونو وغيرها من التصرفات. كان لينون عضو البيتلز الذي لا يمكن التكهن بتصرفاته والذي لم يشعر بالخطر. واتسم بول مكارتني بالنظرة ذاتها وبالسلوك الودود ذاته طوال فترة عمل «البيتلز» الملتهبة. لكن لينون ظل يتغير. لقد اصبح شغوفاً بالفن ثم سياسياً فبوهيمياً ومؤيداً متحمساً للسلام. وعندما ظهر هو واونو في السرير معاً أثناء شهر عسلهما، أعلن ان «الحرب انتهت! (إذا أردتم)» على لوحات الاعلانات لأغنية «ايماجين» (تخيلوا)، وذلك بغض النظر عن ان الرسالة تلك لم تتحول أبداً إلى حقيقة. همه الحقيقي هو الاسلوب الذي يجعل الناس يشعرون بالارتباط بالأحداث. * صحافية، عن «تايم» البريطانية، 18/10/2010، إعداد حسام عيتاني