هاجمت قوات «الناتو» في آخر أيلول (سبتمبر) الماضي موقعاً لقوات حرس الحدود الباكستانية في منطقة كورام القبلية. وردت الحكومة الباكستانية بإغلاق معبر طورخم الذي يصل ما بين بيشاور والطريق الدولي المؤدي إلى كابول. بإغلاق معبر طورخم أصبحت الشاحنات الباكستانية وسائقيها أهدافاً ثابتة للمسلحين وهجماتهم حيث ازدحمت الطرق بالشاحنات. ويرى بعض المحللين أن باكستان ستستخدم سلاحها وورقتها هذه في المرحلة الأخيرة لتسوية الأوضاع في أفغانستان أو لابتزاز المجتمع الدولي من أجل مساعدات مالية أكثر. في الحقيقة فإن الناتو والولاياتالمتحدة حاولا مراراً تجنب الوقوع ضحية الاعتماد على الطريق الوحيد عبر باكستان من خلال تفعيل خط المواصلات الشمالي عبر دول وسط آسيا. لكن هذا الخط لن يؤتي ثماره بسبب بعض المعوقات الديبلوماسية والسياسية واللوجيستية. وبينما إيران لها ميناء تشاهبهر الموصول بطريق بري مع أفغانستان، فإن قلة يمكنهم التفكير في استغلال هذا الميناء كخيار بديل لما بين إيران والدول الغربية من مشاكل. وأثر الهجمات من وجهة نظر المسؤولين الأميركيين كان محدوداً وكان له صدى إعلامي أكثر من كونه تهديداً استراتيجياً. فالمئة وعشرون أو أكثر من الشاحنات لا تشكل إلا أقل من واحد في المئة من حجم النقل الشهري لقوات الناتو. و عصابات شركات الشاحنات والعصابات المنظمة والجماعات المسلحة كلها تجبي الأموال من هذا النظام. البشتون يسيطرون على تجارة الشحن في باكستان، ويمثلون العصب المالي الأهم في خطوط التوريد. السائقون وشاحناتهم عليهم دفع الإتاوات لرجال الشرطة الباكستانيين وأمثالهم من الموظفين الحكوميين لتأمين الممر الآمن لشاحناتهم. وينال المسلحون والعصابات المنظمة نصيبهم من هذه الأموال المدفوعة مقابل تأمين ممر للشاحنات لأفغانستان. كما أن التجار ومهربي البضائع للأسواق ينالون نصيبهم. وتباع حاويات النقل عبر مزاد علني يقوم المشترون ببيع محتوياتها في سوق بارا أو أسواق التهريب. وبعض من محتويات هذه الشاحنات وجد طريقه ليصل إلى يد الجماعات المسلحة في باكستان. الشاحنات القادمة إلى أفغانستان تفرغ حمولتها من الوقود بأسعار قليلة. ثم، بكمية قليلة من الوقود يتم مهاجمة وإحراق الشاحنة. و ثم تقوم الشركة صاحبة الشاحنة بتسجيل قضية لدى شركات التأمين للحصول على تعويض عن الشاحنة المحترقة وكمية الوقود التي كانت تحملها. إذاً، كيف يمكن إنهاء هذه المهزلة؟ باكستان ستذكر الولاياتالمتحدة بأن الحاجة لباكستان ملحة جداً. والولاياتالمتحدة ستذكر باكستان بأنها بحاجة ماسة إلى الدولارات الأميركية لإبقاء اقتصادها على قيد الحياة، وأن المساعدات الأمنية والعسكرية الأميركية لباكستان مرهونة بمساعدة باكستان لأميركا في الحرب على الإرهاب. * صحافية، عن «فورين بوليسي» الاميركية، 8/10/2010، اعداد جمال اسماعيل